السبت، 15 يناير 2011

صيام الثلاثة أيام البيض .. تبدأ من الأثنين القادم

نذكركم أيها الأفاضل بصيام الأيام البيض وهي كما يلي:
جدد النية وذكر الأهل و الاصحاب بالصيام
 
اليوم
هجري
ميلادي
الاثنين
13 / صفر/ 1432
17/ 1/ 2011
الثلاثاء
14 /صفر/ 1432
18/ 1/ 2011
الاربعاء
15 /صفر/ 1432
19/ 1/ 2011
 
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي بثلاث: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، و ركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام
صحيح البخاري
 
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صوم ثلاثة أيام من كل شهر .. صوم الدهر كله"
متفق عليه
 
عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا صمت من الشهر ثلاثا فصم ثلاث عشرة، و أربع عشرة، و خمس عشرة"
رواه الترمذي
 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا "
رواه مسلم
 
فصم أخي الحبيب يوماً شديد الحر لتتق يوماً أحر منه .. ولتعد نفسك ليوم قد لا تجد فيه طعاماً ولا شراباً
 
ضاعف أجرك بتذكير صحبك

الأنظمة العربية وأزمة الشرعية

إن المتأمل للمشهد السياسي العربي اليوم يلاحظ أزمات سياسية حادة تجتاح معظم
الدول العربية، تهدد بعضها بالتشطير، وبعضها بالفتنة الطائفية، وبعضها بالفوضى
وثورات الجياع.. وبغض النظر عن مبرر التدخل الخارجي الذي يرفعه الرسميون (عن حق
أو باطل) فإن كل هذا الذي يحدث يجد له أسسا تمتد عميقا في تربة المناخ السياسي
الفاسد، الذي يسود هذه الدول ويرتبط في جانب كبير منه بقضايا الاستبداد والفساد
والتكالب على البقاء في السلطة والولاء للأجنبي، التي يمكن اختصارها في قضية
واحدة هي أزمة الشرعية التي يفتقد إليها النظام الرسمي العربي برمته.
فما هي ملامح هذه الأزمة؟ وما الذي أفضت إليه؟ وقبل هذا وذاك ما الذي نقصد إليه
بالشرعية في حقل الفكر السياسي الحديث وما هي أسسها؟
إن التأسيس النظري لفكرة الشرعية، كما تقوم عليها الدولة الديمقراطية، تنبني
على أساس أن الشعب هو مصدر السلطات جميعا، وأن التفويض الذي يمنحه لحكامه ليس
دائما (بمعنى الامتداد في الزمان) ولا مطلقا (بمعنى الحرية التامة في التصرف)
وإنما هو خاضع لقوانين تنظم الكيان السياسي من خلال ضوابط محددة هي التي نسميها
الدستور. فالدولة الديمقراطية تفترض أن أي شرعية لا تكتسب إلا من خلال علاقة
قانونية سلمية يكون فيها القانون هو الضامن لحقوق الأفراد وكل الفئات المؤطرة
بثقافة الحوار والنقاش العمومي والمُحلة لسلطة القانون محل سلطة القوة السافرة
هذا على المستوى النظري، وبما أن الممارسة قد تؤدي أحيانا إلى بعض التراجعات
والاخلالات، فإن الديمقراطية لها آليات تحمي بها وجودها، من خلال اعتمادها على
مؤسسات قائمة على توازي السلطات وتقابلها ومراقبتها لبعضها البعض، بحيث لا
ينزاح النظام السياسي إلى حكم فردي أوتوقراطي يتمتع فيه الحاكم أيا كان بسلطات
مطلقة وغير محدودة.
وبمقارنة بسيطة مع أنظمة الحكم العربية نجد أن كل الشروط التي تمنح الحاكم
شرعيته غائبة بصورة شبه كلية تقريبا، حيث أن غالبية الحكام العرب، في ما يسمى
جمهوريات، جاءوا إلى السلطة بانقلابات عسكرية، أي من خلال سلطة الأمر الواقع،
وبغض النظر عن الانتخابات التي يجريها الحكام في ما بعد، فإن هذه الأنظمة تبقى
غير شرعية لأنها تتأسس على القوة وليس على الحق، فالقوة لا تؤسس شرعية قانونية،
بل مجرد حصافة أي حساب ذكي للمصلحة (مصلحة الحاكم وليس الشعب) تفرضه توازنات
القوى بين أجنحة النظام (العسكرية أو الطائفية أو العشائرية والعائلية) وإن فرض
شرعية الدولة قد تحول إلى خوف وعنف لا يبرره القانون وتبرره إرادة الحاكم. وحتى
الدول العربية التي تحكمها أنظمة الملكية التي تستمد شرعيتها مما يسميه ماكس
فيبر 'نفوذ الأمس الأبدي' فإن هذا الملْك يؤسس مشروعية مطلقة لممارسة الاستبداد
والهيمنة مستخدما حجة الأمن والسلم الاجتماعي، بحيث تتم المماثلة بين القانون
وإرادة الحاكم، أو إنها تحل محله. أما العدل في منطق الدكتاتوريات العربية فهو
أن يتنازل المواطن العربي عن كل حق مقابل أن لا يتنازل الحاكم عن أي حق بدعوى
حفظ امن الدولة وتوفير العيش الكريم، غير أن كل مراقب نزيه يلاحظ أن أنظمة
الحكم العربية ومنذ الاستقلال، فشلت تماما في تحقيق ما وعدت به، فلا هي تمكنت
من إرساء أسس السلم الاجتماعي (فوضى، حروب أهلية، فتن طائفية..) ولا هي تمكنت
من تحقيق عيش كريم للمواطن (بطالة، جريمة، فساد مالي ورشوة ومحسوبية..) وبهذا
المعنى فقدت الأنظمة العربية كل شرعية مفترضة لها، فهي لم تأت بتفويض شعبي
وانتخابات حرة معبرة عن إرادة المواطنين، وفي ذات الوقت عجزت عن تحقيق الرخاء
الذي ظلت تعد به طويلا بعيدا عن معدلات النمو الوهمية والاستقرار الكاذب الناجم
عن القبضة الأمنية المشددة، بل راكمت المزيد من الأزمات والمشاكل التي تهدد كل
لحظة بالانفجار في شكل فوضى وعنف غير محسوب العواقب (النموذج التونسي على سبيل
المثال)..
والمشكلة أن الحكام العرب يطيلون أمد الأزمة من خلال السعي الدائم إلى التمديد
(بعضهم جاوز الأربعة عقود) والتوريث (المثال السوري وسعي أنظمة أخرى للسير على
خطاه) فجميعهم يحكمون بلدانهم منذ عقود من خلال أجهزة بوليسية تحكمها الهواجس
الأمنية وتأخذ الناس بالشبهة وتمارس العنف على الشعب وكأنها في حرب معه لمنعه
من حق التعبير والاحتجاج.
إن انتشار حالات العنف والفوضى والأزمات الاجتماعية والسياسية الخانقة على
امتداد الوطن العربي، إنما هي نتاج أزمة الشرعية التي تعانيها الأنظمة الحاكمة،
والتي من خلال إصرارها على البقاء إنما تبشر بمزيد من الاضطرابات والانتفاضات
لا يمكن توقع مداها.
أخيرا يمكن القول ان الأنظمة العربية لم تدرك المعنى الحقيقي لوجود الدولة،
فالدولة لم توجد لتلغي حرية الإنسان أو تقيده بالعنف والاستبداد، و'إنما وُجدت
لتحرر الإنسان من الخوف' كما يقول سبينوزا ولتضمن له حقوقه الأساسية التي يتمتع
بها بمقتضى إنسانيته، ولكن الأنظمة العربية ضلت السبيل ورأت في الحكم غنيمة،
وفي أجهزة الدولة أداة لممارسة التسلط، وفي الثقافة سبيلا للتضليل والخداع، وفي
الإعلام وسيلة للكذب والدعاية.. وبعد هذا يتساءل البعض لماذا لا زلنا نراوح
مكاننا في ذيل قائمة الدول الأشد تخلفا..!


*سمير حمدي*
*القدس العربي*

الحرية أو الطوفان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهاخواتى فى الله.
الكل منا يدرك وضع أمتنا وما هي عليه الان, كما نعلم أنها رغم تسلط أعدائها عليها, تشهد أمتنا إرهاصات نهضة ومقاومة للتيارات المعادية والرجعية. هنا يكون واجبنا جميعاً في التعريف بالعلماء الصادقين الصادعين بالحق -كما نحسبهم- ونشر علمهم ومؤلفاتهم في كل وقت ومكان لنكون سبب فعالاً في النهضة.

ومن هؤلاء الأمين العام للحركة السلفية وحزب الأمة الكويتي والمدرس بكلية الشريعة في الكويت ـ الدكتور حاكم المطيري, الذي أصدر عام 2003 كتاب "الحرية أو الطوفان" وهو عبارة عن دراسة موضوعية قيمة للخطاب السياسي الشرعي ومراحله التاريخية.

موضوع الكتاب ذو أهمية بالغة لأنه يتناول مسألة الإمامة العظمى والولايات العامة في الأمة ويطرح تساؤلات كثيرة تشكل للقارئ فكرة عن واقعنا وما يجب أن يكون.

الكتاب ممنوع في أكثر البلدان, ومن حسن الحظ وجود نسخة إلكترونية لمن لم يقرأه بعد.

رابط الكتاب:

http://www.4shared.com/document/ws8DjhwW/___online.htm

الجمعة، 14 يناير 2011

أحد الحكام العرب .. والبقية تأتى ... "أعمل ما شئت فكما تدين تدان"

زين العابدين بن على.. 23 عامًا من حكم تونس بقبضة أمنية بعد الانقلاب على بورقيبة وقصة خروجه من السلطة بعد القبض على عائلة زوجته فى المطار .. ومحمد فائق: ذهبت إليه للوساطة للإفراج عن معارضة فرفض

الجمعة، 14 يناير 2011 - 19:59
رحل الرئيس التونسى زين العابدين رحل الرئيس التونسى زين العابدين
كتب محمد ثروت
Bookmark and Share Add to Google
وأخيرا رحل الرئيس التونسى، زين العابدين بن على عن السلطة مضطرا بعد ثورة شعبية عارمة انطلقت من سوسة مسقط رأسه إلى جميع أنحاء البلاد.

تولى بن على رئاسة تونس فى 7 نوفمبر 1987 بانقلاب أبيض على الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.. الذى كان مصابا بالشيخوخة والعجز وحكم عائلته " بورقيبة الابن وزوجته السيدة وسيلة وأطلق بن على هذا الانقلاب " تحول السابع من نوفمير وكان يحتفل به كل عام ويوزع النشرات والإعلانات المدفوعة على الصحف المصرية والعربية.

انتخب بن على رئيسا للجمهورية فى انتخابات سنة 1994 و1999، وفى 2002 أجرى بن على تعديلا دستوريا مكنه من الترشح لفترة رئاسية جديدة فى 2004 وفاز فيها بـ94.4%، ثم ترشح مجددا فى 2009 لولاية خامسة وفاز بنسبة 89.62% من أصوات الناخبين.

عرفت الفترة التى تقلد فيها زمام السلطة بتوترات سياسية واقتصادية أبرزها تصاعد الاتجاه الإسلامى والصراع على السلطة أواخر أيام بورقيبة.

واللافت للنظر كما تقول قناة الجزيرة القطرية ووسائل إعلام عربية وعالمية أنه تحت رئاسة بن على لتونس، عرفت البلاد نموا اقتصاديا وصنفت تونس مرات عدة الأولى أفريقيا فى التنافسية الاقتصادية ومعدلات النمو حسب أرقام هيئات دولية مستقلة.غير أن هذا النجاح الاقتصادى لم يخف انتقادات لنظام بن على من قبل الهيئات الحقوقية الدولية إزاء انتهاكات لحقوق الإنسان وقمع المعارضين وفرض رقابة شبه كلية على الإعلام وحرية التعبير.

وقد اتهمت عدة منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات إضافة إلى وسائل إعلام غربية عديدة بن على بأنه دكتاتور، وقد وضع سنة 1998على قائمة أسوأ عشرة أعداء لحرية الصحافة بالعالم، وقد ذكر "لليوم السابع" الوزير محمد فائق رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان سابقا أنه ذهب مع وفد حقوقى عربى للرئيس السابق بن على للإفراج عن المعارضة التونسية راضية نصراوى فقال له يا أخ فائق لقد تحدثت عنى راضية وشتمتنى وعائلتى فى بيت صديقتها ولن أفرج عنها " أما الطاهر بلخوجة أستاذ بن على فى السياسة وزير الداخلية السابق فأكد لى أن بن على حقق استقرارا بقبضة أمنية، لكنه لم يتعلم من درس الزعيم بورقيبة.

منذ أواخر عام 2010 وحتى الآن، شهدت تونس أول أزمة بفترة حكمه وصفت بالأخطر فى تاريخها بعد تصاعد الاحتجاجات والتحركات الشعبية فى كامل تراب الجمهورية أوقعت عشرات القتلى والجرحى، تنديدا بالبطالة والفساد والمحسوبية.


تزوج بن على من نعيمة الكافى سنة 1964 وأنجب منها ثلاث بنات هن غزوة زوجة رجل الأعمال سليم زروق، ودرصاف زوجة رجل الأعمال والإدارى الرياضى الشهير سليم شيبوب وسيرين زوجة رجل الأعمال مروان مبروك.

سنة 1980 تعرف بن على على ليلى طرابلسى عندما كان وزيرا للداخلية، ليتزوجها بعد أن طلق زوجته الأولى نعيمة سنة 1988، والغريب أنه قامت قوات الجيش التونسى بالقبض على عائلتها قبل رحيل زوجها بقليل وتنحيه عن السلطة.

أنجب بن على من ليلى بنتين وولدا. نسرين متزوجة منذ 2004 من رجل الأعمال محمد صخر الماطرى نجل الضابط منصف الماطرى الذى حكم عليه بالإعدام ثم أعفى عنه بتهمة التخطيط لاغتيال بورقيبة سنة 1962.

فى 1992 رزق بن على بابنته الثانية من ليلى، حليمة. وفى فبراير 2005 رزق بن على بأول ابن وهو محمد زين العابدين.


ومن أهم المحطات فى حياة الرئيس التونسى السابق زين العابدين بن على من مواليد 3 سبتمبر 1936 بمدينة حمام سوسة، هو ثانى رئيس للجمهورية التونسية بعد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وذلك منذ 7 نوفمبر 1987.

وهو خريج المعهد الفنى بسوسة، والتحق بالجيش سنة 1958 ثم واصل تكوينه العسكرى بأحد المعاهد العسكرية فى مدينة سان سير بفرنسا.

تولى بن على عدة مهام، فعمل ضابطا فى أركان الجيش حين تم تأسيس إدارة الأمن العسكرى سنة 1964، ومديرا عاما للأمن الوطنى سنة 1977.

عين سفيرا فى بولندا سنة 1980، وتولى مجددا الإدارة العامة للأمن الوطنى سنة 1984، كما عين وزيرا للأمن الوطنى سنة 1985.

أصبح عضوا فى الديوان السياسى للحزب الاشتراكى الدستورى سنة 1986، وأمينا عاما مساعدا للحزب ثم أمينا عاما للحزب بعد ذلك.

عين وزيرا للداخلية بحكومة رشيد صفر ثم عوضه كوزير أول، مع الاحتفاظ بوزارة الداخلية سنة 1987.

الكلمات الأخيرة لحاكم من حكام العرب ... قبل الرحيل

الخميس، 13 يناير 2011

حوار مع صديقي المسيحي


                                                                    
صديقي المسيحي : نحن أصحاب البلد و أهلها الأصليين و انتم جيتو علينا ... فلازم يكون لنا وضع مميز..
أنا          : طيب تعالي نراجع الأحداث... لما دخل عمرو بن العاص مصر كان قوام جيشه حوالي 5000 جندي مسلم و دخلوا مصر و حاربوا الحامية الرومانية في العريش حتي وصلوا إلي الدلتا ثم في الإسكندرية حتي طردوا الرومان تماما و وجد المسيحيون المصريون في الغزاة المسلمين المخلص لهم من طغيان الرومان فأجابوهم و أحبوا دينهم و دخلوا فيه أفواجا و لم يسجل التاريخ سواء المؤرخين المحايدين أو مؤرخي الكنسية أي حوادث اضطهاد لمسيحيي مصر للدخول في الإسلام قسرا فأسلم حوالي 90 % من مسيحيي مصر طواعية ... فإذا أنا و أنت أجدادنا مصريون مسيحيون و ليسوا من جزيرة العرب من الغزاة الفاتحون و دخل أغلبية أولاد أجدادنا طواعية في الإسلام و بقيت أقلية منهم علي مسيحيتهم حتي اليوم ... إذن نحن جميعا أهل مصر الحاليون مسلمين و مسيحيين أصحاب هذا البلد و أهلها الأصليين... ثم إن كل من تبقي من جيش عمرو (حوالي 3500 جندي) بعد استشهاد 1500 منهم في المعارك مع الرومان خرجوا جهة المغرب العربي لاستكمال الفتوحات.
صديقي المسيحي: و لكن الإسلام انتشر بالسيف و نموذج وضع السيف علي الرقبة و أسلم تسلم معروف و مشهور
أنا          : هذا ياصديقي نموذج سينمائي فقط ظهر في بعض الأفلام السينمائية المغرضة و ليس له وجود في أرض الواقع .. فمن الناحية النظرية عندنا " لا إكراه في الدين" و من الناحية الواقعية التطبيقية لم يسجل التاريخ حادثة واحدة لإجبار مسيحي علي الدخول في الإسلام و استمرار وجود المسيحيين في مصر أكبر دليل علي عدم اضطهادهم و إلا لكان أهل مصر جميعهم مسلمون و كل المسيحيين إما دخلوا في الإسلام طواعية أو قهرا و إما قتلوا لعدم سماعهم الكلام و لكن ظلت هذه النسبة الموجودة حاليا و سيادتك منهم لتحكي للجميع قصة عدم الاضطهاد ... و أرجو أن تقارن ما حدث لمسيحيي مصر بعد دخول الفاتحين المسلمين  و بين ما حدث لمسلمي الأندلس بعد دخول الفاتحين النصاري الأسبان و كتب التاريخ الغربي قبل العربي تمتليء بما تقشعر له الأبدان مما حدث لمسلمي الأندلس من اضطهاد و قتل و تعذيب و قطع للأطراف و سحق للعظام و نماذج محاكم التفتيش وقتذاك لا تزال وصمة عار في جبين الضمير الإنساني .
صديقي المسيحي: لكن انتشار مظاهر الدين من لحي و حجاب و نقاب و كذلك شعار الإسلام هو الحل الذي ترفعونه دائما و المطالبة الدائمة بتطبيق الشريعة الإسلامية كل هذا يزعجنا و يخيفنا...
أنا       : صديقي العزيز .. تطبيقنا و التزامنا بالإسلام ليس موجها ضد أحد و ليس عندا أو نكاية فيكم و لكنها أوامر الله لنا فكما أمرنا بالصلاة و الصيام و الحج أمرنا أيضا بتطبيق الشريعة و الحدود... و لكن النقطة الهامة هي أن تطبيق الشريعة و الحدود سيكون علي الكل مسلمين و مسيحيين و هذا أمر معمول به في كل دول العالم حيث أن شريعة الأغلبية هي السائدة و هي قانون و دستور البلد و هويتها.. هذه واحدة أما الثانية فهي أننا لا نجبر أهل البلد علي تطبيق الشريعة و كل ما نطالب به هو أخذ رأي الشعب كله بمسلميه و مسيحييه في استفتاء شعبي سليم: هل توافق علي تطبيق الشريعة الإسلامية ؟ و لو وافق أغلبية الشعب علي ذلك سيكون الكل أمام القانون سواء و لن يخاف من الشريعة الإسلامية إلا الفاسدين و المجرمين و اللصوص سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين...
أما بخصوص انتشار مظاهر الدين من صلاة و لحي و نقاب و خلافه فاعلم صديقي العزيز أن المواجهة الحقيقية لحوادث العنف الطائفي إنما تكون بنشر و تشجيع التدين الوسطي الصحيح سواء وسط المسلمين أو وسط المسيحيين يعني نريد أن يكون المسلمون في مصر متدينين ملتزمين و كذلك المسيحيون يكونون متدينين ملتزمين لأن الذي يقوم بحوادث العنف الطائفي دائما ما يكون دائما إما جاهل بالدين و إما متعصب متطرف خارج عن الإجماع و عن وسطية الدين الصحيح .. و الخطأ الكبير الذي يحاول البعض أن يجرنا إليه هو أن نحارب التطرف و العنف بمحاربة أصول الدين و مظاهره كتجريم النقاب و اللحي و الصلاة و مظاهر الالتزام و الأخطر من ذلك مقترحات مثل العبث بنصوص الدستور و هوية البلد أو اقتراح إلغاء خانة الديانة في البطاقة الشخصية لأن كل ذلك سيؤدي إلي زيادة الاحتقان و العنف و الطائفية علي عكس المطلوب ... و عموما لابد أن تعلم و يعلم الجميع أن الوصول لحالة التسامح و المحبة المطلوبة لا تكون بالتنازل عن ثوابت و مظاهر ديني و كذلك الحال بالنسبة لك و لا يعقل أن يطلب ذلك أحد من المسلمين أو من المسيحيين فنشر الدين الوسطي الصحيح هو الحل لكل تلك المشاكل و ليس العكس.
صديقي المسيحي: طيب و موضوع الجزية ؟؟
أنا       :ياعزيزي لازم تعرف و تتأكد من شيء هام جدا هي أن الشريعة الإسلامية جاءت لحفظ العدل و الحق في الدنيا كلها و لكل الناس علي اختلاف ألوانهم و عقائدهم و الشريعة لا تظلم أحد مهما كان... و غير المسلمين في المجتمع الإسلامي مواطنون لهم كافة الحقوق و عليهم كافة الواجبات مثلهم مثل المسلمين و عليه أقول لحضرتك أولا موضوع الجزية موضوع اختلف العلماء في حكمه في العصر الحالي بعد اشتراك المسيحيين في الجيش و التجنيد و جوانب الخدمة و الدفاع عن الوطن لذلك قال كثير منهم بسقوط الجزية الآن ... و ثانيا لن يدفع المسيحي شيئا زائدا عن المسلم لكونه مسيحي و لكن سيكون – لو استمرت الجزية – هناك تعادل بين الاثنين بمعني أن دفع الجزية سيكون للمسيحي القادر مثل الزكاة التي يدفعها المسلم القادر و تحصل من الاثنين بواسطة الدولة لتنفقها علي فقراء الشعب و علي إنشاء مشروعاته و متطلباته و احتياجاته... إذن سيكون هناك تعادل بين الاثنين لكونهما مواطنين في نفس الوطن و عليهما نفس الواجبات.
صديقي المسيحي: و لكن نحن عددنا كبير قد نصل إلي 10 أو 15 مليون من سكان مصر و مع ذلك فنحن مضطهدون فلا نستطيع أن نبني كنائسنا بسهولة و لا نصل إلي المناصب الحساسة مثل الداخلية و الرئاسة و مجلس الشعب وغيره فدائما نحن منبوذون و مستبعدون فلماذا !!؟؟
أنا        : أولا بخصوص عددكم فلا أعرف حتي الآن لماذا لا تعلن الحكومة الحقائق بوضوح من خلال التعداد الرسمي الدوري العام الذي يتم في كل بلدان العالم لأن الإشاعات كثيرة مثل مقولة إن الكنيسة عاوزة تزود في عدد أتباعها علشان تحصل علي مكاسب سياسة من الحكومة و الحكومة لا تريد أن تعلن الحقيقة حتي لا تعمل مشكلة و مركز الإحصاء الأمريكي أعلن منذ عدة شهور إن عدد المسيحيين في مصر 5.9  مليون نسمة و الكنيسة زعلت و اتهمت جهات رسمية إنها سربت الأرقام دي و قالت الكنيسة إن عددنا 11 مليون و ساعات يرتفع الرقم إلي 14 أو 15 مليون و ضبابية الأمور يعطي الفرصة لانتشار مثل هذا الكلام و اللغط و الإشاعات و الحكومة لا تقول شيئا لماذا ؟ لا نعرف !!! ... علي أي الأحوال في رأيي هذا الرقم لن يفرق كثيرا في شيء لو وجدت الدولة المدنية الطبيعية التي تحتوي كل أولادها و تساوي بينهم دزن تفرقة أمام النظام و القانون فالعبرة للاجتهاد فقط .. أما المشكلة الحالية فهي أن كل أهل البلد مسلمين و مسيحيين حقوقهم منقوصة لذا يتسابق الكل للحصول علي بعض حقوقة بأي طريقة كانت و أنتم كمسيحيين تحاولون الوصول لحقوقكم الطبيعية و لكن بطريقة طائفية فأنتم ممنوعون من الوصول لأماكن و مناصب معينة و كذلك كثير جدا من إخوانكم المصريين المسلمين الملتزمين المتدينيين و لا يصل إلي هذه المناصب إلا من كان مواليا من المقربين و الأتباع و أصحاب التوصيات الذين يكون ولاؤهم للأشخاص و ليس للوطن ... و أحب أقول في هذا المقام أن ضغطكم علي الحكومة للوصول لبعض حقوقكم – مع عدم معارضتنا لأي إنسان أن يصل لحقه – و لكن محاولاتكم للوصول لحقوقكم بطريق طائفية و ليس بطريقة وطنية تشمل كل أهل الوطن سوف يؤدي إلي حدوث حالة من الكراهية لكم من جيرانكم و إخوانكم المسلمين و سوف يزيد التعصب و تنتشر حوادث العنف و العنف المضاد مما يعرضنا جميعا و نحن أهل مركب واحد لمخاطر عديدة لا تحمد عقباها و لا يعلم أحد مداها قد تصل بنا إلي قتال داخلي ثم احتلال أجنبي لا نجني منه سوي الخراب و الدمار لا قدر الله!!! أما بخصوص بناء الكنائس فلك أن تعرف أن بناء المساجد يقابله صعوبات و خطوات معقدة قد تكون أكثر من بناء الكنائس .. و إن لم تصدقني فمازال المسلمون يصلون حتي الآن في كل محافظات مصر أثناء صلاة الجمع و التراويح و غيره في الشوارع و الحواري الجانبية لعدم استيعاب المساجد الموجودة حاليا لأعداد المصلين المسلمين و هذا أمر لا نراكم تعانون منه... و علي كل فقانون بناء دور العبادة الموحد المزمع صدوره الذي يقوم علي العدد الواقعي لأهل كل حي سوف يحل هذه الإشكالية بشكل واقعي و منطقي و نرجو أن يصدر هذا القانون قريبا إن أرادت الحكومة حل هذه المشكلة.
صديقي المسيحي: و لكن نحن في نظركم كفار بنص القرآن عندكم و أنتم أيضا مطالبون في القرآن بحرب الكفار و القضاء عليهم لذلك نحن نخاف منكم و من تطبيق الإسلام...!!
أنا       : صديقي ... العقيدة أمر قلبي و نحن كمسلمين نعتقد أننا علي الدين الحق و العقيدة الصحيحة و غيرها من العقائد و الملل الأخري كفر لأنه – في نظرنا – في موضوع العقيدة الحق واحد لا يتعدد فأنتم نعم في نظرنا كفار و هذا أمر اعتقادي قلبي كما ذكرت من قبل لكل فرد الحرية الكاملة فيما يعتقد و لكن السؤال المهم هو: ماذا بعد طالما أنت كافر في نظري ؟ هل ستكون الخطوة التالية أن أقتلك ؟  الإجابة: لا بالطبع لإن الكافر المطلوب قتاله هو الكافر المحارب المعتدي و يكون قتاله في هذه الحالة ليس بسبب كفره بداية و لكن بسبب اعتدائه علينا و محاربته لنا و القرآن عندنا واضح و صريح " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلونكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" أما أنت فأنت شريكي في الوطن و لك عهد و ذمة هي أمانة في عنقي أؤديها التزاما بديني .. و كما قلت من قبل لم يسجل التاريخ طوال عقود الخلافة الأسلامية (حوالي 1300 سنة) أي حادثة اعتداء علي المسيحيين من قبل المسلمين بسبب مسيحيتهم.
صديقي المسيحي: و لكن لماذا تغضبون منا إذا طالبنا بحقوقنا و اتبعنا أساليب مختلفة للوصول لبعض حقوقنا و تتهموننا في بعض الأحيان بالانتهازية والخيانة و في بعض الأحيان بالعمالة للخارج و معاونة قوي الاستعمار؟؟
أنا     : أولا ياصديقي و كما قلت من قبل دعنا نتفق علي أن جميع أبناء الوطن مسلمين و مسيحيين لا يجدون داخل بلدهم الحد الأدني الطبيعي من حق الحياة الكريمة مثل بلاد العالم المحترمة...
ثانيا لابد أن يكون لنا عبرة من التاريخ الطويل الذي مر بنا و أن نأخذ خبرات و دروسا من الأحداث السابقة و نعرف و نتيقن أن الغرب طامع علي مدار التاريخ في الشرق و في استعماره و الاستيلاء علي خيراته و ثرواته و دائما ما يكون ذلك مغلفا بأهداف و دوافع نبيلة راقية في ظاهرها مثل المحافظة علي طرق التجارة قديما ثم حديثا مثل محاربة الإرهاب و نشر الديمقراطية و محاربة أسلحة الدمار الشامل و كل هذه الحجج المصطنعة و البروباجندا التي ينبغي ألا تنطلي علينا و تاريخ الشرق عموما و مصر خاصة حافل بالكثير من هذه التجارب المريرة بداية من حملات الفرنجة قديما و الحملة الفرنسية و حملة فريزر ثم الاستعمار الانجليزي و حديثا الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين و القدس و سيناء و الجولان ... ثم الاحتلال الأمريكي للصومال و أفغانستان و العراق ثم مخطط الغرب و إسرائيل لتقسيم السودان الجاري علي قدم و ساق اليوم و السبب النبيل المعلن هو حماية الأقليات و يعلم كل ذو عقل أن هذه بروباجندا لا تنطلي علي أحد و لا يمكن أن نستبدل الفساد و الظلم المحلي من أبناء جلدتنا بالاحتلال الأجنبي و الدخول في النفق المظلم لمخططات التقسيم و الاحتلال الأجنبي الغاشم و أمامنا الاحتلال الإسرائيلي لا يفرق في القتل بين الفلسطيني المسلم و الفلسطيني المسيحي و يهدم المساجد و كذلك الكنائس و المحتل الأمريكي في العراق لا يفرق في القتل بين العراقي المسلم و العراقي المسيحي إذن فلا ينبغي أن نعطيهم الفرصة "ليضحكوا علي ذقوننا" و ننزلق في مخططهم و "نبلع الطعم" حتي لا نقول مقولة الثور الأسود: " لقد أكلت يوم أكل الثور الأبيض"
و سؤال أخير لعقلك و قلبك صديقي: من تظن أنه أقرب إليك اليهود الصهاينة العنصريين الدمويين أم الأمريكان و الغرب المتغطرس المتعصب الدموي أم جيرانك وأهل بلدك المصريين المسلمين ؟؟
إذن فنحن جميعا إخوة الوطن نعيش في مركب واحد يسير بنا وسط الأمواج فيجب علينا جميعا أن ننتبه و نتكامل و نتكاتف لكي تسير سفينة الوطن بأمن و أمان الله و نصل إلي بر الأمان بإذن الله.  

بقلم:  د. جمال يوسف    

29 محافظة فى مصر


الاسم المساحة (كيلومتر مربع) عدد السكان (2007) العاصمة

الإسكندرية 2,679 4164750 الإسكندرية

أسوان 679 1196946 أسوان

أسيوط 25,926 3486681 أسيوط

البحيرة 10,130 4802272 دمنهور

بني سويف 1,322 2320629 بني سويف

القاهرة 214 7988657 القاهرة

الدقهلية 3,471 5044050 المنصورة

دمياط 1,029 1112163 دمياط

الفيوم 1,827 2546882 الفيوم

الغربية 1,942 4055091 طنطا

الجيزة 85,153 6364682 الجيزة

الإسماعيلية 1,442 966273 الإسماعيلية

كفر الشيخ 3,437 2653144 كفر الشيخ

مطروح 212,112 326684 مرسى مطروح

المنيا 32,279 4212158 المنيا

المنوفية 1,532 3309482 شبين الكوم

الوادي الجديد 376,505 189447 الخارجة

شمال سيناء 27,574 348880 العريش

بورسعيد 72 576599 بورسعيد

القليوبية 1,001 4300328 بنها

قنا 1,851 3036415 قنا

البحر الأحمر 203,685 291884 الغردقة

ألشرقية 4,180 5426303 الزقازيق

سوهاج 1,547 3792045 سوهاج

جنوب سيناء 33,140 150981 الطور

السويس 17,840 518557 السويس

الأقصر 55 451,318 الأقصر

حلوان n/a 643,327 حلوان

6 أكتوبر n/a 500,000 6 أكتوبر 


































المذاهب المسيحية في مصر

تنقسم المذاهب المسيحية في مصر إلي :-
· الأرثوذكسية.
· الكاثوليكية.
· البروتستانت.
أولا : طوائف المذهب الأرثوذكسي :
المذهب الأرثوذكسي هو المذهب الغالب في مصر للمسيحيين .. وهو محصور في أربعة طوائف وهم :-
1- طائفة الأقباط الأرثوذكس ... وأفرادها مصريون أصلا .. وتتبع الكنيسة القبطية المصرية .
2- طائفة الروم الأرثوذكس ... وأفرادها أصلا من سكان الجزء الأوربي .. وتتبع الكنيسة اليونانية .
3- طائفة الأرمن الأرثوذكس ... وأفرادها من أصل ارمني .. وتتبع الكنيسة الأرمنية
4- طائفة السريان الأرثوذكس ... وأفرادها من أصل سوري .. وتتبع الكنيسة السورية .

وكان لكل طائفة من هذه الطوائف مجلس قبل صدور القانون رقم  462 لسنه 1955م .

ثانيا : طوائف المذهب الكاثوليكي :

وهو مذهب كنيسة روما ... وعقيدتها الطبيعتين للسيد المسيح وينقسم هذا المذهب إلي سبعة طوائف وهم :-

1- طائفة الاقباط الكاثوليك .
2- طائفة الروم الكاثوليك .
3- طائفة الأرمن الكاثوليك .
4- طائفة السريان الكاثوليك .

وأفراد كل طائفة من الطوائف السابق الإشارة إليها من نفس اصل شبيه .. حسبما سبق إيضاحه في المذهب الأرثوذكسي .

5- طائفة الموارنة الكاثوليك ... وأفرادها من اصل لبناني .
6- طائفة الكلدان الكاثوليك ... وأفرادها من اصل عراقي .
7- طائفة اللاتين الكاثوليك ... وأفرادها من اصل أوربي .

وتخضع هذه الطوائف جميعها لرئاسة البابا بروما .

ثالثا: طوائف المذهب البروتستانتي :

وهم المحتجون اتباع / مارتين لوثر كنج الراهب الكاثوليكي الذي انتقد حال الكنيسة الكاثوليكية في الفترة ما بين 1482 – 1546... ويدعو إلي حرية كل شخص لأعمال عقله في احكام الإنجيل .. وانتشر مذهبه في أوروبا وأمريكا .. وبالرغم من تعدد طوائف هذا المذهب الي اكثر من 150 طائفة او يزيد ( مثل طائفة الكنيسة المسيحية المتحدة ... البعثة الهولندية .. الكويكرز .. الأدفنتست .. الخ) إلا ان القانون وحدهم تحت اسم طائفة الإنجيليين الوطنيين .. إشارة إلي انهم لا يعترفون إلا بما ورد بالانجيل .

تغيير المله أو الطائفة :

المقصود بتغيير الملة .. هي أن يترك الشخص المذهب الذي ينتمي اليه ( الأرثوذكس .. او الكاثوليكية .. او البروتستانتية ) وينضم إلي مذهب آخر .. ومثال ذلك ان يترك الكاثوليكي مذهبه .. وينضم إلي المذهب الأرثوذكسي .. او البروتستانتي .. والعكس صحيح .. وبهذا التغيير يخرج الشخص من المذهب الذي تؤمن به طائفته التي كان ينتمي إليها .. ويدخل في مذهب اخر .

أما المقصود بتغيير الطائفة :

فهي خروج الشخص من الطائفة التي ينتمي إليها .. ليدخل في طائفة أخري داخل نفس المذهب فمثلا تغيير الشخص المسيحي لطائفته التي ينتمي غليها وهي الروم الأرثوذكس مثلا ليدخل في طائفة الأقباط الأرثوذكس .. فهو تغيير داخل الملة الواحدة .

وتغيير الملة . أو الطائفة .. لا يتم ولا ينتج أثره بمجرد إبداء طلبة أو الرغبة فيه ، وإنما يتعين أن يتم ذلك بالدخول في الطائفة أو الملة الجديدة .. وهذا عمل إرادي من جانب الجهة الدينية المختصة التي يرغب الشخص الدخول في طائفتها أو ملتها ، ويكون قبول الانضمام إليها صادرا من رئاستها الدينية المعتمدة .

مصادر الشريعة المسيحية :

1-الكتاب المقدس : بعهديه القديم والجديد .. أي التوراة والإنجيل .. وهو شريعة جميع المسيحيين .

2- قوانين الرسل : وهي الكتابات التي وضعت بين القرنين الثاني والرابع وهي ( كتاب فقه الرسل الاثنا عشر – الديسقولية " تعاليم الرسل " – المرسوم الكنسي المصري – كتاب القواعد الكنسية – كتاب القواعد الشرعية اللاحقة للصعود ) .

3- قرارات المجامع : وهي مجالس كانت تعقد بين رجال الكنيسة.. لوضع أسس التعاليم المسيحية أو مناقشة الفكر المتطرف للهرطقة وتحييد موقف الكنيسة ... وتنقسم المجامع إلي :-

أ – المجامع المسكونية

وهي تضم كنائس العالم جميعها .. وقراراتها ملزمة لكافة المسيحيين المعترفين بها .. وهذه المجامع هي :-

1- مجمع نيقية  .. لمحاكمه أريوس وذلك سنة 325م .

2- مجمع القسطنطينية : لمحاكمة اوسابيوس وغيره من الهرطقة عام 381م .

3- مجمع افسس : بشأن محاكمة نسطور عام 431م

4- مجمع أفسس الثاني :  بشأن بدعة اوطاخي عام 449 م .

هذه المجامع تعترف بها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية .. أما باقي المجامع المسكونيه الأخري فلا تعترف بها .. لانعقادها لأغراض بعيدة عن الدين وبسبب مصالح شخصية .

ب- المجامع المحلية

وهي لا تلزم إلا الكنائس التي اجتمعت في إقليم معين للنظر في بعض شئونها المحلية الخاصة دون سائر الكنائس .

ومما هو جدير بالذكر أن البروتستانت لا يعترفون بهذه المجامع سواء كانت مسكونية ... او محلية ...

4- مراسيم الرؤساء الدينيين .. وفقه اباء الكنيسة :

فالمراسم : هي التعاليم التي يوجهها البطاركة .. والاساقفه إلي كهنتهم لتنظيم شئون الطائفة ... أما فقه أباء الكنيسة : فهي مؤلفات الرهبان .. وما كتبه اباء الكنيسة .. فيما يستجد من امور يتم التعرض لها ... ومعالجتها بما يتفق مع تعاليم الكتاب المقدس والمصادر سالفة الذكر ، مثل ( المجمع الصفوي ) لأبن العسال ( القرن ال 13 ) الذي يضم 51 بابا تتضمن فقه الخطبة والملاك والزيجة ... وايضا مجموعه قواعد مجمع كيرلس بن لقلق التي وضعت عام 955م .

5- العرف : وهو ما يجري العمل عليه باطراد وبصورة متعارف عليها بين ابناء الطائفة الواحدة لسد احتياجات افراد هذه الطائفة .
......................................
مدخل في قوانين الأحوال الشخصية للصف الثالث بالكلية الاكليريكية ( بشبرا الخيمة) 2005. بتصرف

الكنيسة الأرثوذكسية المصرية أو القبطية

هي أحد الكنائس (*) الرئيسية الثلاث في النصرانية، وقد انفصلت عن الكنيسة الكاثوليكية الغربية بشكل نهائي عام 1054م، وتمثَّلت في عدة كنائس مستقلة لا تعترف بسيادة بابا روما عليها، ويجمعهم الإيمان بأن الروح القدس منبثقة عن الأب(*) وحده وعلى خلاف بينهم في طبيعة المسيح(*)، وتُدعى أرثوذكسية بمعنى مستقيمة المعتقد مقابل الكنائس الأخرى، ويتركَّز أتباعها في المشرق ولذا يطلق عليها الكنيسة الشرقية.

التأسيس وأبرز الشخصيات:

في نهاية القرن التاسع الميلادي، وبالتحديد بعد انقضاء مجمع القسطنطينية الخامس عام 879م أصبح يمثل الأرثوذكسية كنيستان رئيسيتان:

• الكنيسة الأرثوذكسية المصرية أو القبطية(*)، والمعروفة باسم الكنيسة المرقسية الأرثوذكسية أو كنيسة الإسكندرية، التي تؤمن بأن للمسيح طبيعة واحدة ومشيئة واحدة، وتضم كنائس الحبشة والسودان، ويوافقها على ذلك كنائس الأرمن واليعقوبية.

• الكنيسة الأرثوذكسية أو كنيسة القسطنطينية، والمعروفة باسم كنيسة الروم الأرثوذكس أو الكنيسة الشرقية، تخالف الكنيسة المصرية في طبيعة المسيح بينما توافق الكنيسة الكاثوليكية الغربية بأن للمسيح طبيعتين ومشيئتين، ويجمعها مع الكنيسة المصرية الإيمان بانبثاق الروح القدس(*) عن الأب وحده، وتضم كنائس أورشليم واليونان وروسيا وأوروبا الشرقية.

• الكنيسة الأرثوذكسية المصرية:

- يدعي أصحابها أن مؤسسها مرقس الرسول عام 45 م.

• بوادر الانفصال: ظهرت بوادر الانفصال المذهبي للكنيسة المصرية، منذ أن جعل الإمبراطور ثيودوسيوس كنيسة القسطنطينية هي الكنيسة الرسمية للإمبراطورية الشرقية عام 381م وأن كنيسة الإسكندرية تليها في المرتبة، مما دفع بطريرك(*) الإسكندرية كيرلس عام 412م إلى تولي زعامة الشعب ضد الإمبراطور وعماله في مصر.

- زادت هوَّة الخلاف بين الكنيستين على إثر إعلان نسطور – أسقف(*) القسطنطينية – مقالته التي تصدى لها كيرلس بطريرك الإسكندرية في مجمع أفسس عام 431م الذي استطاع استصدار حكماً ضد نسطور باللعن والطرد.

* الانفصال الرسمي :

- بعث فلافيانوس بطريرك القسطنطينية مقالة نسطور مرة أخرى فتصدى لها ديسقورس بطريرك الإسكندرية في مجمع أفسس عام 449م والذي لم يعترف به أسقف روما، فعقد لذلك مجمع كليدونية عام 451م ليقرر لعن ديسقورس ونفيه، بل وتعين بطريرك ملكاني خلفاً له، الأمر الذي دفع الكنيسة المصرية لإعلان عصيانها وعدم اعترافها بمجمع كليدونية عام 451م ولا بقراراته، مما سبَّب عودة الاضطهاد مرة أخرى لحمل الكنيسة المصرية على إتباع عقيدة كنيسة القسطنطينية والتي توافقها عليها الكنيسة الغربية.

- هكذا عاشت الكنيسة المصرية سلسلة من المنازعات حول تعيين الأسقف، إلى أن تم الاتفاق عام 482م على أن يختار المصريون أسقفهم دون تدخل من الإمبراطور، فكان هذا التاريخ يمثل بداية الانفصال الحقيقي عن كنيسة القسطنطينية.

- سرعان ما عاد الاضطهاد مرة أخرى للكنيسة(*) المصرية، بعدما ولَّى هرقلُ المقوقس حُكم مصر بعد استردادها م الفرس عام 628م في محاولة منه لتوطيد أركان ملكه عن طريق توحيد عقيدة الإمبراطورية على مذهب(*) الطبيعتين، فلم يألُ المقوقس جهداً في إنفاذ ذلك، كما لم يعدم حيلة، مستخدماً الترغيب تارة، والترهيب والعذاب والتنكيل تارة أخرى، مما دفع بطريرك الكنيسة المصرية بنيامين للهروب إلى الصحراء، وأن يكتب إلى جميع أساقفته باللجوء إلى الجبال والبراري فراراً بعقيدتهم.

· ما أن ظهرت بشائر الفتح الإسلامي منطلقة من الجزيرة العربية حتى رحبت بها الكنيسة المصرية، للتخلص من ظلم واضطهاد إخوانهم نصارى الإمبراطورية البيزنطية.

وما إن وطئت طلائع الفتح الإسلامي أرض مصر بقيادة عمرو بن العاص رضي الله عنه، ودانت لهم، حتى أُعيد بنيامين بطريرك(*) الكنيسة المصرية إلى كرسيه، واجتمع به عمرو بن العاص ووافقه على ما أبداه من مقترحات لحفظ كيان الكنيسة(*)، كما وافقه على تشييد ما دعت إليه الحاجة من الكنائس وتجديد إصلاح البعض الآخر.

- تأثر الكثير من النصارى المصريين بعدالة الإسلام، وسماحة مبادئه، حيث ترك لهم حق الاعتقاد وحرية(*) ممارسة العبادة والشعائر الخاصة بهم، كما سمح لهم بالمشاركة في بعض وظائف الدولة، مما فتح قلوبهم لقبول الحق، والدخول في دين(*) الإسلام أفواجاً، وبذلك صارت اللغة العربية لغتهم ولغة البلاد، وأصبح منهم العلماء والقادة فيما بعد.

• رغم ذلك لم يهدأ لكنيسة روما بال عن فرض سيادتها على كنائس الشرق، مستخدمة في ذلك أساليب الحرب والقوة تارة، والدبلوماسية والمفاوضات تارة أخرى. ففي سنة 1219م قامت الحملة الصليبية الخامسة بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا في محاولة لإخضاع الكنيسة المصرية الأرثوذكسية لمذهب(*) الكنيسة الغربية الكاثوليكية. وقد تمكنت في بادئ الأمر من احتلال مدينة دمياط وفرض بطريرك كاثوليكي من الآباء الفرنسيسكان عليها، ليمثِّل أول وجود كاثوليكي في مصر، فما أن هب المسلمون لصد العدوان حتى انهزمت الحملة وأُسر قائدها وبذلك باءت مخططاتها بالفشل.

- وفي سنة 1769م أعادت الكنيسة الغربية الكَرَّة، ولكن هذه المرة عن طريق المفاوضات والمصالحة، وعرض انضمام الكنيسة المصرية إليها، ليقابلها بطريرك الكنيسة المصرية يؤانس الثامن عشر بالرفض التام.

• بدأت بوادر حركة إصلاح وتطوير الكنيسة المصرية في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، وبخاصة في عهد البطريرك كيرلس الرابع 1854 – 1862م "أبو الإصلاح" كما يسميه أتباع الكنيسة لإدخاله العديد من الإصلاحات لمواجهة نشاط الإرساليات الكاثوليكية والبروتستانتية، التي زاد نشاطها واستطاعت تأسيس مراكز للدعوة إلى مذاهبهم في صعيد مصر بوجه خاص. وكانت استجابة بعض الأرثوذكس لهم دافعاً للقيام بهذه الإصلاحات وافتتاح مدارس للبنين والبنات، وإنشاء المدرسة البطريركية، بالإضافة إلى إدخال أول مطبعة إلى مصر.

- وبأسلوب آخر تصدى البطريرك(*) ديمتريوس الثاني 1862- 1874م للتبشير الكاثوليكي والبروتستانتي في مصر، بإصدار قرارات الحرمان ضد المرسلين الأمريكيين ومن يتصل بهم من الأقباط(*).

- ازدادت حملة الكنيسة(*) المصرية ضراوة ضد إرساليات الكنائس الغربية في مصر في عهد البطريرك كيرلس الخامس 1874 – 1927م حيث أغلق مدارسهم، وأصدر قرارات تَعتبر هذه الكنائس وإرساليتها وتابعيها ومن ينضم إليها من الأقباط مهرطقين، ولم يفلح تدخل القنصل الأمريكي وليم تاير والمنصِّر جون هوم في إقناع البطريرك من أن نشاطهم غير موجه ضد الأرثوذكس.

• يُعد حبيب جرجس 1867-1951م من أبرز رواد الإصلاح والتطوير في الكنيسة المصرية، حيث أنشأ مدارس الأحد والمدرسة الإكليريكية، ودعم وساهم في العديد من الأنشطة الاجتماعية والثقافية التي توسَّعت بعده إلى حد كبير، فظهرت المجلات والجرائد النصرانية، كما أنشأ العديد من المدارس والمكتبات ودور النشر التي تهتم بنشر التعاليم النصرانية بين المسلمين. وازدادت تبعاً لذلك عدد المؤسسات الاجتماعية المختلفة التي تخدم الأرثوذكس، كل هذا بغية التصدي للإرساليات التبشيرية الغربية.

• لكن هذا الموقف الرافض للتعاون أو القبول بوجود الكنائس الغربية بين الأرثوذكسية تغيَّر بشكل ملحوظ أيام الاحتلال الإنجليزي لمصر، الذي ساعد وشجع هذا الاتجاه بما أثاره في نفوس الأقباط من أن أرض مصر المسلمة أرض نصرانية وأن المسلمين دخلاء يجب طردهم، وشجع حبيب جرجس على رفع شعار الأمة القبطية مقابل الأمة الإسلامية.

• وفي عهد الخديوي إسماعيل دخل عدد كبير من الأرثوذكس القضاء والمجالس النيابية وكلفوا بالخدمة العسكرية، وظهرت في الساحة السياسية أسماء كبيرة متعاونة مع الاستعمار الإنجليزي مثل بطرس باشا غالي ويوسف باشا سليمان.

ـ بعد مؤتمر 1910م والذي انعقد بمناسبة مقتل بطرس باشا غالي، زاد نفوذهم السياسي وبخاصة بعد انضمامهم إلى حزب(*) الوفد وتولَّي مكرم عبيد منصب نائب رئيس الحزب.

في عهد البطريرك يوساب الثاني أصدر القس إبراهيم لوقا مجلة اليقظة للدعوة إلى تقارب الكنيستين(*): البروتستانتية الأسقفية والقبطية(*)، كما دعا إلى أن الوقت قد حان لأن يتبادل قسوس(*) الطوائف النصرانية(*) المختلفة الوعظ في كنائس بعضهم البعض.

- في عام 1921م عُقد مؤتمر حلوان بضاحية حلوان بمصر لعموم الكنائس الشرقية والغربية بهدف توحيد جهود الكنائس(*) لتنصير المسلمين لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ الكنيسة المصرية.

وإمعاناً في التقارب انضمت الكنيسة المصرية إلى عضوية مجلس الكنائس العالمي الذي أنشئ عام (1946م).

• في عام (1952م) عاد الأقباط مرة أخرى إلى الانزواء داخل الكنيسة لخوفهم من حكومة جمال عبد الناصر، ومن ثم هاجر الكثير منهم إلى أوروبا وأمريكا، مما كان لذلك أكبر الأثر في تحويل الرأي العام الغربي نحو الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، ومساندتها وممارسة الضغط السياسي والاقتصادي على الحكومة المصرية لتحقيق مركز ديني وسياسي واجتماعي متميز للأقباط الأرثوذكس في مصر.

• وفي هذه الأثناء أعلن إبراهيم فهمي المحامي أحد خريجي مدارس الأحد تأسيس جماعة الأمة القبطية وأنشأ لها فروعاً على مستوى محافظات مصر. وقد دعا إلى إحياء مفهوم الأمة القبطية من خلال التمسك بالعادات والتقاليد الكنسية، وبإحياء اللغة القبطية، واستخدام التقويم القبطي، وكذلك بإصدار الجرائد والمجلات التي تهتم بالأقلية القبطية، وهكذا تطور معه الأمر إلى أن أعلن بياناً يطالب فيه بالحكم الذاتي لأقباط مصر.

- في عام 1954م قامت جماعة الأمة القبطية باختطاف البطريرك(*) يوساب الثاني وإجباره على توقيع وثيقة تنازل عن كرسي البابوية، ودعوة المجمع المقدس للانعقاد، ووضع وثيقة جديدة لانتخاب البطريرك(*) تشارك فيها كل الطوائف النصرانية، لذلك ألقت الحكومة المصرية القبض على زعيم الجماعة واعتقلت أفرادها، ثم قامت بحلها وإعادة البطريرك إلى كرسيه.

• خطا البطريرك (*) كيرلس السادس 1959 – 1969م خطوات جديدة نحو تطوير الكنيسة(*)؛ حيث أنشأ العديد من الأسقفيات، منها أسقفيات الخدمات ومهمتها العلاقات الخارجية والاتصال بالكنائس الأخرى، سواء كانت الكنائس الغربية ومؤسساتها أو بالكنائس القبطية(*) خارج مصر، وأسقفية للخدمات والشئون المالية مهمتها جلب فرص العمل للأقباط والحصول على توكيلات أكبر البنوك والشركات في العالم، وأسقفية البحث العلمي ومهمتها إنشاء معهد عالٍ للدراسات القبطية وإصدار طبعات جديدة للكتاب المقدس، ووضع دائرة معارف قبطية، كما أنشأ أسقفية للتربية الكنسية مهمتها الإشراف على كليات اللاهوت ومدارس الأحد وجميع شؤون التعليم والتربية الكنسية. واستغلالاً للثقل الدولي للكنيسة بعد انضمامها إلى مجلس الكنائس العالمي، ومجلس الكنائس العالمية العاملة في أفريقيا، وتعاونها مع مجلس كنائس أمريكا زاد الضغط على الحكومة لإلغاء النظام الهمايوني الذي أصدرته الدولة العثمانية في عام 1856م كنظام إصلاحي لتنظيم بناء وترميم الكنائس النصرانية داخل الدولة. وبالفعل تمت الاستجابة لمطلبهم، وأنشئت العديد من الكنائس منها كاتدرائية القديس مرقس بميدان العباسية بالقاهرة عام 1967م، وتم إصلاح الأديرة وتعميرها وتحويلها من أماكن للعبادة إلى مراكز إنتاجية ومراكز اتصالات واسعة ومؤثرة على شؤون الكنيسة؛ مستخدمة في ذلك الدعم السخي والأموال الطائلة من الكنائس الغربية والقبطية في الخارج.

• في عام 1971م تولى البابا(*) شنودة الثالث رئاسة الكنيسة المصرية واسمه نظير جيد، تخرج من كلية الآداب جامعة القاهرة، والتحق بالقوات المسلحة كضابط احتياط، ثم عمل صحفياً وكاتباً وشاعراً، وتسمى بعد ترهُنُه باسم شنودة الثالث. وللأب شنودة الثالث درس أسبوعي – درس الجمعة – ظل محافظاً على إلقائه في كاتدرائية العباسية منذ افتتاحها. مما كان لدرسه هذا الأثر الكبير في تكوين وانتشار الأسر الدينية النصرانية في أروقة الجامعة المصرية المختلفة.

- في عهده زاد التوجه السياسي للكنيسة المصرية وتقديم مفهوم جديد للنصرانية على أنها دين(*) ودولة، مستخدماً في ذلك سياسة الانتشار الدولي، والتقارب مع الكنائس الغربية ومؤسساتها لدعم السياسات الداخلية للكنيسة وتحقيق أغراضها، كما أعلن عن تنظيمات جديدة للكنيسة، ودعا إلى تطوير الكلية الأكليريكية وإعادة الكنيسة(*) إلى مكانتها العالمية، فزاد اهتمامه بإنشاء الكنائس في الخارج وعيّن لها الأساقفة، من أجل ذلك تعددت جولاته ولقاءاته. ومن أبرز هذه اللقاءات: لقاؤه ببابا(*) الفاتيكان بولس السادس عام 1973م، الذي تمت فيه المصالحة بين الكنيسة الكاثوليكية الغربية والكنيسة المصرية الأرثوذكسية . وتوقيعه وثيقة رفع الحرم المتبادل بين كنيسته والكنائس الأرثوذكسية الكلدونية وغير الكلدونية في شميزي عام 1990م. أيضاً الاتفاق على تحقيق الوحدة بين كل الكنائس النصرانية، وزيارته لرئيس أمريكا كارتر عام 1977م والتي كان لها أثرها السياسي والديني لصالح الكنيسة المصرية.

- تحت رئاسة وإشراف البابا شنودة تعددت الاجتماعات ذات الصبغة الدينية والسياسية، التي تطالب بإعطاء الكنيسة الأرثوذكسية في مصر دوراً فاعلاً في السياسة، وأن يكون لها نصيبها من المناصب الوزارية. كما دعت الحكومة المصرية إلى التخلي عن فكرة تطبيق الشريعة الإسلامية(*)، والموافقة على إنشاء جامعة للأقباط على غرار جامعة الأزهر. ومن أشهر هذه الاجتماعات اجتماع الكنيسة المرقسية بالإسكندرية عام 1973م واجتماع الإسكندرية عام 1977م واجتماع تدريب مدرسي ومدرسات وخدام الدين النصراني في كنيسة مارجرجس بدمنهور في 27-28 يناير 1977م، واجتماع المحامين الأقباط بالإسكندرية. كما اهتم بزيادة عدد الأبروشيات حيث ارتفعت إلى ثلاث وخمسين أبرشية بدلاً من ثلاث وعشرين في عهد سلفه، وبالتالي زاد عدد الأساقفة إلى اثنين وستين أسقفاً.

- وزادت في عهده أيضاً وبشكل ملحوظ النشرات والكتب، وحملات التنصير والاستفزاز للمسلمين، مما أشعل المواجهات بين المسلمين والنصارى فيما عرف بأحداث الفتنة الطائفية (الزاوية الحمراء ومناطق مختلفة من صعيد مصر) الأمر الذي دعا الرئيس السابق لمصر – السادات- إلى عزله ونفيه في دير وادي النطرون، وقد أفرج عنه وعاد إلى كرسيه في عهد الرئيس الحالي لمصر محمد حسني مبارك.

- نتيجة للمنحى الجديد للكنيسة المصرية في عهد البابا(*) شنودة الثالث، ظهرت داخل الكنيسة(*) اتجاهات أخرى تعارضه، ويمكن تقسيم اتجاهات الكنيسة في عهده إلى:

1- اتجاه علماني: يؤكد انفصال الدين(*) عن الدولة في النصرانية(*) ويرى أن الكنيسة في هذا العصر خرجت على النصرانية الصحيحة – بزعمهم – لخلطها بين الدين والدولة، كما يطالب بأهمية قيام الكنيسة بواجبها الديني وابتعادها ورجال الكنيسة عن السياسة. ومن أبرز ممثلي هذا التيار المهندس ميلاد حنا الخبير الإسكاني وأحد رموز الحركة اليسارية في مصر.

2- اتجاه انعزالي كنسي: يدعو إلى تبني الكنيسة للخطاب الديني المحض، ويتجه إلى إصلاح الأديرة وتطويرها، ويمثّله الأب متى المسكين اسمه يوسف اسكندر – صيدلي – انقطع للرهبنة في دير أبي مقّار قرب الإسكندرية.

3- اتجاه روحي انعزالي: يدعو إلى تكفير(*) كل من يخالفه من المسلمين والأقباط على حد سواء، مستخدماً في محاربتهم الحرب الروحية بصراع الأرواح الشريرة. كما يدعو إلى محاربة التلفزيون كأحد أساليب مملكة الشر، وإلى مواجهة المجتمع والدولة سواء كانوا مسلمين أو نصارى مواجهة علنية. وإلى هذا الاتجاه تُنسب الحوادث الأخيرة من إغماء الفتيات المسلمات في شوارع مصر، ويمثل هذا التيار الأب دانيال البراموسي خريج كلية الهندسة، وصاحب النشاط المؤثر بين الشباب النصراني في صعيد مصر خاصة، والقمص زكريا بطرس كاهن كنيسة(*) مارجرجس بمصر الجديدة 1979م الذي أُبعد عن منصبه وحُرم من الوعظ لمهاجمته الدولة ودعوته لتنصير المسلمين بشكل علني.

4- اتجاه شمولي: يرى أن الكنيسة(*) مؤسسة شاملة مكلفة بأن تقدم الحلول لكل المشكلات، والأجوبة لكل الأسئلة المتصلة بالدين(*) والدنيا، ويمثله البابا(*) شنودة الثالث، والأنبا غريغوريوس أسقف(*) البحث العلمي وأسمه وهيب عطا حاصل على دكتوراه في فلسفة اللغات.

5- اتجاه توفيقي: يرى أن للكنيسة دوراً دينيًّا ذا بعد وطني، يحتِّم عليها أداء أدوار وطنية محددة؛ مثل الوقوف في وجه المستعمر(*) مع البعد عن الأمور السياسية، ويمثله المفكر القانوني وليم سليمان قلادة.

المخاطر المحتملة لنقص موارد المياه العذبة في مصر

المخاطر المحتملة لنقص موارد المياه العذبة في مصر
والسياسات الدفاعية الواجبة
أستاذ دكتور/ خالد عبد القادر عودة
أستاذ الجيولوجيا المتفرغ بقسم الجيولوجيا- كلية العلوم- جامعة أسيوط
جاء في التقرير الرابع للهيئة الحكومية الدولية (2007م) أن معدلات الأمطار قد قلت خلال القرن العشرين في الساحل بشرق إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط وجنوب إفريقيا وأجزاء من جنوب آسيا، بينما زادت هذه المعدلات في الأجزاء الشرقية من أمريكا الشمالية والجنوبية، وشمال أوروبا وشمال ووسط آسيا، وأن المساحات التي تعاني من الجفاف زادت زيادة ملحوظة على المستوى الدولي منذ التسعينيات؛ وأن تأثير الاحترار العالمي شمل تغير نظم الرياح، وزيادة العواصف الاستوائية، واختلال درجات حرارة الفصول السنوية.

ويحذر التقرير من أنه بانتصاف القرن الحادي والعشرين سوف تزداد الحاجة إلى المياه العذبة، ويقل سريان الأنهار في المناطق الجافة حول خطوط العرض المتوسطة والاستوائية، كما ستعاني كثير من المناطق شبه القارية حول حوض البحر الأبيض المتوسط، وغرب الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا وشمال شرق البرازيل- من تدني مصادر المياه نتيجة للتغيرات المناخية.

ويتوقع العلماء أن تتعرض قارة إفريقيا إلى الافتقار إلى المياه العذبة، وأنه بحلول عام 2020م سوف تتناقص إمدادات المياه لنحو يتراوح بين 75 و250 مليون نسمة من سكان إفريقيا؛ وذلك بسبب تغير الرياح، ومن ثمَّ اختلال معدلات الأمطار على الهضاب الاستوائية وشبه الاستوائية، كذلك زيادة معدلات التبخر؛ الأمر الذي يهدد بفقدان الأرض الزراعية التي تعتمد على الأمطار في الري بنحو 50% من مساحاتها.

إلا أن المتتبع للظواهر المناخية الحادة التي اجتاحت العالم عام 2010م- والذي يعد أكثر الأعوام حرارة منذ عام 1880م وأشدها كوارث خلال الخمسين عامًا الماضية- يجد أن الجفاف الذي أعقبه حرائق قد أصاب في غالبيته العظمى دولاً تقع على خطوط العرض العليا شمال خط عرض 30 إلى خط عرض 60 في النصف الشمالي للكرة الأرضية مثل روسيا التي أصابها جفاف، وحرائق بالأحراش والغابات نتيجة ارتفاع درجة الحرارة في شهر أغسطس إلى نحو 40 درجة مئوية لم يسجل مثلها بروسيا منذ 130 عامًا مضت.

وكذلك سيبيريا، وغرب كندا التي استمرت فيها الحرائق عدة أسابيع، أيضًا في أريزونا بغرب الولايات المتحدة، والبرتغال وإسبانيا التي ارتفعت فيها درجة الحرارة إلى 48 درجة مئوية، كما أصاب بريطانيا وأيرلندا جفاف غير مسبوق منذ عام 1929م، وارتفعت درجة الحرارة في جمهورية التشيك بما لم يسبق له مثيل منذ 82 عامًا.

وعلى النقيض من ذلك فإن السيول والفيضانات الحادة خلال نفس العام والتي تعد الأسوأ منذ نحو 80 عامًا تركزت غالبًا في الدول التي تقع على خطوط العرض المنخفضة فيما بين خط الاستواء وخط عرض 30 في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية.

ومثال ذلك فيضانات جنوب الصين في شهر يونيو، وإندونيسيا والبنجلاديش وبوركينا فاسو في شهر يوليو، والهند وكوريا الشمالية والصين في أغسطس، وباكستان في أغسطس- سبتمبر، والمكسيك في سبتمبر، وفيتنام وتوجو والبنين وتايلاند والبرازيل في أكتوبر، وفنزويلا والمغرب وكولومبيا في شهر ديسمبر؛ حيث سادت أحوال جوية سيئة غير معتادة مثل هذا الوقت من العام مناطق واسعة في أمريكا الجنوبية.

أما في دول حوض النيل فقد أكد عبد الرحمن الخضر والي ولاية الخرطوم أن منسوب مياه النيل ارتفع في شهر أغسطس إلى معدلات تقترب من فيضان عام 1946م.

وقال اللواء عبد الله عمر الحسن مدير شرطة الدفاع المدني بولاية الخرطوم إن مناسيب النيل ارتفعت إلى نسبة 17 مترًا أعلى من منسوب فيضان عام 1988م، موضحًا أن فيضان النيل بلغ مرحلة الخطورة.

وتجدر الإشارة إلى أن موسم الأمطار هذا العام جاء غزيرًا في السودان بعد أن كان السودان قد عانى العام الماضي من موسم أمطار ضعيف دفع الأمم المتحدة والمنظمات والدولة المانحة إلى التحذير من موسم جفاف شديد.

وبالرغم من أن الجفاف الحاد الذي أدى إلى حرائق والسيول الحادة التي أدت إلى فيضانات لم يسبق لهما مثيل، يمثلان وجهان لعملة واحدة وهي ظاهرة التغير المناخي، إلا أن الملاحظات من التوزيع الجغرافي لهذه الكوارث تشير إلى أن ارتفاع المتوسط العالمي لدرجة الحرارة سوف يزيد من شدة الأعاصير المصحوبة بسيول أو أمطار غزيرة على الهضاب الاستوائية والشبه استوائية، بما في ذلك هضاب إثيوبيا وأوغندا، ومن ثمَّ لا يتوقع تأثر حصتي مصر والسودان من مياه النيل إذا استمرت دول المنبع في الالتزام باتفاقية دول حوض نهر النيل، كما يتوقع زيادة معدلات الأمطار في جنوب ووسط السودان واليمن والسعودية العربية والصومال والمغرب وغالبية دول أمريكا الجنوبية وإفريقيا التي تقع شمال خط الاستواء.

العناصر المؤئرة في إمدادات المياه العذبة إلى مصر
بعد استبعاد سيناريوهات انخفاض معدل الأمطار على الهضاب الاستوائية، يبقى سيناريو النقص في إمدادات المياه العذبة إلى مصر معلقًا بعنصرين، عنصر بشري، وعنصر طبيعي؛ أما العنصر البشري فهو عدم التزام دولتي المنبع إثيوبيا وأوغندا باتفاقية النيل الموقعة عام 1959م ومحاولاتهما الإخلال بالحقوق التاريخية لدولتي الممر والمصب، السودان ومصر، من خلال إقامة السدود وحجز جزء من المياه ليس بغرض التنمية الزراعية فقط، وإنما أيضًا بغرض الاتجار في المياه.

وعلى الرغم من استحالة قيام هذه الدول بالتصرف الواسع في مجرى النهر فوق الهضاب بقصد منع المياه من الانحدار منها إلى سهول السودان نظرًا لوعورة الهضاب وارتفاع منسوبها ارتفاعًا حادًّا من 600 متر إلى أكثر من 3000 متر فوق منسوب سطح البحر (بحيرات تانا بإثيوبيا وفيكتوريا بأوغندا تقعان على منسوب نحو 1800 متر فوق منسوب سطح البحر)، إلا أن هذا التصرف يبقى محتملاً وممكنًا حال انفصال دولة جنوب السودان عن السودان وانضمامها إلى هذا المحور.

ففي هذه الحالة يمكن إجراء أي تحويلات في مجرى النيل الأبيض ونهر السوباط؛ نظرًا لانبساط سطح الأرض وانخفاض منسوبها تدريجيًّا في جنوب السودان من 400 متر جنوبًا إلى 325 مترًا شمالاً فوق منسوب سطح البحر، كما أن اقتراب حدود دولة جنوب السودان الشمالية الشرقية من النيل الأزرق عبر ولاية أعالي النيل يهدد باستغلال مياه النيل الأزرق من خلال الآبار، كما يجعل ممر النيل الأزرق داخل السودان عرضة للاعتداء العسكري بغية وقف إمداد السودان ومصر بمياه النيل الأزرق حال نشوب الحرب بين دولتي شمال وجنوب السودان، حتى ولو أدى ذلك إلى إغراق شرق السودان.

ويلاحظ أن مجرى النيل الأزرق فيما بين حدود إثيوبيا ومدينة الخرطوم يتميز بضيقه الشديد؛ على الرغم من عمقه الكبير بالنسبة للنيل الأبيض.

أما العنصر الطبيعي المؤثر في كمية المياه الواردة إلى مصر فهو زيادة معدلات التبخير بازدياد المتوسط العالمي لدرجة حرارة الكوكب، فمعدلات التبخير الحالية تتراوح من 3,4 ملم يوميًّا في الفروع المائية المفتوحة إلى 6,8 ملم يوميًّا في البحيرات المغلقة وشبه المغلقة في جنوب السودان، ومن 7,7 ملم إلى 15,3 ملم يوميًّا في وسط وجنوب السودان، ومن 4,5 ملم إلى 9,0 ملم يوميًّا في جنوب مصر.

وهذه المعدلات قد أدت إلى فقدان مصر لنحو 10 مليارات متر مكعب سنويًّا أو أكثر من مياه بحيرة السد والبحيرات الثانوية التي نشأت في جنوب الصحراء الغربية نتيجة تصريف المياه عبر ممر توشكى؛ حيث يبلغ مجموع مساحات البحيرة الرئيس والبحيرات الثانوية نحو 7000 كم².

فإذا وضعنا في الاعتبار الارتفاع المستمر في درجة حرارة الكوكب كأثر مباشر لزيادة تركيز الكربون في الجو والذي يقدره العلماء بنحو 4 درجات مئوية بنهاية القرن الواحد والعشرين حال استمرار انبعاثات غازات الصوبة على ما هو عليه الوضع حاليًا؛ فإننا بصدد زيادة لا تقل عن 10% في معدلات التبخير يقابلها نقص مخزون المياه في بحيرة السد بنفس النسبة، ما لم يتم تنفيذ اتفاقيات مؤتمري كوبنهاجن 2009 وكانكون عام 2010م والتي اتفق فيها زعماء دول العالم على عدم تجاوز هذه الزيادة بأكثر من درجتين مئويتين؛ مما يقلل من كمية المياه المفقودة بالتبخير.

والواقع أن نقص إمدادات المياه العذبة هو مشكلة يعاني منها سكان مصر حاليًا من قبل التغيرات المناخية؛ فحصة المواطن المصري من موارد المياه العذبة حاليًا لا تتجاوز 750 مترًا مكعبًا سنويًّا، بينما الحد العالمي الأدنى لحصة الفرد هو 1000 متر مكعب سنويًّا، طبقًا لما أعلنته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

وهو ما يعني أن نصيب الفرد المصري أصبح تحت خط الفقر في الوقت الحالي، فما بالنا في عام 2050م؛ حيث يتوقع أن يصل عدد سكان مصر إلى 160 مليونًا بزيادة قدرها 80 مليون نسمة؛ إن معنى ذلك أن حصة الفرد في مصر سوف تتضاءل تدريجيًّا إلى 375 مترًا مكعبًا سنويًّا خلال العقود الأربعة القادمة حتى بافتراض عدم وجود تغيرات مناخية واستمرار حصة مصر من نهر النيل دون نقص خلال القرن الواحد والعشرين.

وهذه المعدلات تعد كارثة في حد ذاتها بسبب زيادة عدد السكان ومن ثم زيادة النشاط الزراعي من جهة، وثبات حصة مصر من مياه نهر النيل والتي لم تتجاوز 55,5 مليار متر مكعب (طبقًا لاتفاقية الانتفاع بمياه النيل عام 1959) من جهة أخرى.

فالنشاط الزراعي يستهلك نحو 97% من مياه النيل، والأنشطة الزراعية الجديدة طبقًا للخطة الزراعية للدولة تتطلب التوسع زراعيًّا بمساحة 3,4 ملايين فدان جديدة حتى عام 2017م، منها 540 ألف فدان مزمع استكمال استصلاحهم في توشكى حيث تستهلك وحدها نحو 5 مليارات متر مكعب مياه سنويًّا يتم سحبهم من بحيرة السد؛ وبهذا يكون جملة المطلوب لاستكمال الخطة الزراعية حتى عام 2017 نحو 34 مليار متر مكعب من المياه.

وعلى الرغم من أن التخطيط الحكومي يشمل استخدام مياه الأمطار بمقدار مليار متر مكعب بالإضافة إلى 7,5 مليارات متر مكعب يتم سحبها من رصيد المياه الجوفية، إلا أن سحب المياه الجوفية بمعدلات سنوية تفوق معدلات التغذية التي لا تتجاوز 2.5 مليار متر مكعب سنويًّا يعجل بنفاد المخزون المائي، خاصة أن مخزون الوادي الجديد من المياه الجوفية يمثل في غالبيته مياه محفوظة وليست متجددة.

وبينما تخصص الحكومة المصرية نحو 3,7 مليارات دولار سنويًّا (نحو 20 مليار جنيه) على مشروعاتها الكبرى في إصلاح الأراضي وتأهليها للزراعة، بينما يستمر إنشاء العشوائيات السكنية دون توقف على الأرضي الزراعية الخصبة بعد تبويرها، وتتآكل أراضي مصر الخصبة في شمال الدلتا بسبب زيادة نسب التملح وزيادة معدلات النحر سنويًّا نتيجة توقف الإمداد بطمي النيل والمعادن المغذية للتربة بعد إنشاء السد العالي.

كما أن هناك جزءًا كبيرًا من الأراضي الزراعية بالوادي الجديد، والدلتا لا تستقبل ما يكفيها من مياه الري؛ فالمياه لا تصل إلى نهايات الترع بسبب عدم وجود قوة دفع لمياه النيل نتيجة تقليص كمية المياه التي تضخ في المجرى أمام السد العالي بحيث لم تعد تتجاوز 25% من كميتها قبل إنشاء السد العالي.

كذلك فإن هناك عشرات الآلاف من الأفدنة بمحافظة البحيرة تعرضت للبوار في الأراضي الخصبة المنخفضة؛ وذلك بسبب مياه الرشح المنصرفة من الأراضي الصحراوية المستصلحة حديثًا في النوبارية والبستان، وهذه الأراضي أعلى منسوبًا من أراضي الدلتا في الدلنجات وحوش عيسى، والسبب في ذلك هو مخالفة المزارعين القائمين على الأراضي المستصلحة لتعليمات الري بالتنقيط، ولكنهم غمروا الأرض بالمياه؛ مما تسبب في تسرب مياه الصرف، وتطبيل الأراضي المزروعة في منخفضات الدلتا، أيضًا تأثرت زراعة قصب السكر بصعيد مصر نتيجة عدم استقبالها ما يكفيها من مياه الري.

ومن جهة أخرى فإن الكيان الصهيوني يساعد حاليًا إثيوبيا على بناء العديد من السدود على النيل الأزرق بغرض توفير المياه لزراعة أراضي الحبشة الخصبة، وسوف تؤثر هذه المشروعات على مصر بمقدار 9 مليارات متر مكعب سنويًّا، وإثيوبيا مقتنعة (بدوافع صهيونية) أنها صاحبة الحق في استغلال الأمطار الموسمية كما أعلن المندوب الإثيوبي في "مؤتمر المياه" المنعقد بالقاهرة؛ ولذلك فإن إثيوبيا لن تقبل أن يبقى نصيب مصر 85% من مياه نهر النيل الواردة من إثيوبيا ولا يكون نصيب دولة المصدر من هذه المياه سوى 1% إلى الأبد.

كما أشار المندوب الإثيوبي إلى أن الصهاينة يعرضون شراء الماء منها كدولة منبع ثم تدفع لمصر كدولة مصب نظير 4 سنتات أمريكية لكل متر مكعب من المياه؛ وهو ثمن أقل بكثير من تحلية مياه البحر التي تتكلف 1,5 دولار لكل متر مكعب، ولا ننسى أيضًا أن إثيوبيا عبرت عن استيائها من تنفيذ مشروع توشكى، واتهمت مصر بأنها لا تهتم بمطالب واحتياجات دول أعالي النيل من المياه اللازمة لمشروعاتهم التنموية، بل ذهبت أبعد من هذا حين طالبت مصر بتعديل اتفاقية 1959م المنعقدة بين مصر والسودان.

نضيف إلى ذلك توقف العمل في مشروع قناة جونجلي الذي يهدف إلى تأمين تدفق نحو 7 مليارات متر مكعب من المياه من خلال مرحلتين تقسم مناصفة بين مصر والسودان، وهذا المشروع كان يمثل مقدمة لمشروعات مماثلة للمحافظة على مياه النيل كمشروع مستنقعات مشار ومستنقعات بحر الغزال، وهي مشروعات قائمة كلها في جنوب السودان تعمل على تجميع عدد كبير من المتفرعات النيلية الضيقة لتصبح فرعًا واحدًا متسعًا، وتوفر نحو 11 مليار متر مكعب أخرى (4 مليارات متر مكعب في مستنقعات مشار و7 مليارات متر مكعب في مستنقعات بحر الغزال).

والمؤسف أن مصر قطعت شوطًا طويلاً في إنجاز شق قناة جونجلي حيث تم حفر 260 كيلومترًا من طول القناة البالغ 360 كيلومترًا؛ إلا أن الحفارة المستخدمة في شق القناة دمرت بقذيفة صاروخية من عدو مجهول في 10 فبراير 1984م إبان الحرب الأهلية بين الشمال، والجنوب التي بدأت في نوفمبر 1983م؛ وبالتالي تأجل حلم جونجلي حيث شكل توقف الحفر وتخريب الحفار موتًا لحلم التكامل المصري السوداني، وما زالت مصر والسودان تقومان مناصفة بتسديد التعويض الذي حكمت به هيئة التحكيم الدولي (17,5 مليون دولار) كتعويض للشركة الفرنسية التي كانت تتولى تنفيذ المشروع.

وبتوقف مشروع قناة جونجلي وعدم الشروع في مشروعات المستنقعات بمشار وبحر الغزال يظل مشروع توشكى غير ذي جدوى اقتصادية، إذ أنه يستهلك نحو 10% من الحصة المقررة لمصر من مياه النيل دون إمدادات جديدة؛ وذلك على حساب احتياجات الأرض الزراعية في الوادي والدلتا.

كما أننا سنشهد هذا الشهر قيام دولة جديدة في جنوب السودان، وهو ما يعني مزيدًا من سياسة تفتيت الوطن العربي التي تمارسها أمريكا وأوروبا في الشرق الأوسط، وكما تقول فاطمة دياب فإن الدولة الجديدة ستأخذ شرعيتها دوليًّا، وسنجد العالم يتهافت على الاعتراف بها وبالوضع القائم؛ لأن انفصال جنوب السودان يتوافق ومشروع تقسيم المنطقة من جديد، ويحقق توجهات القوى ذات النفوذ العالمي تجاه المنطقة، وتجاه بلدانها، كما يتوافق ومصالحها الخاصة في عدم وجود منطقة عربية مترابطة قوية، وهو ما بدا بالفعل التصديق عليه داخل مراكز القوى في حكومة الحركة الشعبية لتحرير السودان، والتحرك عالميًّا وإقليميًّا للتمهيد بقبول الدولة الجديدة.

وقد ظهر هذا جليًا في جولة دولية وإقليمية قام بها الأمين العام للحركة الشعبية باقام أموم والذي استطاع بمهارة شديدة بالتعاون مع حلفاء الانفصال الدوليين أن يدفع لعقد جلسة طارئة خاصة بمجلس الأمن من أجل مراجعة اتفاقية نيفاشا للسلام، وما الذي قدمته حتى الآن، كما التقى مسئولون كبار بالكونجرس الذي يضم نخبة تعمل لصالح هذا الاتجاه ويدعمون الإستراتيجية الأمريكية الصهيونية بالمنطقة، وعلى رأسها تفتيت البلدان الإسلامية لدويلات صغيرة وتغيير معالمها مجتمعة.

كما قامت الحركة الشعبية بفتح 18 سفارة لها في الخارج تمنح تأشيرات دخول لجنوب السودان بدون استشارة الحكومة المركزية في الخرطوم، وقيام حكومة الإقليم بمنح امتياز لشركات النفط للتنقيب في الجنوب، كما أنها تصدر جوازات سفر وتسعى لربط الجنوب بنظام اتصالات له كود منفصل عن كود السودان، واستبدال المناهج الدراسية بالأوغندية بدلاً من السودانية، وتحريم اللغة العربية في جامعة جوبا، وسلام الحركة يعزف بدلاً من السلام الجمهوري السوداني وهذا يعني أن دولة الجنوب قد حددت بالفعل ملامح سياساتها وتوجهاتها وأن انفصال الجنوب قد وقع بالفعل، وأن الحركة الشعبية لم تترك شيئًا للاستفتاء عليه سوى الانفصال.

ولا يخفى على أحد الدور الذي قام به الكيان الصهيوني من أجل انفصال الجنوب عن السودان ومساندة الحركة الشعبية على صعيد الإمداد بالسلاح والخبراء والمال وحشد التأييد الدبلوماسي والسياسي الدولي للانفصال بهدف إضعاف العالم العربي ومحاصرة مصر، كما أرسلت رجال الموساد تحت مظلة خبراء واستشاريين في عمليات التنمية، وهي تعمل ضد مفهوم الوحدة السياسية أو الثقافية أو الجغرافية للمنطقة ومن هنا سيكون لها اليد العليا فيما هو قادم.

وهذا الدور يلخصه الضابط المتقاعد ووثيق الصلة بالموساد موشي قرحي في كتابه المعنون "إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان "وقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية بدعم توجه الانفصال عمليا بـ2 مليار دولار للبنية الأساسية وإعطاء الحركة وعودًا ضمنيةً، وكذلك غير مباشرة باحتوائها لدولة الجنوب رغم علمها بافتقادها مقومات الدولة وعناصرها، إضافةً لوجود كثير من القضايا العالقة مع الشمال والتي ستدفع الدولتين للتصارع، وأهمها ترسيم الحدود- والذي لم يحسم بعد- والنفط.

وأخطر أهداف هذا الانفصال هو انضمام الدولة الجديدة إلى محور دول المنبع بحوض نهر النيل الذي تقوده إثيوبيا وأوغندا، وتدعيم مطالب هذا المحور بشأن إعادة توزيع المياه فيما بينها، في تجاهل كبير لمصر والسودان دولتي المصب والممر؛ وهو ما يؤكد أن هناك تغيرًا استراتيجيًّا قادمًا فيما يتعلق بالحقوق المائية لدول حوض النيل، فالدولة الجديدة تمثل إضافة جديدة لدول الحوض من حيث العدد مما يدفع لإعادة تشكيل حزمة جديدة من التعاملات بين الدول لن تجني مصر أو السودان أي ميزة، بل ستمثل ضغوطًا أكثر وتطويقًا لأي تحرك مصري وسوداني في هذا الاتجاه، ويجعل مصر محاصرة ورهن أي تطورات في ملف المياه، على الرغم من إعلانها مرارًا أنها لن تقف ضد الجنوبيين في حق تقرير المصير.

السياسات الدفاعية الواجبة
أولاً: السياسات الخارجية
مصر هي أكثر الدول تأثرًا بقدوم دولة الجنوب، ومن ثم لا بد أن تكون حاضرة بصيغة متوازنة للمصالح المتبادلة حتى تجد الصدى الذي تريده وتأمله من الجديد القادم لا محالة ودون استئذان، كما عليها أن تقرأ واقع ما يحدث الآن من مسلك جنوبي لأنه سيساعدها في ترتيب أولوياتها في التعامل مع الواقع الجديد، ونقترح في هذا الشأن ما يلي:
1- عدم اعتراف مصر بالدولة الجديدة المزمع إقامتها في جنوب السودان، أو بحكومتها مع عدم إقامة علاقات دبلوماسية معها إلا بالشروط الآتية:

أ‌. ألا تتجاوز حدود الدولة الشمالية نهر السوباط، وبمعنى آخر أن يكون نهر السوباط هو الخط الفاصل بين دولتي الشمال والجنوب، ومن ثم تخرج ولاية أعالي النيل (Upper Nile) من حدود الدولة الجديدة في جنوب السودان.

ب‌. اعتراف الدولة الجديدة بالحقوق التاريخية لمصر والسودان في مياه النيل والالتزام باتفاقية نهر النيل الموقعة مع السودان عام 1959م.

ت‌.  عدم الإخلال المطلق بنصيب مصر في مياه النيل الأبيض ونهر السوباط، على أن توزع حصة السودان من هذه الأنهار بين شطري السودان بما يتفق مع عدد السكان في كل شطر، أي بنسبة 21% لجنوب السودان، و79% لشمال السودان، دون اعتبار لمساحة كل شطر.

ث‌. تشكيل قوة عسكرية مشتركة فيما بين مصر وشمال السودان وجنوب السودان، تكون مهمتها حماية حقوق المياه لدول الممر والمصب، ويكون مركزها ولاية أعالي النيل.

ج‌. أن تلتزم حكومة جنوب السودان بكل الاتفاقيات الموقعة بين مصر والسودان فيما يخص زيادة موارد النيل الأبيض ونهر السوباط؛ من خلال استكمال مشروع قناة جونجلي الذي يغرض إلى استقطاب الفواقد من مياه النيل لحساب كل من مصر والسودان. وهو المشروع الذي يربط بحر الجبل عند مدينة بور بنهر السوباط عند التقائه بالنيل الأبيض قرب مدينة الملكال بطول 360 كيلومترًا، وقد قد تم تنفيذ أعمال الحفر لهذا المشروع بنسبة 70%، إلا أن تدهور الأوضاع الأمنية بسبب الحرب بين الشمال والجنوب قد تسبب في تأجيل تنفيذ المشروع، كذلك الشروع فورًا في باقي المشروعات المائية المشتركة بين مصر والسودان، وأهمها مشروع مستنقعات مشار، ومشروع مستنقعات بحر الغزال ضمن المشروعات المقترحة التي تستهدف عائدًا بإجمالي 18 مليار متر مكعب.

2- تعديل الإستراتيجيات في السياسة المصرية الحالية تجاه السودان حكومةً وشعبًا؛ لذا يجب إعادة النظر في هذه السياسة واعتبار السودان بمثابة العمق الإستراتيجي للأمن القومي المصري، ومن ثم يجب على الحكومتين المصرية والسودانية الوقوف صفًّا واحدًاَ لمواجهة المؤامرات التي تهدد حياة الملايين من البشر في مصر والسودان.

كما يجب أن يتعدى التكامل المائي إلى التكامل الاقتصادي (التجاري والصناعي والزراعي والتعديني) والاجتماعي (التعليم والثقافة) في ظل سياسة أمنية مشتركة، ودفاع مشترك خارج نطاق اتفاقيات جامعة الدول العربية، وأن تسخر الحكومتان المصرية والسودانية كل طاقتيهما لتحقيق الأمن والسلام في باقي أقاليم السودان وخاصة إقليم دارفور من خلال إقامة المشروعات التعليمية والزراعية والثقافية والسكنية لسكان الإقليم، مع العمل على نشر الحريات وتعميم المساواة بين السكان ذوي الأصول أو الأديان المختلفة، وإقامة العدل وترسيخ الديمقراطية، حتى لا يتكرر في هذا الإقليم ما حدث في الجنوب، مع ضرورة اعتبار أي محاولة أخرى لتقسيم السودان بمثابة خط أحمر للأمن المصري القومي لا يجوز اجتيازه ويتم مقاومته بالقوة العسكرية.

وفي هذا الصدد نوصي بإقامة تكامل سياسي وإداري مرحلي فيما بين مصر والسودان، يتمثل في إقامة إقليم مشترك بين منطقة توشكى في جنوب مصر، والولاية الشمالية شمال السودان يتمتع بمزايا المناطق الحرة والتبادل التجاري والتكامل الزراعي والصناعات الزراعية، مع إقامة الطرق ووسائل النقل والانتقال السريع وتحديث البنية التحتية للمدن والقرى الواقعة في زمام هذا الإقليم المشترك، وتعديل قواعد التملك في الأراضي الزراعية شمال السودان والأراضي المستصلحة بمنطقة توشكى؛ بما يضمن تشجيع شباب المزارعين المصريين على الهجرة إلى هذا الإقليم والاستقرار به وتنميته وتطويره.

3- العمل على تحقيق التكامل المائي والزراعي بين مصر والسودان من جهة ودولة جنوب السودان من جهة أخرى في مواجهة آثار التغيرات المناخية حال إقرار حكومة جنوب السودان بالشروط المذكورة أعلاه، وذلك من خلال الترشيد المائي في الري والتكامل الزراعي بين الدول؛ فالزراعات التي ستضرر بجنوب السودان من جراء زيادة درجة الحرارة يمكن زراعتها في شمال السودان لحساب الجنوب، كما أن نقص المياه المحتمل يمكن تعويضه بتنفيذ المشروعات المائية المشتركة لزيادة حصتي مصر والسودان بشطريه من المياه المتسربة من النهر إلى الفروع المتشعبة في جنوب السودان، مع ترشيد الري والاستهلاك البشري.

كما يجب العمل على إقامة سوق مشترك للمحاصيل الإستراتيجية بين دول الممر والمصب من جهة ودول المنبع من جهة أخرى، وأن تكون الأولوية للتبادل التجاري في المحاصيل الزراعية لدول حوض النيل.

4- اعتبار أي عمل من جانب الحكومة الإثيوبية يكون من شأنه تقليص حصتي مصر وشمال السودان في مياه النيل الأزرق أو نهر عطبرة بما يؤدي إلى الإخلال بحياة، أو معيشة سكان مصر، أو السودان، أو كلاهما معًا؛ يعتبر بمثابة إعلان الحرب على كل من مصر والسودان.

وعلى الحكومتين المصرية والسودانية اتخاذ كافة الإجراءات الدبلوماسية على المستويات الدولية والعربية والإفريقية دون إسقاط الخيار العسكري في مواجهة أي عمل من جانب الحكومة الإثيوبية يكون من شأنه تقليص حصتي مصر، وشمال السودان في مياه النيل الأزرق، أو نهر عطبرة بما يؤدي إلى الإخلال بحياة أو معيشة سكان مصر أو السودان أو كلاهما معًا، ولو اقتضى الأمر حشد الملايين المسلحين من أفراد شعبي مصر والسودان للزحف نحو منابع النيل لحمايته من المؤامرات التي يحيكها الكيان الصهيوني في دول حوض النيل. وعلى إثيوبيا وأوغندا وجنوب السودان أن يعلموا أن الاستقواء بأمريكا لن ينفعهم في شيء؛ فأمريكا خرجت من العراق وهي تجر أذيال الخيبة بسبب المقاومة الشعبية التي واجهتها في العراق، والتي أسقطت بدورها أطماع أمريكا في إعادة ترتيب المنطقة.

وها هي أمريكا تتلمس الاتفاق المهين مع طالبان في أفغانستان قبل سحب قواتها التي فشلت حتى الآن من أن تنال من المقاومة الأفغانية أو ترويض الشعب الأفغاني بعد مضى أكثر من 9 سنوات من الاحتلال لأفغانستان.

كما أن الكيان فشل في تحجيم المقاومة اللبنانية أو النيل منها منذ الحرب الأخيرة على لبنان وحتى الآن على الرغم من أن قوة المقاومة لا تتعدى بضعة آلاف مقاتل.

وعلى الجميع أن يعلم أن شعب مصر من أكثر الشعوب صبرًا وتسامحًا، إلا انه أقوى الشعوب عقيدة، وأعظمها بأسًا في الحروب على مر العصور، وأن الحكومة المصرية مهما اختلفت توجهاتها على استعداد لأن تقوم بكل المهام التي يحتمها عليها الواجب من أجل الدفاع عن أهم مصادر الحياة للشعب المصري وهو مياه نهر النيل.

5- العمل على إحياء الوجود المصري السياسي والتجاري والثقافي في دول أفريقيا عامة، ودول حوض النيل خاصة إلى ما كان عليه سابقًا لمقاومة الفراغ الذي شغله الكيان الصهيوني في هذه الدول، مع تشجيع الاستثمارات في دول حوض النيل، وتبادل الخبرات العلمية والاقتصادية، كذلك تشجيع دور الجامعة العربية في هذه الدول؛ حيث إن تأخر الدور العربي- كما تقول فاطمة دياب- كان عاملاً قويًّا لجعل ولاءات الدولة الوليدة في جنوب السودان وتحالفانها ليست عربية وربما انجذبت بعيدًا أكثر مما يتوقع الكثيرون، وهو ما سيؤدي حتمًا لوجود لاعبين جدد وبأجندات جديدة أيضًا للتدافع إلى المنطقة لاستكمال المخططات الأمريكيصهيونية.

ثانيًا: تعويض النقص المحتمل لموارد المياه العذبة
1- زيادة موارد مياه نهر النيل
وهو ما يعني زيادة حصة مصر من مياه النيل دون تأثير على باقي دول حوض النيل حال موافقة حكومة الدولة الوليدة في جنوب السودان على الالتزام بحقوق مصر والسودان في مياه النيل؛ وذلك من خلال استكمال المشروعات المائية المشتركة المتفق عليها سابقًا مع حكومة السودان بغرض تجميع الفاقد في مياه النيل الأبيض ونهر السوباط وهي كما ذكرنا:
أ‌. استكمال مشروع قناة جونجلي الذي يضيف عائدًا مجزيًا لكل من مصر والسودان يبلغ 7 مليارات مكعبة من الماء سنويًّا (على مرحلتين).

ب‌. الشروع فورًا في باقي المشروعات المائية المشتركة بين مصر والسودان وأهمها مشروع مستنقعات مشار الذي يحقق فوائد مائية قدرها 4 مليارات متر مكعب، ومشروع مستنقعات بحر الغزال الذي يضيف 7 مليارات متر مكعب أخرى ضمن المشروعات المقترحة بأعالي النيل التي تستهدف عائدًا بإجمالي 18 مليار متر مكعب، على أن يعاد توزيع نصيب السودان في هذا العائد وقدره 9 مليارات متر مكعب فيما بين الشمال والجنوب طبقًا لنسبة توزيع الحصة الأصلية للسودان من مياه النيل وقدرها 18,5 مليار متر مكعب بين شطري السودان بما يتفق مع عدد سكان كل شطر.

1- إعادة الاتزان لنهر النيل داخل الأراضي المصرية بغرض زيادة خصوبة الأرض الزراعية وحماية الدلتا من تقدم البحر، وتقليص الفاقد في مياه النهر في البحيرات جنوب مصر.

إن مصر تعاني اليوم وسوف تعاني مستقبلاً من سلبيات حجز طمي النيل خلف السد وأثره على خصوبة التربة الزراعية، وإضعاف الأحزمة الرملية التي تحيط بالدلتا من ناحية البحر؛ حيث تتضافر كل هذه السلبيات مع التغيرات المناخية التي سوف تجتاح العالم خلال هذا القرن لتلحق دمارًا واسعًا في شمال الدلتا المصرية يفوق الدمار الذي سوف يلحق بالسواحل الأخرى التي تطل على البحر الأبيض المتوسط، بل يفوق الأضرار التي ستلحق بدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

فتوقف ضخ الطمي في نهر النيل قد ترتب عنه عدم تجديد الطبقة السطحية الصالحة للزراعة على طول مجرى نهر النيل شمال السد، فهذه الطبقة تتعرض للجفاف والنحر بفعل العوامل الجوية بمرور الوقت خاصة في أوقات الجفاف أو نقص مياه النهر، إلا أنه يتم ترطيبها وتقويتها بما يتم ترسيبه من الطمي سنويًّا.

فمنذ آلاف السنين ودلتا نهر النيل تتميز بخصوبتها حيث يثمر النهر رواسب غنية بالمواد المغذية للتربة التي تجعلها نموذجية للزراعة، وهذه الرواسب كانت تقدر قبل عام 1964م بنحو 111 مليار كيلو جرام سنويًّا، منها 93- 98% كان يصل إلى المصبات خلال مواسم الفيضان من يوليو إلى نوفمبر، وقبل إغلاق ممر النهر بالسد العالي بلغت حمولة النهر السنوية عام 1964م نحو 55 مليار متر مكعب منها 34 مليار متر مكعب خلال أشهر الفيضان، أما الآن ومنذ استكمال إنشاء السد العالي فقد أصبحت هذه الرواسب كمًّا مهملاً إذا ما قورنت بنحو 100 مليون طن متري من الغرين (الطمي) محفوظة خلف السد العالي سنويًّا.

وعلى الرغم من أن إنشاء السد العالي قد خلق بحيرة السد العالي التي تمتد نحو 270 كم جنوب السد، وأضافت البحيرة أرضًا جديدةً للزراعة نتيجة كمية المياه الكبيرة المخزونة، كما ازدهرت منها صناعة الصيد، إلا أنه لسوء التخطيط قد تسبب السد العالي في خلل كبير في ظروف البيئة في منخفضات النهر.

هذا الخلل يتلخص في بضع كلمات هي: خروج النظام النهري عن حالة الاتزان، فمن أهم الصدمات هو فقدان الدلتا للخصوبة نتيجة فقدان النهر لحمولته السنوية المعتادة، مما دفع الفلاحين إلى استخدام المخصبات الصناعية والتي بدأت بدورها في التسرب خلال التربة، كما لم يعد النهر قادرًا على غسل مجراه نتيجة النقص الشديد في كمية المياه في المجرى، فبحيرة السد العالي قد حجزت واختزلت كمية المياه الطبيعية التي يحملها النهر عادة؛ حيث يطلق السد حاليًا نحو 25% من حمولته من المياه مقارنًا بما كان عليه الحال قبل إنشائه؛ الأمر الذي أدى إلى زيادة نسبة ملوحة المياه في الدلتا نتيجة نقص كمية المياه.

وقد ترتب عن ذلك ظهور مشاكل في كميات المياه المخصصة للشرب في الدلتا، كما أن نقص المياه قد أدى إلى مشاكل في نظم الري نتيجة عدم وصول المياه إلى نهايات الترع المتفرعة من النهر؛ بسبب عدم وجود قوة دفع للمياه للنقص الحاد في كمية المياه التي تضخ في النهر بعد إنشاء السد، كذلك زادت كمية التلوث حيث إن المياه المتدفقة في مجرى النهر قبل إنشاء السد كانت كفيلة بتطهير المجرى من الملوثات.

كما أن حرمان الدلتا من رواسب النهر قد تسبب في تعريض الساحل الشمالي للدلتا للنحر البحري، بفعل الأمواج مما أدى إلى اختفاء لسان رشيد وتقلص لسان دمياط، وتهالك الأحزمة الرملية التي تعزل البحر عن البحيرات الشمالية (البرلس والمنزلة). وقد أثبت المسح الطوبوغرافي في الدراسة الحالية أن الأحزمة الرملية على طول ساحل الدلتا قد انهارت في كثير من المواقع نتيجة الهجرة المستمرة للكثبان الرملية في اتجاه جنوب شرق، دون أن يعوض ذلك ترسيب كثبان جديدة كما كان عليه الحال قبل إنشاء السد العالي؛ مما يهدد بغزو مياه البحر لشمال الدلتا بمجرد ارتفاع منسوب سطح البحر بأي مقدار.

ومن المعلوم أن الدلتا تهبط سنويًّا عند أطرافها بمعدلات تتراوح بين 3 مليمترات غربًا و5 مليمترات شرقًا، وأن الرواسب التي كانت تعوض هذا الهبوط جزئيًّا، وتحول دون بغيان البحر على الساحل قد توقفت تمامًا منذ إنشاء السد العالي.

إن إعادة النظام النهري لحالة الاتزان هو ضرورة قومية تستوجبها مصلحة الجيل الحالي والأجيال القادمة في مصر لما سوف يحققه من وقف تدهور خصوبة الأرض الزراعية في وادي النيل والدلتا، والحد من النحر البحري لشواطئ الدلتا، من خلال بناء دفاعات طبيعية أمام ساحل الدلتا.

وهذا الأمر لا يمكن إتمامه إلا من خلال إعادة ضخ حمولة نهر النيل من الطمي أمام السد العالي بأسوان، وهو ما يعني إعادة تقييم سلبيات السد العالي واقتراح أنسب الحلول للقضاء على هذه السلبيات، وهذا يستوجب تشكيل لجنة عليا من خبراء الري والزراعة والبيئة والجيولوجيا والسدود والطاقة المائية والإنشاءات الهندسية لبحث كيفية إعادة ضخ مياه النيل إلى مجرى وادي النيل أمام السد العالي بدلاً من حجزه خلف السد، وإعادة معدلات تدفق المياه داخل مجرى النهر إلى ما كانت عليه قبل إنشاء السد العالي، وهو أمر ليس بالهين وإنما تستوجبه المصلحة العليا والقومية لشعب مصر والأجيال القادمة.

ويتطلب ذلك وضع الحلول الفنية والهندسية لمعالجة أربع مشاكل رئيسية:
أ‌. مشكلة افتقار نهر النيل والدلتا إلى الطمي بعد توقف ضخ حمولة النيل في وادي النيل عند أسوان منذ إنشاء السد العالي حتى الآن؛ الأمر الذي أدى إلى فقدان خصوبة الأرض الزراعية في وادي النيل والدلتا، وتعرض سواحل الدلتا للنحر البحري وتهالك الأحزمة الرملية المحيطة بهذه السواحل، مع عدم تعويض الهبوط المستمر للدلتا عند المصبات؛ مما ساهم في تهيئة الدلتا للغزو البحري المتوقع خلال القرن الواحد والعشرين بسبب زيادة درجة حرارة الكوكب وما يتبعه من ارتفاع منسوب سطح البحر.

ب‌. مشكلة تقلص كمية المياه المندفعة في مجرى نهر النيل، وبطء سرعة النهر خلال معظم شهور السنة؛ الأمر الذي أدى إلى زيادة نسبة ملوحة المياه في الدلتا نتيجة نقص المياه، وظهور مشاكل في كميات المياه المخصصة للشرب، واختلال أنظمة الري، وزيادة كمية التلوث في مياه النهر، وتركيز قواقع البلهارسيا وانتشار الطفيليات في التربة ومياه النهر، كل ذلك بسبب عدم قدرة النظام النهري الراهن على غسل المجرى.

ت‌. تراكم طمي النيل على قيعان بحيرة السد العالي في صورة جبال تحت سطحية تمتد على طول البحيرة، والتحرك المستمر لهذه الجبال الرملية والطينية صوب الجنوب؛ مما يهدد بإغلاق الممر المائي لنهر النيل القادم من السودان، أو التفرع القهري لنهر النيل حول تلال الطمي عند مدخل بحيرة السد.

ث‌. الفاقد المستمر نتيجة التبخير من مياه بحيرة السد (5250 كم²) والبحيرات المستجدة (1800 كم²) التي نشأت نتيجة التصرف في المياه الزائدة في البحيرة عبر مفيض توشكى، والذي يقدر بنحو 10 مليارات متر مكعب سنويًّا قابلة للزيادة خلال العقود القادمة؛ بسبب ارتفاع معدلات التبخير نتيجة الارتفاع العالمي المتيقن في درجة حرارة الأرض؛ الأمر الذي يهدد بجفاف البحيرات المستجدة، وانخفاض منسوب المياه في البحيرة.

إن إعادة ضخ حمولة النهر في وادي النيل والدلتا يستوجب إنشاء قناة تحويلية جديدة جنوب بحيرة السد العالي تمتد شمالاً بمحاذاة البحيرة لتصب في الجزء الواقع بين السد العالي وخزان أسوان، وهذه القناة تسمح بمرور المياه بحمولتها كاملة من الجنوب إلى الشمال على أن يقوم خزان أسوان بنفس الدور الذي كان يقوم به قبل إنشاء السد العالي، أما استمرار بحيرة السد في استقبال فائض المياه فيستوجب إنشاء جسر يتحرك عموديًّا أو سد يسمح بالتحكم في القناة التحويلية الجديدة بحيث يمكن تحويل الماء السطحي الزائد عن منسوب سطح القناة دون حمولته إلى بحيرة السد، مع عدم الإخلال بسريان الماء السفلى بحمولته في القناة التحويلية الجديدة.

كما يسمح هذا الجسر المتحرك أو السد بإغلاق مدخل بحيرة السد حال ارتفاع منسوب سطح البحيرة إلى الحد الخطر، بينما يستمر اندفاع المياه بحمولتها في القناة التحويلية، وهذا الإجراء سوف يحول دون تبديد المياه الزائدة عن حدود البحيرة عبر مفيض توشكى.

والادعاء بأن زيادة معدلات تدفق مياه النهر أمام السد العالي قد يتسبب في إغراق بعض الأراضي الزراعية في جنوب الوادي خلال موسم الفيضان مردود بأن هذا الإغراق محدود ومحمود، فهو إغراق قصير الأمد، محدود الزمن (لا يتجاوز 45 يومًا)، وهو إغراق بمياه عذبة تزيد الأرض خصوبة، وتنعش الحياة الاقتصادية والزراعية، وتجدد المياه الجوفية، وتحمي شواطئ الدلتا من اجتياح البحر، بينما إغراق شمال الدلتا بمياه البحر يزيد الأرض ملوحة ويدمر الحياة الاقتصادية والاجتماعية والزراعية والمياه الجوفية والثروة السمكية، وهو طويل الأمد، غير محدود المدة، قد يستغرق بضعة مئات من السنين.

كما أن مصر اليوم ليست كمصر قبل إنشاء السد العالي، فالأراضي الزراعية تضاعفت وتحتاج إلى تجديد سنوي لخصوبة الأرض، ونظم الري تطورت، وهناك العشرات من الترع الجديدة التي يمكن أن تستوعب أي زيادة في كمية مياه النيل، وآلاف الأفدنة الزراعية بالوادي الجديد والدلتا لا تستقبل ما يكفيها من مياه الري.

والأمر متروك للخبراء في تحديد موقع ومنشأ القناة التحويلية، وكيفية التحكم في المياه بما لا يخل بسريان حمولة النهر وسرعته أمام السد العالي، مع تخزين الفائض من مياه النهر بدون حمولته من الطمي خلف السد العالي.

2- تحلية مياه البحر
لا سبيل لزيادة هذه المصادر في ظل الفقر المائي الذي ستتعرض له مصر كنتيجة لزيادة عدد السكان من ناحية، والنقص المحتمل في الموارد المائية المتاحة حاليًا بسبب الزيادة المستمرة في درجات الحرارة وما يلحقها من تغييرات في النظام المناخي للأرض من ناحية أخرى، إلا بتحلية مياه البحر، وترشيد استخدام مياه الشرب والري.

وعلى الرغم من أن تحلية مياه البحر أكثر كلفة من غيرها، إلا أنها السبيل الوحيد أمام الإنسانية لمواجهة النقص المحتمل لمصادر المياه العذبة بفعل التغيرات المناخية، وخاصة في الدول الواقعة على خطوط العرض المنخفضة (الاستوائية وشبه الاستوائية والمعتدلة).

لذا يوصي التقرير الثالث والرابع للهيئة الحكومية الدولية بضرورة قيام الدول الساحلية المهددة بأخطار التغيرات المناخية بالتوسع في إنشاء مشروعات تحلية مياه البحر.

والواقع أن مصر في هذا المجال تعتبر من أقل الدول العربية استغلالاً لسواحلها، على الرغم من أن مصر يحدها سواحل مطلة على كل من البحر الأحمر وخليج السويس والبحر الأبيض المتوسط بطول يزيد عن 3500 كيلومتر، فدولة الإمارات العربية التي لا يتجاوز عدد سكانها 4,25 ملايين نسمة بها أكبر محطة تحلية في العالم وهي محطة جبل على التي تبلغ طاقتها 820 ألف متر مكعب/ يوميًّا (300 مليون متر مكعب/ سنويًّا)، بينما في مصر التي يقترب عدد سكانها من الثمانين مليون نسمة يوجد عدد قليل من محطات التحلية المحلية ذات طاقات محدودة على طول ساحل البحر الأحمر وخليج العقبة وشمال سيناء وغرب مرسى مطروح- لا تتجاوز طاقتها جميعًا 72 ألف متر مكعب/ يوميًّا (هذا بافتراض الانتهاء من إنشاء المحطات الجديدة المدرجة في آخر خطة خمسية للجهاز المركزي للتعمير حتى 2007)، أي أقل من عشر ما تنتجه دولة الإمارات.

وهذه الكمية موزعة توزيعًا عشوائيًّا على السواحل، حيث يختص ساحل خليج العقبة بنصيب الأسد من مشروعات التحلية بطاقة إجمالية 40000 متر مكعب/ يوميًّا (نحو 14.6 مليون متر مكعب/ سنويًّا) يتم إنتاجها من محطات التحلية في شرم الشيخ (10000 متر مكعب/ يوميًّا)، راس نصراني (2000 متر مكعب ومخطط زيادتها إلى 8000 متر/ يوميًّا)، ذهب (5000 متر مكعب/ يوميًّا)، نوبيع (5000 ومخطط زيادتها إلى 10000 متر مكعب/ يوميًّا) وطابا (7000 متر مكعب/ يوميًّا). بينما لا تتجاوز الطاقة الإجمالية التي تنتجها محطات التحلية في مدن ساحل البحر الأحمر عن 6100 متر مكعب/ يوميًّا موزعة على 15 محطة من الغردقة شمالاً إلى شلاتين جنوبًا، مع العلم بأن عدد سكان هذه المدن يربو على عشرة أضعاف سكان خليج العقبة يسكنون مدنًا كبيرةً مثل رأس غارب والغردقة وسفاجا والقصير ومرسى علم وشلاتين وحلايب. أما شمال سيناء فلا يحتوي إلا محطة واحدة في نبق بطاقة 12000 متر مكعب/ يوميًّا, وجارٍ استكمال 6 محطات محلية غرب مرسى مطروح بطاقة إجمالية 15000 متر مكعب/ يوميًّا.

وفي هذا الصدد نقترح ما يلي:
أ‌- بناء محطتين عملاقتين لتحلية مياه البحر بطاقة 80000 متر مكعب/ يوميًّا لكل محطة في شمال الصحراء الغربية:

المحطة الأولى تستمد طاقتها من المفاعل النووي المزمع إنشاؤه على الساحل الشمالي، وأن يقتصر الماء النقي الناتج من هذه المحطة على تغذية المدن الواقعة على الساحل الشمالي لمحافظة مطروح.

والمحطة الثانية فنقترح إنشاءها في الجزء الشرقي لمنخفض القطارة في حالة تنفيذ مشروع توصيل مياه البحر إلى المنخفض (انظر السياسات الدفاعية غير التقليدية)؛ وذلك لتغذية مياه الشرب للقرى السياحية التي ستنشأ على شواطئ بحيرة المنخفض، وتستمد هذه المحطة طاقتها من الكهرباء المتولدة من استغلال الفرق بين منسوب المياه في القناة الموصلة للمنخفض ومنسوب المياه في المنخفض.

ب‌-  زيادة عدد محطات التحلية على ساحل البحر الأحمر بإجمالي طاقة لا يقل عن إجمالي طاقة محطات التحلية في خليج العقبة (40 ألف متر مكعب يوميًّا)، بما يضمن كفاية المدن الواقعة على طول الساحل حتى حلايب جنوبًا، ولتخفيف الضغط على سحب مياه الشرب من وادي النيل إلى الساحل.

ت‌- إلزام القرى السياحية على البحر الأحمر (والساحل الشمالي للصحراء الغربية) بإنشاء محطات تحلية محلية بطاقة تتراوح بين 500 إلى 2000 متر مكعب/ يوميًّا بما يتناسب مع مساحة القرية، وعدد سكانها وخدماتها، فمشروعات تحلية البحر الخاصة هي مشروعات ناجحة اقتصاديًّا، وعائدها مجزٍ وهي تخفف عن كاهل الحكومة الاقتصادي، فتكلفة قدرها 1.5- 2 دولار لتنقية المتر الواحد من مياه البحر لا تعد كبيرة بالنسبة لسكان القرى السياحية ومرتاديها.

ث‌- استحداث تكنولوجيا جديدة لري الأراضي الرملية الساحلية بمياه البحر بعد تحليتها، وبما لا يتجاوز 10% من معدلات الري الحالية. وهي تكنولوجيا حديثة تعمل على توفير مياه الري من خلال دورات الري المغلقة بما لا يسمح بوجود فاقد في المياه، وتعتمد أساسًا على الماء المحلى من مياه البحر.

ويمكن استغلالها في حماية الكثبان الرملية التي تشكل الأحزمة الفاصلة بين البحر والدلتا، علاوة على أي مساحات أرضية رملية قريبة من السواحل. وهذه التكنولوجيا قد تمت تجربتها على مقياس صغير وجارٍ تجربتها على مقياس أكبر بمغرفة فريق من مهندسي التحلية والزراعة بالاشتراك مع الكاتب، وسيعلن عنها قريبًا.

3- تخزين مياه الأمطار
نظرًا لأن زيادة معدلات التبخير هي الحقيقة الثابتة لزيادة الاحترار العالمي فإنه من المنتظر أن تزداد هذه المعدلات في المناطق القاحلة وشبه القاحلة في أفريقيا أكثر منها في المناطق المعتدلة على ساحل البحر الأبيض. لذا فإن تخزين مياه الأمطار الواقعة على سواحل البحر الأبيض المتوسط قد يعوض جزءًا من المياه المفقودة بالتبخير في دول حوض النيل، ومن بينها السودان وجنوب مصر.

وتخزين مياه الأمطار هي سياسة ثابتة في كل دول شمال أفريقيا المطلة على البحر الأبيض فيما عدا مصر؛ فدولة المغرب مثلاً ليس بها أنهار طبيعية، ومع ذلك تمكنت من بناء عشرات السدود لحجز مياه الأمطار ثم تخزينها في بحيرات صناعية عبر قنوات صناعية.

ومياه الأمطار هي المصدر الرئيسي للشرب والزراعة في الجزائر والمغرب وتونس، أما في مصر فتكثر مياه الأمطار على الساحل الشمالي والدلتا بينما تندر في جنوب الوادي والصحراء.

ويقدر خبراء المياه ما يسقط على البلاد من مياه أمطار بنحو 15 مليار متر مكعب سنويًّا لا يستفاد منها سوى 10 % سنويًّا، وتتركز الأمطار التي تزيد عن 150 ملليمترًا في منطقتي شمال غرب الدلتا وأقصى شمال شرق سيناء (رفح 300 مليمتر) لذلك يجب التخطيط لإنشاء السدود والقنوات الصناعية والخزانات الأرضية على طول الساحل الشمالي لتخزين مياه الأمطار واستغلالها في ري الأراضي المستصلحة جنوب الساحل في الصحراء الغربية، وسيناء.

4- تطوير طرق حفظ المياه وصيانتها
وهو ما يعنى عدم التفريط في استخدام المياه إلا بقدر ما يحقق المساحة، أو المصلحة المطلوبة. ونوصي في هذا الشأن بما يلي:

أ‌. وقف مد ترعة السلام إلى وادي العريش، وهي المرحلة الخامسة لمشروع ترعة السلام والتي يطلق عليها بلوك 5 عند وادي العريش؛ حيث يستوجب ذلك رفع المياه بمحطة طلمبات عملاقة إلى منسوب أعلى من 100 متر فوق سطح البحر لتصل إلى الوادي بتكلفة باهظة، علمًا بأن مياه الأمطار والمياه الجوفية- كما يقول الخبراء- تكفي احتياجات السكان من الزراعة والشرب وتزيد عن حاجتهم بمقدار ثلاث مرات على الأقل.

ب‌. تجريم استخدام المياه الطبيعية سواء مياه النيل أو المياه الجوفية في ري ملاعب الجولف، وأن يقتصر ماء الري في هذه الملاعب على مياه الصرف بعد تنقيتها. وعلى أن يتحمل أرباب هذه الملاعب تكلفة التنقية.

ت‌. عدم مد قنوات أو ترع جديدة من نهر النيل إلى أي من الصحراء الغربية، أو الشرقية، فالصحراء الغربية لها نفس مقومات دولة ليبيا الطبيعية من حيث الموارد الطبيعية والطوبوغرافيا والجيولوجيا، كذلك الصحراء الشرقية، وخليج السويس وساحل البحر الأحمر لهم نفس المقومات الطبيعية للمملكة العربية السعودية، ومع ذلك يعيش سكان ليبيا والسعودية معيشة رغدة رغم عدم وجود أنهار في البلدين نتيجة الجهد المبذول من شعوبهما في استثمار مقومات بلديهما الذاتية بما يحقق كفايتهما دون حاجة لمساعدة الآخرين.

الموقف في مصر مختلف، فالسكان مكدسون حول مجرى نهر النيل، والتوسعات على حساب الأرض الزراعية جارية على طول الوادي، وسكان الصحراء يطلبون مد مياه النيل إلى أراضيهم بل إلى مضاجعهم، ولا يرغبون في استغلال المقومات التي منحها الله في أراضيهم، أو أقاليمهم، يعاونهم في ذلك سوء الإدارة المحلية وضعفها عن اتخاذ القرارات وعدم سعيها لتوفير سبل جديدة للتنمية في محافظاتهم ووحداتهم المحلية، وكل ذلك بسبب مركزية القرار في القاهرة وسوء التنظيم الإداري.

ومن ثمَّ نوصي بإعادة تقسيم مصر إداريًّا إلى ثلاثة أقاليم، إقليم وسط، ويضم وادي النيل بمحافظاته المختلفة، إقليم شرق، ويضم الصحراء الشرقية وسيناء بمحافظاته المختلفة، وإقليم غرب، ويضم الصحراء الغربية بمحافظاته المختلفة؛ على أن تستقل هذه الأقاليم عن بعضها البعض إداريًّا وماليًّا؛ بحيث يكون لكل منها قوانينه الاقتصادية وكوادره المالية وضرائبه وقواعد العمل المستقلة بما يشجع الأفراد على الهجرة من الوادي إلى الصحراء على جانبي الوادي؛ وأن يعمل المسئولون في كل إقليم تحت رئاسة نائب لرئيس الجمهورية لشئون الإقليم على تنمية الإقليم وكفاية شعب الإقليم وتقدمه وازدهاره من خلال استغلال المقومات الطبيعية الذاتية السطحية والتحت سطحية المتوفرة بالإقليم دون حاجة من الحكومة المركزية، أو الاستعانة بمقومات الأقاليم الأخرى.

ث‌. عدم التفكير في مد مياه النيل إلى الكيان الصهيوني من خلال مشروع ترعة السلام بسيناء لكون هذا الإجراء يعد بمثابة انتحار للشعب المصري؛ فنصيب الفرد في مصر من المياه قد هبط إلى ما تحت خط الفقر المائي العالمي، وهذا المعدل سوف يزداد تدهورًا بزيادة عدد السكان من جهة، واستكمال مشروعات الإصلاح الزراعي في مصر من جهة أخرى.

5- إعادة استخدام الماء بعد تنقيته ومعالجته
ونوصي في هذا الشأن بأن يقتصر استخدام الماء المعالج على ري الأراضي الزراعية فقط، مع عدم استخدامه في الشرب، وبناء على ذلك نرجو عدم استخدام مياه ترعة السلام في الشرب حيث إنها عبارة عن مياه مخلوطة من الماء العذب (2.11 مليار متر مكعب من فرع النيل دمياط) ومياه صرف زراعي (2.34 مليار متر مكعب من مصرفي حادوس والسرو)، فمياه الصرف مهما تمت نقاوتها إلا أنها تحوي نسبًا من المبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية المستخدمة في الزراعة التي تؤثر على صحة الإنسان على المدى الطويل، كما أن هذه المياه المخلوطة في شمال سيناء سوف تلحق ضررًا بالغًا بالمياه الجوفية، وبحيرة البردويل؛ فالأرض المستصلحة في سهل الطينة شديدة الملوحة وتحتاج إلى كميات كبيرة من المياه لغسلها، كما تحتاج إلى أسمدة كيماوية، مما يجعل إعادة استخدامها مصدرًا للضرر.

6- تطوير طرق الري واستخدامات المياه
وذلك من خلال التوسع في طرق الري بالرش أو التنقيط، ونوصي في هذا الشأن بتجريم استخدام طرق الغمر في ري الأراضي المستصلحة في الظهير الصحراوي للوادي حتى لا تتسبب مياه الصرف الراشحة في إتلاف الأراضي الزراعية بالوادي، كما حدث في الدلنجات شمال غرب الدلتا. هذا بالإضافة إلى ما ذكرناه من تكنولوجيا جديدة للري المقتصد من مياه البحر بعد تحليتها.

7- إعادة ضبط زمن أو مكان الزراعة وتنويع المحاصيل 
 ويقصد بذلك تغيير مواقيت زراعة المحاصيل بما يتفق مع درجة الحرارة، فما كان يزرع في فصل الصيف يمكن زرعه في فصل الربيع، وما كان في الربيع يمكن زرعه في فصل الشتاء، أو تغيير أماكن الزراعة. فالمحاصيل التي كانت تزرع في جنوب مصر يمكن زراعتها في شمال مصر في نفس الموسم نظرًا لتفاوت درجات الحرارة داخل مصر، كذلك إحلال محاصيل محل أخرى تتكيف مع زيادة درجات الحرارة، ونقص الموارد المائية، مع استنبات سلالات جديدة من الأرز لتوفير مياه الري. وسلالات أخرى تتكيف مع الأرض المملحة مثل الفول الذي نجح أعضاء هيئة التدريس في كلية الزراعة بأسيوط في توفير سلالات منه تتحمل درجات الملوحة العالية.

بالإضافة إلى ما سبق فإن هناك توصيات إضافية من اللجنة الدولية الحكومية للتغيرات المناخية إلى جميع الدول المهددة بمخاطر التصحر والجفاف، ونقص موارد المياه العذبة- وهي تتلخص في الآتي:
8-  تحسين إدارة الأرض الزراعية بما يضمن زيادة تخزين الكربون في التربة.

9- مقاومة عوامل النحر وحماية التربة الزراعية من خلال التوسع في زراعة الأشجار.

والله خير الشاهدين
-----------
أ.د. خالد عبد القادر عودة
 أستاذ الجيولوجيا المتفرغ بقسم الجيولوجيا بجامعة أسيوط

الحقوق محفوظة لـ - مدونة المرايا المستوية | الإخوان المسلمون