السبت، 9 يناير 2010

من قتل الجندي المصري أحمد شعبان ؟؟


مَنْ قتل الجندي المصري على الحدود؟!!
بقلم: محمد السروجي- كاتب مصري
حالة من الفوضى والعشوائية على الحدود بين مصر وقطاع غزة المحاصر منذ سنوات، فوضى في الممارسات والإجراءات.. في الأقوال والتصريحات.. في الأحكام والقرارات، فكان الحصاد المر- وكالعادة- مقتل المجند المصري أحمد شعبان 21 عامًا، وإصابة 15 من الشرطة المصرية، و11 من أعضاء القافلة التي ضمت نوابًا برلمانيين وناشطين حقوقيين وإعلاميين من 40 دولةً عربيةً وأوروبيةً هذا بخلاف ردود الأفعال الرسمية والشعبية لبعض البلدان المشاركة في القافلة، فكانت التظاهرات الحاشدة أمام السفارة المصرية في إسطنبول وعمان، فضلاً عن التدخل الدبلوماسي الفوري من الجانب التركي، متمثلاً في رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو- الذي طلب وفورًا من الوزير أبو الغيط الإفراج عن القافلة دون شروط- هذا الفريق البارع الذي يستطيع وبمهارة فائقة التوظيف الإيجابي للأحداث، وكسب مساحات جديدة لتركيا القادمة، رغم أنوف الحمقى والكسالى.

وعلى الطرف الآخر حالة الصبيانية وعدم الرشد التي أصابت الدبلوماسية المصرية التي تتحرك وتفكر بعقلية أمنية بحتة، وكأنها لا تعلم عن الدبلوماسية شيئًا، حين أدخلت نفسها ومعها مصر الكبيرة القديرة هذا النفق المظلم والضيق ضيق أفق هذه الدبلوماسية العرجاء، دخلت معركة من النوع الفشنك وأرادت تحقيق انتصار وهمي- يعوض إخفاقاتها المتتالية- على مجموعة من الناشطين والحقوقيين المتضامنين مع شعب غزة الذي يحاصره الصهاينة والعرب سواء بسواء.

معركة وهمية أرادت الخارجية المصرية أن تؤكد شعارًا صبيانيًّا، مفاده "لا يمكن لي الذراع المصرية"! متناسية أن الذراع المصرية قد أصابها الشلل بسبب السياسات الفاشلة والعقيمة والمتخلفة التي تُدار بها البلاد، ومتناسية أن الذراع المصرية- وللأسف الشديد- تُلوى يوميًّا، وخير شاهد هذا الجدار الفولاذي الذي اُتخذ قرار بنائه في واشنطن بين ليفني ورايس بعيدًا تمامًا عن الوجود المصري، ووقتها هاج النظام معتبرًا أن القرار اعتداءٌ على السيادة المصرية، ثم كان ما كان من الخضوع والتنفيذ وتجييش الإعلام الحكومي والموالي لعزف سيمفونية الفزاعة الموسمية المسماة بالأمن القومي والسيادة الوطنية، وهم أبعد ما يكون عنها بل وأخطر ما يكون عليها!

للأسف الشديد موضوع القافلة أُدير بطريقة متخلفة، وكان من الممكن أن يُدار بطريقة حضارية تليق بمكانة مصر عقل وقلب العروبة والإسلام، طريقة تحقق الكثير من المكاسب والإنجازات، طريقة تجمع بين السياسة والثقافة والسياحة وأمور أخرى؛ لكن عندما يُحرم هذا النظام التوفيق، ويترك كل أسباب النجاح، ويمسك بكل أسباب الفشل لا يكون إلا ما كان! كان من الممكن أن تُزاح العقلية الأمنية جانبًا، وتُستدعى العقلية السياسية والدبلوماسية لتحسين الصورة الذهنية لدى العالم أو على الأقل لدى 40 دولة مشاركة في القافلة عن النظام المصري، والمتهم بإحكام الحصار على غزة، وكان من الممكن توظيف الحدث لتخفيف الاحتقان الشعبي لدى سكان غزة المحاصرين منذ سنوات، والذين يزداد يقينهم يوميًّا أن النظام المصري شريك متضامن في حصارهم، وكان من الممكن توظيف الحدث لتفويت الفرصة على المعارضة المصرية بعمل إنساني وإسلامي، وكان من الممكن توظيف الحدث لإثبات أن النظام المصري وسيط نزيه وضامن أمين على المصالحة بين فتح وحماس، وكان من الممكن الكثير؛ لكن وللأسف الشديد جاء الحدث في السياق الطبيعي لنظام الإدارة القائم على فن إضاعة الفرص وصناعة الأزمات، هذا هو القاتل الحقيقي للمجند المصري.. رحم الله الشهيد أحمد شعبان، ورحمنا الله جميعًا من هذا النظام وإدارته الفاشلة.

0 التعليقات:

الحقوق محفوظة لـ - مدونة المرايا المستوية | الإخوان المسلمون