السبت، 13 مارس 2010

سيبقى الأقصى ما بقيت الدنيا

رسالة من: أ. د. محمد بديع- المرشد العام للإخوان المسلمين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن والاه، أما بعد،،

القدس زهرة المدائن، وبسمة الأماكن، ليلها صلوات وابتهالات، ونهارها كدح ودعوات، وتاريخها هو تاريخ الرسالات وتضحيات المرسلين، سلَّمها النبي إلى النبي والرسالة إلى الرسالة؛ حتى تسلَّمها محمد صلى الله عليه وسلم من جميع الأنبياء في حفل باركته السماء، وعلى أبوابها استُشهد الأبطال، وفي ساحاتها استبسل صناديد الرجال المؤمنين، وعلى أبوابها يتصارع الحق والباطل صراعًا مريرًا قد يربح الباطل جولاته الأولى، ويحسم الحق في جولاته الأخيرة.

ثوابت لا تفريط فيها:

* فلسطين والقدس جزء من عقيدة الأمة الإسلامية، والتفريط فيها تفريط بكتاب الله، وحضارة الأمة وعقيدتها.

* قضية فلسطين أمانة في عنق كل مسلم، والانتصار لها واجب، والدفاع عنها فريضة، والتفريط فيها جريمة.

* التودد للصهاينة ومن والاهم، والتعامل معهم؛ حرب لله ولدينه وللمسلمين، مصداقًا لقول الله: ﴿فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)﴾ (النور).

* الجهاد لاسترداد فلسطين والأقصى فرض عين على جميع المسلمين، فالجميع مطالبون بصيانة المقدسات وحمايتها، وفي مقدمتها أولى القبلتين وثالث الحرمين، ومسرى النبي ومعراجه.

شكر مرفوض وتخاذل ممجوج

إن من نكد الدنيا على المرء أن يمر عليه يوم مثل الثالث من مارس الجاري، والذي قام فيه "نتنياهو" رئيس وزراء الكيان الصهيوني بتقديم (الشكر) إلى زعماء العرب على موقفهم المشرف؟! وأيضًا السيدة "هيلاري كلينتون" التي أعربت عن امتنانها ورضاها عمَّا اعتبرته موقفًا عربيًّا (شجاعًا)، وذلك بعد سكوتهم وتخاذلهم والامتناع؛ حتى عن الشجب والاستنكار لقرار ضمِّ الحرم الإبراهيمي في الخليل ومسجد بلال في بيت لحم إلى "إسرائيل"، في انتهاك صارخ لكل القوانين والأعراف الدولية، هذا الذي حدث في الضفة الغربية تحت سمع وبصر السلطة الفلسطينية في رام الله، يتزامن مع الجهد الذي يُبذل؛ استعدادًا لبناء هيكل سليمان فوق أرض المسجد الأقصى، والذي يمثل يوم 15 مارس الجاري إشارة البدء لـ"حملة بناء الهيكل".

للأقصى رب يحميه وسواعد تفديه

يصعِّد الكيان الصهيوني إلى الهاوية كلما اقترب أكثر من تحقيق فكرة بناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى.

ففي أعقاب مذبحة ساحة الأقصى (8/10/1990م) ظهر عالم الآثار الصهيوني "جوزيف سيرج" على شاشة التليفزيون الفرنسي ليقول: "إن "إسرائيل" ستبدأ قريبًا جدًّا في إقامة الهيكل الثالث على أنقاض المسجد الأقصى الذي تستطيع "إسرائيل" تصديعه باستخدام التكنولوجيا الحديثة, وبعدها بأيام في شهر نوفمبر أعلن "شامير" رئيس الوزراء الصهيوني آنذاك، معلقًا على المذبحة: "لقد حان الوقت كي تمتد حدود "إسرائيل" من البحر إلى النهر"، وفي سبتمبر 1991م أعلنت جريدة (هاحدشوت) أن حركة "أمناء جبل الهيكل" ستقوم بوضع حجر الأساس- الذي يبلغ وزنه 6 أطنان ملفوفًا بعلم "إسرائيل"- إلى مكانه في الحرم القدسي.

ولا غرو... فمن أوفى بوعده ووعيده وقضائه من الله تعالى، إذ يقول جل شأنه: ﴿إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)﴾ (الحج).

فأين ذهب "شامير"؟ ذهب إلى الجحيم، تلاحقه اللعنات، وخاب أمناء الهيكل، فلم تتحقق غايتهم، وقد رأينا بأم أعيينا مؤخرًا كيف قام الرجال والنساء والشباب من أبناء فلسطين بمواجهة الجيش المسلح بصدورهم العارية وسواعدهم العزلاء من السلاح؛ سوى سلاح الإيمان والعقيدة والتصميم على الجهاد والاستشهاد.
وصدق فيهم قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)﴾ (آل عمران).

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما وصفهم بقوله: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، يقاتلون على أبواب بيت المقدس، لا يضرهم خذلان من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك".

عندما انتُخب "شارون" رئيسًا للوزراء، وأعلن تصريحه الشهير بالقضاء على الانتفاضة في خلال مائة يوم، مضت الانتفاضة في طريقها، واشتد عودها يومًا بعد يوم، وأحدثت في حينها ضربة هائلة لنظرية الأمن الصهيوني، وأعادت الثقة في قدرة الشعوب على استخلاص الحقوق ومواجهة العدو الغاصب، وأكَّدت للزعامات الخائرة أن دوام الحال من المحال؛ فأين ذهب شارون؟ إنه يرقد حتى الآن في غيبوبة بين الموت والحياة، لا يدري من أمره شيئًا ليتحقق فيه وعد الله ووعيده.

العرب يوفِّرون الغطاء للصهاينة

لقد كان مطلوبًا أن يغض العرب الطرف عن مخططات تهويد القدس، واقتحام المسجد الأقصى، وسرقة الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال، وسرقة وهدم بيت المقدس، ونسيان العدوان على غزة، وما أصابها من خراب وتدمير، وهي ما زالت صابرة على الحصار والتجويع، ولإخراج المشهد المخزي كان على جامعة الدول العربية أن توفر الغطاء أو العباءة، فقامت بتمديد حق الرئيس محمود عباس في التفاوض مع الكيان الصهيوني لأربعة أشهر!!!

وإن المرء ليعجب منذ متى يقيس العرب قراراتهم بالشهور؟!!

ومنذ متى يحتاج عباس إلى إذن عربي، وهو الذي أذن لـ"إسرائيل" بأن تنفرد به عندما قرَّر في أوسلو الخروج عن وفد مدريد العربي الموحد؟!!

ولماذا هذه العباءة العربية؟!!

ولماذا على أبواب قمة طرابلس؟!!

ولماذا وسط الاستياء الأوروبي من تزوير "إسرائيل" جوازات سفر ست دول من دولها؟!!

ولماذا بعد قمة الأسد- نجاد؟!!

ولماذا مع هدم بيوت أهالي القدس؟!!

ولماذا مع رصد ميزانيات جديدة لمستوطنات "إسرائيلية" في الضفة؟!!

وهكذا نرى أن عباءة الجامعة العربية واسعة فضفاضة، فهي تغطي "نتنياهو" من دم المبحوح، وتغمر بالدفء برودة معالجة الدول الأوربية؛ لاستعمال "إسرائيل" جوازات سفر رعاياها بصورة غير شرعية في اغتيال شهيد المقاومة في دبي, وتخفي المبادرة العربية الطاعنة في السن، والمطعونة في ظهرها "إسرائيليًّا" وأمريكيًّا؛ بحيث يصعب سحبها في قمة طرابلس المقبلة... لقد أصابت "إسرائيل" عدة عصافير بحجر عربي واحد..
في مواجهة التحديات:

* أمتنا أمة عظيمة، يظهر معدنها في أوقات المحن والشدائد، ولا بد من إستراتيجية طويلة المدى، تنبع من عقيدة الأمة وهويتها ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138)﴾ (البقرة).

* إن وحدة الأمة ووحدة العمل الإسلامي ووحدة القيادات والمنهج ضرورة شرعية وحياتية لمواجهة التحديات.

* لا بد من أن نمتثل لأمر الله؛ حيث قال: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ (60)﴾ (الأنفال).

مهما علت "إسرائيل" فإنها إلى زوال


رغم امتلاك "إسرائيل" ترسانة من الأسلحة النووية، ورغم احتضان أمريكا لها، ورغم التنازلات العربية؛ فإنه لن يتوفر لها الأمن والأمان على أرضنا المحتلة، فهي ظاهرة مؤقتة وإلى زوال، والشواهد على ذلك كثيرة:

- فقد أخبرنا الله عزَّ وجلَّ في سورة الإسراء أن الصهاينة سيعلون في الأرض مرتين علوًّا كبيرًا.. وها نحن نلمح العلو الثاني والأخير الذي سيسلط الله فيه عليهم من يسومهم سوء العذاب؛ جزاء تطاولهم على الله، واستهانتهم بالحرمات والمقدسات، فيقول الله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)﴾ (الإسراء).

وانطلاقًا من سنة الله في التداول، وهلاك الأمم بسبب الظلم والعدوان والطغيان يقول تعالى: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)﴾ (الأنعام)، ﴿وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا (59)﴾ (الكهف).

- تعاني "إسرائيل" حالة التقهقر، بعد أن لحقت بها هزائم عسكرية متتالية، ابتداءً من حرب 73، مرورًا بالانتفاضة الأولى (87) والانسحاب من جنوب لبنان، والانتفاضة الثانية (2000)، وانتهاءً بخسارة الحرب أمام حزب الله في لبنان، وانسحابها المذل من غزة دون أن تحقق أهدافها.
- الانقلاب الديموجرافي المتوقع لصالح السكان العرب، أو ما يسمونه "القنبلة البيولوجية"، والذي تزيد فيه مواليد الفلسطينيين عن الصهاينة بنسبة 7: 1، والذي دعا الكيان الصهيوني لإعلان مسمى "الدولة اليهودية" كإجراء استباقي لتهجير السكان العرب وغلق باب حق العودة لأراضي 48.

- بشارة الرسول صلى الله عليه وسلم- وهو يعطينا الأمل- بحدوث معركة فاصلة بين اليهود والمسلمين يكون النصر فيها للإسلام والمسلمين، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهود من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله، إلا الغرقد؛ فإنه من شجر اليهود".

ومن هنا نقول.. إن "إسرائيل" إلى زوال، وأن الأقصى سيبقى ما بقيت الدنيا، يقول تعالى: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ (17)﴾ (الرعد).

إحياء السلام المزعوم وشعار الإخوان



كشفت الأيام القليلة الماضية الوجه الحقيقي للمؤسسات الدولية التي تعلن مسئوليتها عن حماية حقوق الإنسان، عندما قامت آلة الحرب الصهيونية بالعدوان على المسجد الأقصى وعلى المصلين فيه، كاستمرار ممارسات الصهاينة الإجرامية ضد المقدسات على أرض فلسطين ومحاولة هدم الأقصى المبارك.

وفي نفس الوقت تقف معظم الأنظمة العربية والإسلامية عاجزةً عن ردع العدوان الصهيوني عن مقدساتنا وإخواننا في فلسطين أرض العروبة والإسلام، بل وتتجاوز هذه النظم حدود الصمت العاجز إلى الفعل السلبي- كما هو الحال في مصر- سواءٌ بالسماح لفلول العدو أن تدنِّس أراضينا بدعوى مولد أبوحصيرة أو بإعادة افتتاح معبد موسى بن ميمون في حضور ممثلي الكيان الصهيوني، وفي نفس الوقت الذي يقف فيه النظام حجر عثرة أمام كل من يتحرك لنصرة المسجد الأقصى ودعم المقاومة في فلسطين معتقِلاً ومعذِّبًا ومضطهِدًا لكل من يستمر في هذا الدعم.

ولا تقف حدود هذه الأزمة عند الموقف المتراجِع من القضية الفلسطينية، بل تتجاوز ذلك إلى إعلان العداء ورفض الإنصات لكل أصحاب الرأي والفكر ومن يتحركون من أجل الإصلاح الداخلي، وتهديد النشطاء السياسيين والسعي لإقصاء كل من كان مؤثرًا في الساحة السياسية للإصلاح، وفي القلب منهم الإخوان المسلمون ورموزهم وقياداتهم، الذين يصرُّون- رغم ما يلاقونه- على دعم القضية الفلسطينية والمقاومة وعلى رفع راية الإصلاح حاملة شعارهم "الإسلام هو الحل".

وأمام هذا الواقع فإننا نؤكد ما يأتي:

أولاً: العدوان الصهيوني على المسجد الأقصى

1- على الشعوب العربية والإسلامية أن تتحمَّل مسئوليتها، وتستمر في غضبتها وحركتها ضد الوجود والإجرام الصهيوني على أرض فلسطين؛ لأن الحق العربي والإسلامي لن يعود ولن يُسترد من أيدي الصهاينة إلا بإرادة هذه الشعوب ورفضها التام لهذا الكيان الغاصب ورفض المطبِّعين معه والمفسدين في بلاد العرب والمسلمين.

2- موقف معظم الدول العربية والإسلامية من اقتحام الصهاينة للمسجد الأقصى موقفٌ برتوكوليٌّ هزيلٌ، ولا يرقى إلى مستوى الجريمة الواقعة على المسجد الأقصى وقدره لدى ملايين المسلمين، وكان الأولى أن يتم تعجيل القمة العربية لتتحوَّل إلى قمة طارئة لتتخذ خطوات فاعلة في هذا الصدد، وعلى رأسها قطع كل العلاقات بأي شكل مع الكيان الصهيوني، وإن كانت هذه النظم تعجز عن اتخاذ مواقف مشرفة من الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى فلا أقلَّ من أن تترك الشعوب لتعبر عن رفضها بدلاً من المشاركة في الجريمة بقمع من يتظاهر لنصرة الأقصى كما نرى الآن في مصر.

3- ما تقوم به الإدارة الأمريكية للوساطة فيما تسميه بإحياء عملية السلام، عبر "ميتشل" أو "بايدن"- بزعم العودة إلى المفاوضات- يمثل نوعًا من الوصاية وإضاعة الوقت وتضييع الفرص على الفلسطينيين في الوقت الذي تغض فيه الطرف عن الممارسات الصهيونية باستمرار بناء "المستوطنات" الاستعمارية على أرض فلسطين المغتصبة، وتهيئ لها الأجواء المحلية والإقليمية والعالمية لتكمل جريمتها ضد أبناء المنطقة جميعًا.

ثانيًا: الإخوان والشأن المصري العام

1- يمضي الإخوان المسلمون في مسيرتهم للإصلاح السياسي بالمشاركة الشعبية والمشاركة في كل الانتخابات وشعارهم الدائم (الإسلام هو الحل).


2- إن تنامي حملة الاعتقالات ضد الإخوان المسلمين وإصرار نظام الحكم على أن يكون الحوار الداخلي مع كل معارضيه عبر القوانين الاستثنائية والمحاكم العسكرية يُعدُّ سباحةً عكس التيار، وهذه الإجراءات التعسفية إن دلَّت على شيء فإنما تدل على ضعف النظام وعجزه عن المنافسة الشريفة عبر انتخابات حرة نزيهة، وعلى الرغم من كل هذا فإن الإخوان المسلمين مع كل من يطالب بالإصلاح في كافة المجالات، بما يكفل للشعب المصري امتلاك قراره بحرية دون قمع أو تزوير لإرادته أو حتى اجتزاء لها.

3- أكدت الاعتصامات التي قام بها الأسبوع الماضي بعض الشرائح الفئوية لعمال مصر وغيرهم؛ أن روح الممانعة ومقاومة الفساد والاستبداد قد استيقظت في نفوس المصريين، على عكس ما كان يراهن الظالمون والمفسدون عليه، ورغم مساعي النظام لتهميش هذه الروح في الشعب، لذا يجب على النظام أن يتراجع عن موقفه المنحاز للفساد، وأن ينزل على إرادة الأمة بإطلاق الحريات العامة وإلغاء القوانين سيئة السمعة، وإجراء انتخابات حرة نزيهة بشفافية وديمقراطية وتحت رقابة شعبية حقيقية.

الإثنين.. فعاليات لمناصرة الأقصى بالمحامين


تنظِّم لجنة الشريعة بنقابة المحامين مؤتمرًا حاشدًا ووقفةً احتجاجيةً، ظهر بعد غد الإثنين، بمقر النقابة العامة للمحامين، ضد الانتهاكات الصهيونية بحق المقدسات الإسلامية والمسجد الأقصى الشريف.

وأكد محمد طوسون مقرر لجنة الشريعة لـ(إخوان أون لاين) أن هذه الفعاليات وسيلة نقابية لدعم المساندة الشعبية لقضية المسجد الأقصى، مستنكرًا أن يتجاوز النظام المصري كل الأعراف، ويعتقل أكثر من 200 مواطن، من بينهم محامون يساندون المسجد الأقصى.

وشدد على تضافر كل الجهود لمواجهة كارثة الاعتداء على المسجد الأقصى، مشيرًا إلى أن الأمر على المستوى الرسمي ليس صعبًا بعد الحشد الإعلامي الخاطئ ضد الجزائر في الأزمة الرياضية الأخيرة بين مصر والجزائر.

واتَّهم طوسون النظام المصري بالتواطؤ مع الكيان الصهيوني على المستوى الإعلامي والأمني، مؤكدًا أن توعية الشعب بالقضية الفلسطينية لا تستحق كل هذا الاستنفار الحكومي ضد المساندين للمسجد الأقصى، بل تتطلب دعمًا مباشرًا.

إذاعة طلابية إلكترونية للتضامن مع الأقصى

"16 مارس.. سيُهدم الأقصى.. هكذا يقولون.. وهكذا يزعمون ويدعون".. شعار رفعه طلاب الإخوان المسلمين بالجامعات المصرية ونشطاء الإنترنت؛ للبدء في بث إذاعة إلكترونية يوم 16 مارس الجاري للتضامن مع المسجد الأقصى وضد تهويده.

وأكد الطلاب والنشطاء في بيان الإعلان عن الإذاعة على الموقع الإلكتروني الـ(فيس بوك) أنهم لن ينتظروا حتى هدم المسجد، ولن يسمحوا بذلك, وأن فعالياتهم جاءت لتعلن للعالم كله أنهم صامدون ولن يتنازلوا عن شبر واحد من الأقصى.

وتهدف الإذاعة الأولى من نوعها إلى جمع المهتمين بالأقصى, وتوحيد الجهود لنصرة الأقصى والمقدسات.

- رابط المجموعة على الـ(فيس بوك):

http://www.facebook.com/group.php?v=wall&gid=360537471910

- رابط موقع الإذاعة:

http://www.students4pal.com/









الإخوان والانتخابات النيابية


د. محمد حبيب - بتاريخ: 2010-02-23

أعترف أن النتائج التى حققها الإخوان من جراء خوضهم انتخابات مجلس الشعب خلال العقود الماضية كانت ـ على وجه الإجمال ـ إيجابية ، على المستوى التربوى والدعوى بالنسبة للإخوان كجماعة من ناحية ، وعلى مستوى ممارسة الدور التشريعى والرقابى فى المجلس ، والدور الخدمى الذى يقوم به النواب بالنسبة للجماهير فى الدوائر المختلفة من ناحية أخرى. ويقتضى الإنصاف والموضوعية أن يكون تقويم أداء النواب شاملا ، فلا يقتصرعلى الدور التشريعى والرقابى فقط ، ولا على الدور الخدمى فحسب. كما يقتضى الإنصاف والموضوعية أيضا أن يكون التقويم شاملا للنواب ككتلة وليس كأفراد. وفى هذا الصدد لا يجب أن تغيب عنا الحقائق التالية:

1) أن النظام الذى نتعامل معه لايقيم وزنا للديموقراطية بمعناها المتعارف عليه ، فلا تعددية سياسية حقيقية ، ولا تداول سلمى للسلطة ، ولا اعتبار لمبدأ الأمة مصدر السلطات ،

2) لا مكان للرأى الذى تبديه المعارضة ـ مهما كانت حجته ووجاهته ـ وقد رأينا كيف يعمل حزب السلطة على إقصاء المعارضة والتعتيم عليها بشكل كامل ،

3) أن النواب الإخوان يعملون فى ظل مناخ ردىء ومعوق ، وقد شاهدنا كيف يتم التضييق عليهم فى مقارهم ، وملاحقة واعتقال مدراء مكاتبهم.

وبالرغم مماسبق ، فلست مع أخى عبد المنعم أبوالفتوح فى مقترحه الذى أبداه منذ أسابيع قليلة بمقاطعة إنتخابات مجلس الشعب لمدة عشرين عاما ، وذلك لعدة أسباب أوجزها فيما يلى:

أولا: أن المنافسة على بضعة مقاعد فى مجلس الشعب لاتعد بحال منافسة على السلطة ، ولا تمثل تهديدا ولا حتى إزعاجا للنظام على أى نحو ، هى فقط عبارة عن فضاءات قانونية يتحرك فيها الإخوان لخدمة الوظيفتين الأخريين ، التربوية والدعوية ، فضلا عن أنها جزء منهما ،

ثانيا: أن عدم مشاركة الإخوان لن تدفع النظام لإجراء إنتخابات حرة وشفافة ونزيهة ، ولو بأى نسبة ، ويجب ألا نخدع أنفسنا ، فهذه السياسة جزء من تركيبة النظام نفسه ، ويكفى أن نستحضر ما يفعله مع الأحزاب ،

ثالثا: أن حزب السلطة ـ برغم إمكانات الدولة الضخمة الموضوعة بين يديه ـ هش وضعيف ، وسيبقى كذلك إلى ماشاء الله ، وبالتالى سوف تظل حاجته إلى التزوير قائمة ودائمه ، إلا أن يشاء الله شيئا آخر ،

رابعا: أن حزب السلطة لايريد أن تبرز أمامه أية قوة سياسية ، أيا كانت مرجعيتها ؛ إسلامية ، أو ليبرالية ، أو قومية ، أو إشتراكية ، هو يريد أن يكون الكل ضعيفا ، متراجعا ، منكفئا،

خامسا: أن المتغيرات السياسية على المستوى المحلى والإقليمى والدولى متسارعة ، ولا يتوقع أحد ما يمكن أن يحدث هذا العام أو العام الذى يليه ، وبالتالى ففترة عشرين عاما غير منطقية بالمرة وتعتبر ـ فى عالم السياسة ـ طويلة للغاية ، ولا أحسب أن أخى عبد المنعم أبو الفتوح قصد هذا الرقم تحديدا ،

سادسا: أن الحياة قائمة على سنة التدافع ، ولا يتصور أحد أن الغياب عن خوض المعارك الإنتخابية طيلة هذه الفترة سوف يدفع النظام ـ أيا كان شكله ـ أو القوى السياسية أو الرأى العام إلى تغيير نظرته ، فضلا عن أن هذا الأخير بصفة خاصة لن يتفضل عليك بشىء لم تجاهد ببسالة من أجله.

وفى النهاية أقول : كنت أتوقع من أخى عبد المنعم أن يقترح ، مثلا ، تقليل نسبة المشاركة ، لا منعها ، فذلك أجدى وأنفع وأوفق.


والله من وراء القصد ‘‘


الخميس، 11 مارس 2010

بحر يدعو لرفع الغطاء العربي عن المفاوضات

دعا الدكتور أحمد بحر، النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، سلطة "فتح" في رام الله إلى وقف المفاوضات المباشرة وغير المباشرة مع الكيان الصهيوني أياً كانت التسمية، بشكل تام وفوراً دون إبطاء، مؤكدا أن "عباس وفريقه السلطوي والتفاوضي يتحملون كامل المسؤولية أمام شعبنا الفلسطيني عن منح الصهاينة الغطاء السياسي لتصعيد وتيرة استيطانهم وجرائمهم بحق أرضنا وحقوقنا ومقدساتنا".

وقال بحر، في بيان صحفي صدر عنه الخميس (11-3) تلقى "المركز الفلسطيني للإعلام": "إننا ندعو الجامعة العربية بسحب مبادرة السلام العربية التي شكلت انهزاماً عربياً أمام العربدة والصلف الصهيوني"، مبيناً أن العرب والفلسطينيين لم يجنوا من ورائها إلا مزيداً من الذلة والوبال".

كما دعاها إلى "رفع الغطاء العربي الذي تم منحه مؤخراً لقرار استئناف المفاوضات عبر لجنة المتابعة العربية"، مشدداً على أن "الوضع الفلسطيني يمر في هذه الآونة بأخطر مراحله وأدق ظروفه على الإطلاق، وأن التهاون أو التقصير العربي ومجافاة التقدير السليم في تشخيص الأوضاع الفلسطينية ومدى الأخطار الإستراتيجية المحدقة بها، من شأنه أن يقود إلى الكارثة المحققة التي نحاول تفاديها قبل وقوعها، ويسمح للصهاينة بالتغول على كل المقدسات والمقدرات الفلسطينية، وفرض واقع استيطاني إحلالي يغير من طبيعة المعادلة الجغرافية والسكانية الحالية، بل ويهيئ لهم أرضية تصعيد الإرهاب والعدوان ضد أبناء شعبنا وخصوصا في قطاع غزة المحاصر"، كما قال.

وطالب بحر "الكل الوطني الفلسطيني، وكافة قيادات وقوى وأحزاب وفعاليات الأمة العربية والإسلامية وكل أحرار العالم، إلى اجتراح هبة قوية وعنيفة من أجل الدفاع عن الحقوق والمقدسات الفلسطينية، وتبني برنامج وطني وعربي عملي بغية التصدي للمخططات الصهيونية التي بدت تجلياتها في الاستهداف المنهجي الشامل لكل حقوقنا ومقدساتنا، والضغط المنظم والفاعل على صناع القرار لقطع كل أشكال العلاقات والتطبيع مع كيان الاحتلال، وعزله على كل الأصعدة والمستويات"، مؤكداً على أن "الأنظمة العربية يجب أن تتحمل مسؤوليتها كاملة في ممارسة كل أشكال الفاعلية والضغط السياسي، لنصرة فلسطين ومقدساتها والتصدي للصهاينة وعدوانهم ومخططاتهم التي بلغت آفاقا وحدودا غير مسبوقة".

وأدان بحر، باسم رئاسة المجلس التشريعي الفلسطيني، تصاعد الاستيطان الصهيوني في المدينة المقدسة "بما يهدد - بشكل خطير- تركيبتها الجغرافية والديموغرافية، ويفرض عليها واقعا استراتيجيا جديداً".



الأربعاء، 10 مارس 2010

المصطلحات السياسية

تطور علم السياسه وخطى خطوات كبيرة بعد الحرب العالميه الثانية واصبح يضم مجموعه من العلوم الانسانيه والاجتماعية الاخرى مثل علم النفس وغيره من العلوم ، ولهذا العلم لغته الخاصة ومصطلحاته المتفرده التى يجب ان نطلع عليها حتى نستطيع فهم الاخر ايا كان قطره وايا كانت خلفيته السياسيه ، لذلك احب ان اهدى الى احبابى واخوانى الفضلاء هذه المجموعه من المصطلحات السياسية من معجم المصطلحات املا ان تفى بالغرض منها وتحقق الهدف من نشرها والله الموفق وهو يهدى السبيل .
ابو عبدالرحمن البدوى

حرف الألف

الائتلاف Coalitionمجموعة من عنصرين سياسيين أو أكثر (قد يكونان، على سبيل المثال، أفرادا أو أحزابا سياسية أو مجموعات مصالح أو حتى دول) تكون لتنجز عن طريق العمل المشترك هدفا نافعا على نحو متبادل وربما لا يمكن، عموما، تحقيقه بدون تكوين مثل هذه المجموعة. ويعني المصطلح بخـاصة الحكومة مؤلفة من حزبين أو أكثر بهدف ضمان أغلبية عاملة في المجلس التشريعي وتقليص السياسات الحزبية في وقت أزمة أو لسبب آخر.

الائتلاف الفائز بأقل المقاعد Minimal-Winning Coalitionالائتلاف الذي لم يعد يمتلك أكثرية رابحة من الأصوات إذا انسحب أي من الأحزاب المنتمية إليه.

الائتلاف المفتوح Open Coalitionعندما ترتب الأحزاب الممثلة في مجلس نيابي وفق بعد سياسي ذي صلة (مثل بعد اليسار- اليمين) وعندما لا يكون حزب واحد في الأقل عضوا في ائتلاف حاكم على هذا البعد بين حزبين في الائتلاف، فان الائتلاف يوصف بأنه(مفتوح).

الاتحاد، الدولة الاتحادية Federationدولة توجد فيها حكومة مركزية ومجموعات حكومات إقليمية حيث كل من هذين المستويين من الحكم مستقل في مجاله، عادة على وفق دستور يحميه. ويورد هذا الدستور اختصاصات مستويي الحكم ويضع عادة ترتيبات لتخصيص الصلاحيات المتبقية وتنسيق تداخل الاختصاصات فضلا عن منح المسؤولية القضائية إلى محكمة دستورية أو مؤسسة أخرى لاتخاذ قرارات ملزمة حيث تنشأ الصراعات المتعلقة بتفسير التحديد الدستوري للصلاحيات.

الاتحاد الكونفدرالي Confederation
ينشأ الاتحاد الكونفدرالي نتيجة معاهدة تبرم بين دول كاملة السيادة تتفق على تنظيم علاقتها الاقتصادية والثقافية والعسكرية مع بعضها البعض، فتنشأ علاقة اتحادية تحتفظ بموجبها كل دولة بسيادتها واستقلالها وحكامها وحكومتها وبنظامها السياسي وتحافظ على جنسية مواطنيها، وتمتلك حق الانسحاب من الاتحاد ويعد دخولها في نزاع مع أحدى الدول نزاعا دوليا وينتهي الاتحاد الكونفدرالي إما بانفصال الدول الأعضاء أو انحلال الاتحاد أو زيادة تماسكها وترابطها ودخولها في اتحاد فدرالي عوضا عن الاتحاد الكونفدرالي.

اتفاق Agreement
هو صك دولي ينشيء التزامات حقوقية، أو سياسية، أو عسكرية, أو اقتصادية, أو مالية, أو ثقافية, توافق عليها دولتان عقب المفاوضات, التي تجري بينهما, ويوقع الطرفان عليها ويعد الاتفاق أقل شأنا من المعاهدة.

اتفاق الآراء Consensusحالة اتفاق في المجتمع السياسي (عادة ليس ضروريا أن يشترك في أرض مشتركة) تتعلق بأي مما يأتي: تحديد المجتمع السياسي وتكوينه (أي أن المجموعات التي يحويها تنتمي سوية)، وأهداف المجتمع، والإجراءات المقرر اتباعها للتوصل إلى جوهرية، للإتحاد الكونفدرالي.

الإثنية Ethnicما يتعلق بالأصول المشتركة لمجموعة برية معينة "الدم والقرابة" بمعنى الأصل المشترك الذي تبنى على أساسه مجالات ثقافية مختلفة كاللغة والتقاليد المشتركة.

الاجتماعات Associationالاجتماعات حق من الحقوق الدستورية ومن مبادىء الحريات التي أخذت بها الدساتير حتى تتيح للمواطنين تبادل الرأي والتشاور واتخاذ القرارات خارج نطاق المؤسسات الدستورية.

اجتماعات عامة Public Meetingsحرية الاجتماعات من الحقوق الشخصية التي كفلتها الدساتير الديموقراطية، غير انه في كثير من الأحيان يحاط النص الدستوري بالغموض بالنسبة إلى حدود استخدام هذا الحق الذي يفيد عادة بحق الدولة في وقاية نظام الحكم أو صيانة الأمن العام.

أحكام عرفية Martial Lawلوائح استثنائية تلجأ إليها السلطة التنفيذية تحت ظروف حالة الطوارىء، إذ تسمح لها بتعطيل بعض أحكام الدستور حتى تستطيع تلافي بعض الأخطار التي تتعرض لها البلاد، كنشوب ثورة داخلية أو وقوع غزو خارجي، وفي هذه الحالة تطبق السلطة التنفيذية ما يعرف بقانون الطوارىء الذي يخولها سلطات واسعة واستثنائية.

إدارة Administrationهي بيان العلاقة بين الفرد والدولة ومختلف تصرفات الدولة، في تنظيم شؤونها، فيما يتصل بخدمتها للأفراد محليا، وللمحافظات أو المقاطعات بوجه عام، وذلك انتظاما لدولاب الأعمال في البلاد، واستتاب الأمن والاستقرار.

إدارة الأعمال Business Ministrationهو العلم الذي يدرس تنظيم المشروعات التجارية ووسائل إدارتها، في ضوء التجارب العلمية الحديثة، حتى تتمكن المشروعات من استغلال كل السبل التي تؤدي إلى خفض التكاليف وزيادة الأرباح، مع ضمان تطور المشروعات وتقدمها. وتختلف إدارة الأعمال عن الإدارة العامة في أن الأولى تهدف إلى الربح، وتتصل بالدراسات الاقتصادية، في حين تهدف الثانية إلى أداء الخدمات العامة، وتتصل بالعلوم السياسية.

الإرهاب: راجع العنف Violence And Terrorism
الاستبداد Despotism
هو نظام الحكم المطلق والكيفي، المبني على الظلم والطغيان، بمعنى أن تصرفات الحكام لا تصدر وفقا لأحكام القوانين، وإنما وفقا لتقديرهم الشخصي. ويتمثل الاستبداد في إطلاق سلطات الحاكم الفرد في استعمالها، وتحقيقها لأغراضه الشخصية.

الاستخبارات Intelligenceتختص بجمع المعلومات السرية ذات الصلة بالأمن القومي وتعمل على تنفيذ سياسات الحكومة التي لا تتفق مع القواعـد الدبلوماسية المألوفة، وتتميز عن وزارة الخارجية بسرية نشاطاتها نظرا لعدم قانونية ممارستها وشرعيتها، وأبرزها "الكي.جي.بي" و C.I.A.

الاستفتاء الدستوري Constitution Referendumيعني الرجوع إلى الشعب، ممثلا في المواطنين الذين لهم حق الانتخاب، لإقرار تشريع دستوري ليصبح نافذا؛ أي أنه لا يكون ملزما إلاّ بعد عرضه على الشعب لاستفتائه فيه، وموافقته عليه. ويشمل ذلك الحالات التي تضع فيها الجمعيات التأسيسية مشروعا لدستور جديد، أو مشروعا لتعديل الدستور القائم. وبذلك يباشر الشعب سيادته بنفسه، فلا تنفرد الجمعية التأسيسية بسلطة وضع الدستور وإصداره.

استفتاء رأي عام Public Opinion Pollهو الاستفتاء الذي تقوم به الصحف والمؤسسات الخاصة والعامة أو الدولة لرصد اتجاهـات الرأي العـام بالنسبة لموضوع أو قضية اجتمـاعية أو اقتصادية أو سياسية معينة. وهو يبحث في المواقف المختلفة لفئة من الناس تستخلص منها بعض النتائج التي تساعد في تكوين فكرة عامة عن أي موضوع أو قضية.

الاستقلال الذاتي Autonomyاستعمل هذا الاصطلاح في بادئ الأمر للإشارة إلى حق الدولة في حكم نفسها، وممارستها الصلاحيات الإدارية، دون تدخل سلطة أجنبية؛ ويطلق الآن على النظام الذي يتمتع بموجبه إقليم معين باستقلال ذاتي، ويمارس شؤونه الداخلية، ويخضع، في الوقت نفسه، سياسيا ودستوريا إلى سيادة دولة أخرى، في السياسة الخارجية والدفاع والاقتصاد.

إضراب Strikeالإضراب هو التوقف عن العمل بصورة مقصودة وجماعية وهدفه الضغط على رب العمل من قبل الأجراء. وتسمى أيضا إضرابات الحوادث التي تؤلف توقفا عن العمل غير أجراء كإضراب التجار وإضراب أعضاء المهن الحرة وإضراب الطلاب وإضراب المواطنين عن دفع الضرائب.

الإعلام Information
هي أداة مساهمة في صنع السياسة الخارجية وتأثيرها على كل من صناع القرار والرأي العام وهي الملاحظ الأول للأحداث الدولية وهي مصدر أساسي لتنفيذها.

الأغلبية: راجع الأكثرية Majority

الاقتراع الشامل Exhaustive Ballotطريقة اقتراع تتكون من اقتراعات متعاقبة حتى يحصل مرشح واحد على أغلبية معينة: أغلبية الأصوات العامة عادة (أكثر من 50% من الأصوات المـدلى بها) بشرط أن المرشحين الحاصلين على الأصوات الأقل في أي جولة اقتراع يستبعدون من الجولات التالية.

الاقتراع الغيابي Absentee Votingتمكين فئات معينة من الناخبين من الاقتراع في الانتخابات من دون الحضور إلى المركز الانتخابي الرسمي بأنفسهم، مثل حالات المرضى والمعوقين. ويمكن الإدلاء بأصواتهم بالبريد أو من خلال وكيل.

الأقلية Minorityمجموعة تضم أقل من نصف مجموع أعضاء مجموعة أكبر منها. وفي التصويت تكون الأقلية هي المصوتون أو الأصوات التي تكون أقل من 50% من الأصوات التي يدلى بها. وفي المجتمع يصف المصطلح مجموعة عرقية أو إقليمية أو دينية أو غيرها تمتلك هوية مميزة, ويتفوق عليها كثيرا في العدد بقيمة السكان.

الاكتفاء الذاتي Autarky / Self – Sufficiency
يقصد به أن يقلل بلد ما من اعتماده على الخارج للحصول على حاجياته من السلع الاستهلاكية، وذلك رغبة منه في تنمية الإنتاج المحلي، والاعتماد على الموارد الذاتية، أو توفير قدر من حصيلة العملات الأجنبِية، لتوجيهه إلى الأغراض الإنتاجية أو الاجتماعية.

الأكثرية، أو الأغلبية Majorityيمكن استعمال المصطلح لوصف ذلك القسم من مجموعة تكّون أكثر من النصف. وقد يستعمل المصطلح أيضا لوصف (أكثرية نسبية) أو أغلبية (Plurality) أي أكبر عدد من الأصوات أو الناخبين عندما يكون هناك اختيار بين بديلين أو أكثر من المرشحين في الانتخابات غير أن العدد يقل عن 50% من مجموع الأصوات. وتتطلب بعض الإجراءات (أغلبية مطلقة) أي أكثر من 50% ممن يحق لهم التصويت بشأن قضية ما في الانتخابات سواء يدلون جميعا بأصواتهم أم لا يفعلون ذلك.

الامتناع عن التصويت Abstain From Voting
هو الموقف السلبي، الذي يتخذه مسؤول بملء إرادته أو إرادة دولته، بعدم اتخاذ إجراء، أو إبداء رأي، أو عدم الاحتجاج، أو عدم الاشتراك في الانتخابات، أو التصويت، لغاية مقصودة.

الامتيازات Prerogativeمجموعة الصلاحيات العرفية المضمنة أحيانا في قانون والتي يمتع بها حاكم ما (الملك أو الرئيس، على سبيل المثال) والتي لا تخضع إلى كبح أو نقض أو مراقبة من المحاكم على الرغم من أن هذه السلطات إذا مورست على نحو اعتباطي في دولة دستورية تؤدي دوما تقريبا إلى مشكلات سياسية. ويمكن نقل الصلاحيات الامتيازية في الواقع إلى أشخاص آخرين.

الأمن العربي Arab Securityيعني امن جميع الدول العربية ابتداء من الدول العربية المطلة على الخليج العربي شرقا, إلى الأرض المغربية على ساحل المحيط الأطلسي غربا, ومن السواحل الشمالية للجمهورية العربية السورية شمالا, إلى الأرض السودانية في عمق القارة الأفريقية جنوبا.وتعد هذه المنطقة، من وجهة النظر الاستراتيجية، أهم منطقة إقليمية، في مجال الأمن العالمي.

الانتخابات الحاسمة Critical Electionانتخابات يحدث فيها تحول في التحالف الحزبي مؤشرة على نمط منقح على نحو جذري من العلاقات ضمن نظام الحزب الواحد. ومن الصعب تحديد الانتخابات الحاسمة عندما تجري وتعطي هذه الصفة في وقت لاحق عندما يمكن ملاحظة النمط الأطول أمدا من العلاقات الحزبية المتغيرة.

الانتخاب غير المباشر Indirect Electionعملية انتخاب ينتخب فيها شاغلو الوظائف من مجموعة ناخبين (من مثل الهيئة الانتخابية في انتخاب الرئيس ونائب الرئيس في الولايات المتحدة) ينتخبون أنفسهم انتخابا مباشرا، وهكذا يمكن القول إن شاغلي المناصب ينتخبون انتخابا غير مباشر من دوائر انتخابية أوسع.

الانشقاق Cleavage
حالة انقسام أساسي ومستمر بين أعضاء مجموعة سياسية أو نظام سياسي له وثاقة صلة سياسية مثل الطبقة الاجتماعية أو الدين أو الهوية القومية أو الأصل العرقي أو اللغة. وقد تكون الانشقاقات سبب نشوب حرب أهلية وخلافات بشأن السياسات وصراعات عقائدية…الخ، وقد تصبح أساس انقسامات بين الأحزاب السياسية وسبب تأسيس المجموعات أو الحركات ذات المصالح فضلا عن أنها في حالات متطرفة (مثل أيرلندا الشمالية) قد تكون أساس ثقافات فرعية سياسية مختلفة في المجتمع.

انضمام Accessionهو الصك القانوني الذي تصبح بموجب إحدى الدول، خاضعة إلى أحكام معاهدة دولية خاصة, أو إلى منظمة دولية أو إقليمية، ويتم الانضمام أما بموجب معاهدة خاصة، أو بموجب بيانات متبادلة، أو بمقتضى بيان صادر من أحد الأطراف.

الأوتوقراطية: راجع نظام استبدادي Autocracy
الأيديولوجية Ideology
هي العقيدة السياسة لحزب أو حكومة وهي مجموعة المبادئ السياسة والاقتصادية والاجتماعية والقيم الأخلاقية التي ينتهجها حزب أو حكومة حتى يستعان لتحقيقها وتنفيذها بالترغيب والإكراه والسير على هداها في الحاضر والمستقبل وتتميز بطابعها العلماني.

الثلاثاء، 9 مارس 2010

نفـســـــــــــــــي

قال ابن مسعود رضي الله عنه كما في الصحيح: (إن المؤمن يرى ذنوبه مثل جبل على رأسه يخشى أن يقع عليه، والمنافق كذباب وقع على وجهه فقال به هكذا بيده فطار).
وقال الإمام أبو الوفاء أبن عقيل:
(يا نفس ماذا استفدت من عمرك الطويل؟ استفدت من أن يقال لك أنك إنسان مناظر قوي الحجة لا غير، مثل ما يقال للمصارع المنتصر الغارة (يوصف بهذا الوصف أو يسمى بهذا الاسم).
قال: وعما قليل تترك ذلك في الموت، بل حتى في حياتك لو برز للناس شخص أو شاب افره وأقوى منك عبارة لربما موهوا له بالقول وركضوا ورائه وتركوك، فماذا انتفعت من قول الناس لك يا مناظر ؟ وأنت تعلم ما في نفسك وما في قلبك.
ثم قال والله ما أعلم في نفسي حسنة أستطيع أن أسأل الله بها فأقول: اللهم إني أسألك كذا بكذا.
مثل اللهم أني أسألك الجنة بأني أقوم الليل أو بأني أصوم النهار أو بصلة رحم مثلا ...وعما قليل أموت فيقول الناس مات الرجل الصالح العالم الورع الـ.. الـ.. وولله لو علموا حقيقتي ما دفنوني.)
وكلام من هذا القبيل طويل، كلام ثم قال:
(والله لأنادين على نفسي وأفضحها لعل الله أن يرحمني بذلك).
و يحمل المعني ما ورد في نونية القحطاني:
والله لو علموا قبيح سريرتي …. لأبى السلام علي من يلقاني
ولأعرضوا عني وملوا صحبتي … ولبؤت بعد كرامة بهوان
و مثل أبو بكر و هو الخليفة وأمور المسلمين كلها في عنقه ومع ذلك كثيرا ما يوبخ نفسه، فإذا مدحوه قال:
(اللهم أغفر لي ما لا يعلمون واجعلني خيرا مما يظنون).
و يسير عل الخطي خلفه الفاروق قائلا:
(بخٍ بخ يا ابن الخطاب، بالأمس ترعى غنم الخطاب، واليوم أمير المؤمنين، والله لتتقين الله أو ليعذبنك).
و طلب ربيعة بن مالك الأسلمي من رسول الله (ص) طلبا:
(يا رسول الله أدعو الله أن أكون رفيقك في الجنة، قال أعني بكثرة السجود).
فالنفس أمارة بالسوء ... فاستعن بالله ...و أسلس قيادها ... و جاهدها ... و كن من السابقين إلي الله و تذكر قوله تعالي : " و السابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ..."
فتقدم و اجتهد و اعمل و أنشد مع القائل:
نفسي يارب تغالبني وأجاهدها فتحاربني
أخشي أن أهن فتغلبني لولا رحمتك تقربني
من نورك فامنح غفرانك

اللهم اغفر لنا و انصرنا علي أنفسنا و امنحنا القرب من جنابك... آمين

الاثنين، 8 مارس 2010

المرشد العام في حديث شامل لـ(إخوان أون لاين)


د. محمد بديع:
- الإخوان المسلمون نسيج واحد هدفهم الإصلاح الشامل
- هذه الجماعة سياستها اللين في غير ضعف والقوة في غير عنف
- ليست السياسة وحدها وراء الابتلاء في طريق الدعوة
- إيماننا بالنضال الدستوري جعل مشاركتنا في الانتخابات إستراتيجية أصيلة
- قدَّمنا نموذجنا للشورى والديمقراطية وكان رد النظام علينا بالاعتقالات
- التربية الإسلامية يجب أن تكون عماد المشروع النهضوي لأمتنا
- هذه حقيقة موقف الإخوان من تصعيد المرأة في العمل العام
- شباب الجماعة عليهم أن يفهموا ليثقوا وأوصي بالاستماع إليهم
- لسنا معصومين ونرجو أن نكون من خير الخطائين وهم التوابون
- الحكومة الدينية بمفهومها الثيوقراطي نحن أبرياء منها
- لا يوجد عندنا مرشد علني وآخر سرّي ونسير خلف القيادة بثقة
- ليست لدينا أسرار.. ووسائلنا وأهدافنا ولوائحنا وخططنا كلها منشورة
- على من يتصدَّى للإصلاح ألا يُقصي أحدًا فالأوطان بحاجة إلى كافة الجهود

أجرى الحوار- عبد الجليل الشرنوبي:
بعد أن هدأت الأنفاس، وجرت انتخابات الإخوان المسلمين، وكانت نتيجتها تشكيل مكتب إرشاد جديد، وتولية فضيلة الأستاذ الدكتور محمد بديع مرشدًا عامًّا للجماعة، في حالة فريدة غير مسبوقة في قيادات العمل العام، بما فيه الحزب الوطني الحاكم وغيره من الأحزاب والقوى السياسية والجمعيات الأهلية وغيرها من المؤسسات، ونجح الإخوان المسلمون في وضع صفة "سابق" قبل اسم فضيلة الأستاذ محمد مهدي عاكف؛ ليصبح توصيفه "المرشد العام السابق"؛ الأمر الذي كشف- بالمقارنة بغيرهم- الموقفَ المؤسسيَّ والشورى والحب الأخويَّ في جماعة الإخوان المسلمين، وهو الأمر الذي أثار حفيظة النظام الذي كان يترقَّب إحداث حالة من الانشقاق في الصف الإخواني المترابط، فكان الردُّ السريعُ الغاضبُ بحملة اعتقالات، بدت في شكلها عقابًا للإخوان على تداول المسئولية والتغيير السلمي والانتخابات النزيهة..

والآن.. بعد كل هذه الأحداث.. يلتقي (إخوان أون لاين) فضيلة الأستاذ الدكتور محمد بديع، المرشد العام الثامن للإخوان المسلمين، حاملاً العديد من الأسئلة حول الجماعة، وواقعها ومستقبلها ورؤيتها؛ حيث إن المرحلة التي تمر بها الجماعة خاصةً والأوطان عامةً مرحلةٌ في غاية الحساسية والتحديات- على الصعيدين الداخلي والخارجي- صارت تفرض على المتصدِّرين لحمل راية الإصلاح أن يوحِّدوا صفوفهم، وأن يرسموا إستراتيجيات واضحة لحركتهم، وأن يتصدَّوا بكافة السبل لما يمكن أن يخرج بحركتهم عن طريقها المرسوم وهدفها المنشود.. فإلى تفاصيل الحديث:
* فضيلة المرشد العام.. بعد توليكم المسئولية؛ هل اختلفت رؤيتكم لحركة الجماعة عن ذي قبل؟
** الدعوة لا تُرى بل تعاش، ومن ثم حين تعيش في دعوة الإخوان المسلمين تصير هي التي تُحرِّكك وتقودك وتوجِّه بوصلتك وتتحكَّم في أولوياتك، ولا فرق في هذه المعايشة بين جندي ومسئول، فالهدف واحد ومشترك، وهكذا أصحاب الدعوات دائمًا، وإلا فما الذي دفع صحابة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه إلى أن يبادروا بطرح آرائهم لموقع (بدر) أو لفكرة (الخندق)، وبينهم من لا ينطق عن الهوى، وما يختلف من ثغر إلى آخر داخل رحاب الدعوة هو طبيعة المسئوليات وحجمها مع وجود الهمِّ المشترك.

* إذن أضافت لكم المسئولية همًّا جديدًا، خاصة على المستوى الإعلامي!.
** نعم، فالأصل أن من تصدَّر فقد استُهدف؛ لكنَّ واجبنا أن نحمل فكرتنا، وأن نحسن عرضها كمنهاج، وتقديم نموذج القدوة العملية كتطبيق، وموقنون أن طريق الدعوات لم يكن يومًا مفروشًا بالورد، وممتثلون قول الحق ربِّ الأرباب في وصف الصف المؤمن: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)﴾ (العصر)، فلا حقَّ بغير حاجة للصبر عليه، ولا إيمان بغير ابتلاء، والقرآن يقول: (لتبلونَّ... ولتسمعنَّ...) فهناك ابتلاءٌ، وهناك إيذاءٌ بالقول، لم يسلم منه حتى الأنبياء والمرسلون.

* لكن هل أنتم راضون عن التعاطي الإعلامي مع الجماعة وما يُشاع بين الحين والآخر حول الجماعة وقيادتها؟
** الحمد لله, نحن نستفيد من كل ما يُقال عنّا، إن كان صادقًا نضع نصيحته في عين الاعتبار، وإن كان افتراءً نحمد الله أن ذلك ليس فينا، ونصبر الصبر الجميل، ونعرض عن الجاهلين؛ لكن دعني أقل إن التدافع يولد زبدًا إعلاميًّا مع حالة القمع والظلم المفروضة على المجتمع والجماعة بفعل الاستبداد وعدم قبول الآخر، وبالتالي هذا الزبد قد ينخدع به البعض فترةً، ولكن الصورة سرعان ما تتضح ليرجع الجميع إلى ما ينفع الناس، مستبدلين الزبد بالحقائق ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ (17)﴾(الرعد).

* مما روَّجه البعض أن الشباب متذمِّر، وأن القواعد غاضبة، وأن هناك تشكيكًا، وأن.. وأن.. إلى غير ذلك، هل هناك دخان بغير نار يا فضيلة المرشد؟
** من حق الناس أن تتساءل، وأن يحصلوا على إجابات مقنعة ومنطقية، وفي ذات الوقت من واجب القيادة أن تتحمَّل مسئولياتها، وفق ما يضمن للجماعة خصوصيتها، ويحفظ لها استقرارها واستمراريتها، ومما لا شك فيه أننا حين نجد الفرصة سانحةً لا نتوانى عن أن نوضِّح للناس كيف تُدار جماعتنا على مرأى ومسمع من العالم كله؛ ليراقب القاصي والداني ممارساتنا الشورية التي نقوم بها تعبدًا لله، وننفِّذها نموذجًا على قدرة الأجندة الإسلامية على مجاراة تطور الفعل الديمقراطي في العالم، ونحن نقدِّر حماسة الشباب وحرصهم على إبداء رأيهم، خاصةً في مناخ عام في مصر يكمم الأفواه، وأطالب كل المسئولين: استمعوا إلى الشباب وناقشوهم فقد يكون لديهم ما يفيد.

ودعني أقل لمن في نفسه شيء: ليس هناك ما يمنع من أن تفهم لتثق، فما كان الفهم إلا الركن الأول من أركان بيعتنا، غير أن السعي للفهم له قنواته التي لا يعيب السير فيها من أراد الوصول، ويجب ألا تكون هذه هي الثغرة التي يتسلل منها الوهن إلى قوة الصف، ولا يتسرب إليها الشك ليضعف الثقة.

 الصورة غير متاحة
 
* فضيلة المرشد.. لقد قِيل إن الإخوان مارسوا تعتيمًا إعلاميًّا على انتخاباتهم حتى إن موقعهم الرسمي اكتفى بنشر النتائج فقط... هل كان هذا مقصودًا؟
** انتخاباتنا لها خصوصية، لا تتوفر لفصيل آخر، ونتائجها مغرَمٌ لأصحابها، وليست مغنمًا، ومن واجب الآخر أن يحترم خصوصية وضعنا، خاصةً أن الجميع عندنا مرشَّحون وفق لوائح الجماعة، ولا يوجد من يزكِّي نفسه ويتطلع إلى منصب، وما كان من تسريبات مجهولة المصدر عن الانتخابات فعلى من يتابع أن يفرِّق بين ما تعلنه الجماعة وما يريد الآخرون أن يوجهوا حركتنا إليه.. وبمعنى آخر ليسمع الناس منا لا عنّا، وليتركوا لنا حرية أن نختار الظرف المناسب للإعلان، فنحن جماعة منظمة ومستهدفة، ونتائج الانتخابات بمثابة حكم بعد المداولات، وما يهم الناس هو الحكم وليس المداولات.

* يردِّد البعض أن الإخوان لا يراجعون أخطاءهم؟
** غير صحيح بالطبع, فلا عصمة لبشر، وإنما هو احترامٌ للخصوصية، وتقديرٌ لحجم المسئولية التي لا يتحمَّلها عن الإخوان أحد؛ فنحن نتحمَّل تكلفة أنشطة جماعتنا من جيوبنا، وأهم من إنفاق المال إنفاق الوقت والجهد، ونتحمَّل التبعات والتضحيات نحن وعائلاتنا؛ لأننا نعلم أننا بعنا كل ذلك واشترينا الجنة، وبالتالي فقراراتنا يجب أن تكون نابعةً منّا، يحكمها ضمير الجمع لا الفرد، وببركة الشورى والتجرد عن الهوى صمدت الجماعة وستصمد إن شاء الله أمام أعتى العواصف، والثوابت لا يمكن أن تحدث فيها مراجعات، أما الأخطاء في الفرعيات فكل ابن آدم خطاء، ونرجو أن نكون من خير الخطائين، وهم التوابون.

* تتباين الآراء حول مستقبل الجماعة، ويقول بعضها بالتخوف من سيطرة المحافظين عليها.. كيف ترون هذه الآراء؟
** من كثرة تكرار هذه الأقاويل والأباطيل لم يعُد عندي الاستعداد ولا الوقت كي ألتفت إلى تصنيفات لا تمتُّ لنا بصلة، فليس في الإخوان إصلاحيون ومحافظون، بل فيها إخوان مسلمون، أساس دعوتهم أرساه الإمام البنا الذي وصفه المؤرخون بـ"المجدد"، ودفع حياته ثمنًا لما أرساه من قواعد التجديد في الرؤية الإسلامية الشاملة، وسار على دربه رواد عظام لم يبخلوا على شجرة دعوتهم بدمائهم، محتسبين أرواحهم ثمنًا لبيعة ربانية لا لغنيمة دنيوية، ولا فرق عندنا بين العمل التربوي والفعل السياسي والفعل الدعوي؛ فلحركتنا أطُرٌ عامة وسبيل واضح، ولن تصح الحركة إلا بانتهاج الإسلام كله وبالعمل على كل المحاور، الدعوي والسياسي، ومعهم المجتمعي، وهكذا نستمر ونتقدم، ولا أدلَّ على خطأ من يدَّعي علينا ذلك من أن إخواننا في السجون- فكَّ الله أسرهم- الأخ خيرت الشاطر والأخ محمود عزت والأخ عصام والأخ عبد الرحمن والأخ محيي والأخ أسامة، ومن معهم؛ يمثلون كل المستويات الإدارية وكل مجالات الأنشطة، وكل الأعمار يدفعون ضريبة الدعوة وضريبة الإصلاح نيابةً عن مصر كلها، ونحن نسير في هذه الجماعة المباركة بسياسة (لين في غير ضعف، وشدة في غير عنف) في جميع مجالات الحياة.. ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)﴾ (الأنعام).

* لقد وصل اختلاف الرأي حول مستقبل الجماعة إلى الحد الذي جعل بعض الأقلام التي كانت توصف بالمنحازة للجماعة تعلن صراحةً عن تخوفها من حركة الجماعة في المرحلة القادمة!.
** هذا رأي من يحلل ويتابع ويسعى لأن يرسم صورة تخضع للمعطيات التي توفرت لديه، ولست ضد ذلك على الإطلاق، فمن حق كل متابع أن يعرب عن وجهة نظره، ونحن نضع ذلك في عين الاعتبار، ونسعى لأن يؤكد الواقع صحة مسيرتنا وحقيقة خطواتنا، ولا نحجر على آراء المهتمين بالشأن الإخواني، ولكنّا نقول لهم: لا تحمِّلونا أوزار غيرنا في الحركات الأخرى ولا حتى أفراد كانوا معنا، وقالت قيادة الجماعة فيهم قول الفصل، وقيِّموا أداءنا، ولا تسقطوا علينا تصوراتكم وتخوفاتكم واستنتاجاتكم وتقسيماتكم أو افتراضاتكم، فالتقييم يكون للواقع والحقائق وليس الظنون والشبهات، وعلى سبيل المثال ما زال هناك بعد كل ما قدمنا من خدمات وصبر وتضحيات من يصر على وصفنا بالنظام الخاص والعمل السري!!.

وكذا بعد كل تصريحات الأساتذة المرشدين السابقين والمتحدثين الإعلاميين بأننا نريد حكومة مدنية ذات مرجعية إسلامية بنص الدستور؛ فإن هناك من يتهمنا، ويخوِّف الناس منا، ويصرُّ على أننا نريد الحكومة الدينية بمفهومها الثيوقراطي، ونحن من هذا براءٌ.

* هناك سؤال تكرر كثيرًا.. كيف يكون التطوير إذا لم يكن هناك إصلاحيون؟
** الإخوان كلهم إصلاحيون رافعون راية ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)﴾ (هود)، وماضون على أصول اتفقت عليها مصادر التشريع من قرآن وسنة وإجماع أهل السنة، والجماعة تنطلق شجرتنا من تربة مرويَّة بمداد هذه الأصول، وتنطلق الفروع لتجتهد في التنفيذ، وعندما نختلف على فرع تكون الشورى فاصلاً ليذوب رأي الفرد- حتى لو كان المرشد العام- في وعاء المجموع، وبالمناسبة ليس عندنا مرشد سري ومرشد علني، فنحن بفضل الله على قلب رجل واحد خلف مرشد واحد.

* قال بعضهم: "سيد قطب يحكم الجماعة"، واتَّهموا فضيلتكم بأنك قطبي، وأن مدرسة سيد قطب هي التي تسيِّر الجماعة حاليًّا.. ما تعليقكم على هذه الأقوال؟
** صاحب الظلال.. الأستاذ سيد قطب، العالم والمفكر والأديب- رحمه الله- أحد أعلام جماعة الإخوان المسلمين التي أنجبت علماء ودعاة وسياسيين وتربويين، وهو واحد ممن أسهموا في البناء، ولا ينكر قدره إلا جاحد، ومن فضل الله على جماعتنا أن خبراتها تراكمية، ولا تقف عند حدود اجتهاد الفرد، بل هي محصلة لاجتهادات متواصلة، ومن ثَمَّ لم تحمل الجماعة اسم مؤسسها بعد استشهاده، ولم يكن فيها يومًا تيار "البنائين أو الهضيبيين"، ولكنْ نحن الإخوان المسلمين نتحرك كجسد واحد فيه كل هذه الأجهزة والأعضاء والأنسجة لخدمة الأهداف السامية والإسلام الشامل الذي نحمل رايته نحن وكل المسلمين.

أما الأستاذ سيد قطب فليسأل من أراد عن كتاباته وإبداعاته ليقف على حقيقته بعيدًا عن التأثر ببعض وسائل الإعلام الموجَّه غير الحر، والذي لا يعرف لهذا الرجل قدره، ويحاول أن يؤثر في الصورة الذهنية عنه حتى يومنا هذا، ولو فاء القوم إلى رشدهم لأعادوا إلى هذا العالم قدره وبوَّءوه مكانته الحقيقية، فهو الذي كان يعمل مديرًا عامًّا للإذاعة المصرية بعد الثورة، ثم استقال وهو الذي عرضت عليه الوزارة فأبى، وهو الذي قدَّم نجيب محفوظ للجمهور المصري وعرفه به، فإذا أردتم أن تعرفوا قدره فاسألوا المنصفين من أصحاب رسائل الدكتوراه التي تناولت فكره وأدبه وتفسيره النفيس للقرآن الكريم، ومع هذا فهو بشرٌ يصيب ويخطئ، ولم يدَّع لنفسه ولم يدَّع أحدٌ له عصمة.

* كيف تقرءون تصرفًا كإقدام صحيفة (المصري اليوم) على نشر نصوص تحقيقات النيابة العسكرية معكم بعد مرور 45 عامًا عليها؟
** ليس معقولاً أو مقبولاً من أي كاتب أو جهة أن تستشهد بمحاضر محاكمة استثنائية، كان الجميع يعرف أنها نبتت في عصر من الظلم والجور الذي لم يطُل الإخوان المسلمين وحدهم، بل طال كل تيارات المعارضة، ومحاولة إحياء تلفيقات كاذبة تحت التعذيب والقتل تمت في سالف العصر هي بمثابة اعتراف من ناشرها بشرعية ما تمَّ، وأظن أن هذا تصرفٌ يُعد في إطار الشهادة، وعلى من يبغي الإدلاء بشهادته أن يتحرَّى الحقيقة؛ لأن صفحات التاريخ لا تغفل الافتراء حتى وإن كان بالشهادة، وسيأتي يوم تنكشف فيه الحقائق، ويكتب التاريخ كتابة محايدة منصفة، ولعلي أستطيع أن أعيد نشر شهادة واقعية صادقة رائعة لهذه الحقبة السوداء، سجلتها نونية فضيلة العلامة الشيخ يوسف القرضاويجزاه الله خيرًا، وقد قام أساتذة أفاضل بنصرة الحق وبذكر الحقيقة جزاهم الله خيرًا أمثال: (أ. مختار نوح، ود. جاسم المهلهل، وأ. جمال سلطان، وأ. منتصر الزيات، ود. عمار علي حسن، وأ. ياسر الزعاترة، وأ. محمود سلطان وغيرهم).

قضية التربية
 الصورة غير متاحة
 
* فضيلة المرشد، كنت مسئولاً عن التربية في الجماعة، هل أنت راضٍ عن سير العملية التربوية في الجماعة رغم ما تعاني منه المجتمعات من أمراض اجتماعية وأخلاقية؟
** لأن التربية في الإخوان وسيلة بناء وتكوين دائمة ومستمرة، فدائمًا نحتاج إلى المزيد من الجهد لتحسين الأداء، والإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله قال: (نحن نريد: الفرد المسلم... والبيت المسلم... والشعب المسلم... والحكومة المسلمة... والدولة التي تقود الدول الإسلامية وتضم شتات المسلمين وتستعيد مجدهم، وترد عليهم أرضهم المغصوبة ومقدساتهم المستباحة، وأوطانهم المسلوبة وبلادهم المغصوبة، ثم تحمل علم الجهاد ولواء الدعوة إلى الله، حتى تسعد العالم بتعاليم الإسلام)، وبالتالي فإن عماد البناء في مشروعنا النهضوي هو الفرد، وما عمل قسم التربية بما فيه من وسائل وأطر ومناهج إلا ترسًا من تروس ماكينة إنتاج الشخصية التي نريد، والتي لا تكتمل إلا بتكاملها مع باقي التروس؛ ليتحول المنهج إلى ممارسة وواقع، ومحاضن التربية في الإخوان المسلمين هدفها بناء الشخصية الإسلامية كلها وتقديم القدوة العملية لغيرهم، وهتافهم الدائم (الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا)، وهذا هو الأكثر بناءً وقدرةً على التأثير في المجتمع الذي لا تصح دعوتنا إلا بالانفتاح عليه؛ ليكون للتربية واقعٌ ملموسٌ بالممارسة، ويتحول الطبع إلى تطبع، والمنهج إلى حياة وحينئذٍ تثمر الشجرة فإذا قذفها بعض الناس بالحجر تلقي إليهم أطيب الثمر، ويصير الفرد الذي تستهدفه التربية الإخوانية ساعتها مواطنًا صالحًا، سواء أكان رجلاً أو امرأة.. شابًّا أو فتاةً... شبلاً أو زهرة... سياسيًّا أو واعظًا... فنانًا أو رياضيًّا، قالها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير الناس أنفعهم للناس"، وكل المخلصين يشعرون أن غياب القيم الأخلاقية وظهور الأمراض الاجتماعية في شتى المجالات سببها غياب التربية السليمة على القيم والفضائل التي هي مشتركة في كل الرسالات السماوية.

* لكنَّ هناك اتهامًا للتربية الإخوانية بالانغلاق، فهل توافقون على ذلك؟
** الحصار الخانق الذي فُرض على هذه الجماعة المباركة سنين طويلة، حرمها من الانطلاق في المجتمع وحرم المجتمع من خيراتها، كما قال المرحوم عزيز صدقي رئيس وزراء مصر الأسبق عندما تأسف على هذه الجريمة التي استمرت سنين طويلة، أما الآن وقد شبت الجماعة عن الطوق وتغير العالم كله في عصر السماوات المفتوحة، والبشرية الآن كلها عطشى لهذه الدعوة وهذا الدين الذي ينتشر نوره في كل أرجاء الدنيا، فها هو نور الله لا يترك بيت مدر ولا وبر ولا حجر إلا دخله؛ لأن الله قضى وقدَّر ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ (التوبة: من الآية 33)، وعلى من يقولون بانغلاق التربية الإخوانية أن يراجعوا فهمهم للفكرة التي تستهدف السير على نهج إصلاح البشرية الذي رفعه قدوتنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه، والذي لاقى في سبيل الوصول إلى الناس الكثير والكثير، فما زاد عن أن قال: "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون"؛ لأن الله أرسله رحمةً للعالمين أي لكل الكائنات من إنس وجن وحيوانات، وحتى الجمادات كانت تحبه صلى الله عليه وسلم، وكذلك من يحملون الأمانة من بعده وعلى طريقه بإحسان إلى يوم الدين.

* وكيف تطوير المناهج التربوية في الجماعة؟
** التطوير عمومًا ليس في المناهج فحسب؛ بل ومعها الوسائل، وآليات الحركة عملية ديناميكية مستمرة تسير دون توقف مع تطور خطط الجماعة على كافة محاورها التربوية والمجتمعية والسياسية والإدارية، والجماعة لا تألو جهدًا في سبيل التطور لتدارك ما فات وملاحقة المستجدات التي يفرضها الواقع.

* يقال إن الفترة الماضية طغت فيها الإداريات على التربويات ومن ثم كانت هناك حالة من الجفاف في الحركة الإخوانية.

** عندما يظهر مرض مثل هذا في فرد أو مكان فلا بد أن يراجع القائمون على الأمر طريقة إدارتهم للعمل؛ لأنه في الأصل التربية محصلة لحركة متكاملة روحية وإدارية وثقافية... إلخ، ربما يعوز الأفراد فيها أن يكونوا أكثر خبرة وقدرة على الموازنة والمواءمة؛ حتى لا يطغى جانب على آخر، لكني أعتقد أن المحاضن التربوية لو لم تكن تؤدي بنسب فوق الجيدة لما استطاعت الجماعة أن تصمد أمام حملات التضييق والسجن والاعتقال ومصادرة الأموال والتعسف والتشويه ومحاولات شق الصف، وهذا لا يعني وصولنا إلى مرحلة الكمال، وإنما المقصود هو أن يتأكد المربي والإداري أن التكامل بينهما أصل وليس مجرد مستهدف ورقي.

حتى الأعمال الإدارية إذا خلصت فيها النيات فإن السعي في مصالح المسلمين من خلالها يعدل الاعتكاف في المسجد النبوي الشريف كما يقول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.

 الصورة غير متاحة
 
* وماذا عن غياب وسائل تربوية، مثل الرحلة والمعسكر، بسبب الحالة الأمنية، ألم تتأثر التربية الإخوانية بهذا الغياب؟
** هذا هو دور التطوير والابتكار في الوسائل الذي يجعل من غياب وسيلة ما فرصةً لاستحداث وسائل أخرى تتجاوز حدود الحظر، وتعوض هذا النقص وتبادل الخبرات، وتوريث الدعوة يمكن أن يتم عبر قنوات عدة، وأعتقد أن الميديا الجديدة كـ(الإنترنت) يمكنه أن يكون قناة تواصل متميزة.

وكذلك التربية الروحية على مائدة القرآن ولو بشكل فردي أو ثنائي وهو أحد الصور للتربية الإيمانية ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا للهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾ (سبأ: من الآية 46)، وكذلك الأسرة فهي من زاوية محضن أساسي، ومن الزاوية الأخرى إحدى مراتب العمل.

* لكن الإنترنت هو ما أغرى أفرادًا عدة في الجماعة بالخروج بأسرارها للخارج.
** لا يوجد عندنا أسرار، وسائلنا وأهدافنا ولوائحنا وخططنا كلها منشورة ومتاحة للجميع، وتبقى إشكالية المدونات مثلاً أو منتديات الإنترنت تكمن في حب تجريب الوسائل الجديدة، وهو ما يحتاج لوقت لتنضج فكرته وتتضح صورته، وإن كان من أخطاء قد حدثت من البعض فهذا مردوده بالدرجة الأولى ليس لعيوب في الأشخاص، ولكن بسبب حالة القمع العامة للحريات في مصر، والتي حرمتنا من وسائل تربوية تتيح الفرصة للتلاقي والتحاور المباشر؛ ولذلك فالحوار الداخلي بين أفراد الجماعة وأجيالها يجب ألا يتوقف حتى تتكامل الأفكار وينقّح بعضها بعضًا؛ لنتغلب على المناخ السيِّئ الذي يسود مصر كلها، وأعتقد أن غياب الحوار عن الشعب المصري كله وحرمانه من حرياته تسبَّب في انسداد واحتقان قد تظهر آثاره بشكل كبير رغم صغر حجم المشكلة، ولكن المناخ العام غير الصحي يُنذر بالخطر.

* بعض المراقبين يقولون إن هناك داخل الجماعة تيارًا سلفيًّا مؤثرًا في أفرادها وله مظاهره.
** كل أفراد الإخوان ينتظمون في الصف، ويؤمنون بشمولية الدعوة؛ فالإخوان دعوة شاملة قال عن طبيعتها مؤسسها: "نحن دعوة القرآن الحق الشاملة الجامعة؛ فهي: حقيقة صوفية، وطريقة سنية، ودعوة سلفية نقية؛ لإصلاح النفوس وتطهير الأرواح وجمع القلوب على الله العلي الكبير، وجمعية خيرية نافعة، تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتواسي المكروب، وتبرّ بالسائل والمحروم، وتصلح بين المتخاصمين، ومؤسسة اجتماعية قائمة: تحارب الجهل والفقر والمرض والرذيلة في أية صورة من الصور، وحزب سياسي نظيف يجمع الكلمة ويبرَأ من الغرض ويحدد الغاية ويحسن القيادة والتوجيه".

وسيظل من يقول ذلك عاجزًا عن رؤية الصورة كاملةً طالما كانت رؤيته متحاملةً؛ الهدف منها هو البحث عن عيوب في الصورة لتشويهها، ونحن نقتدي بالسلف الصالح رجالاً ونساءً وهو ما نعتزُّ ونفخر به، وهذا هو معنى السلفية الذي يحتاج إلى تصحيح المفهوم السائد في مجتمعاتنا عند البعض.

* فضيلة المرشد.. عبر الفترة من العام 1995م وحتى اليوم والجماعة تتعرض لحملات من الاعتقالات والمحاكمات الاستثنائية؛ بسبب ممارستها للعمل السياسي، سواء داخل الجامعات أو المجالس المحلية أو النيابية وحتى النقابات، هل يمكن أن تفكروا في سحب الجماعة من الشارع السياسي للتقليل من هذه الضغوط؟
** ما حدث في عام 1965م من اعتقالات للإخوان دفعوا ثمنها من أرواحهم ودمائهم وحرياتهم؛ لم يكن سببه بأي حال من الأحوال الممارسة السياسية، وإنما كان مجرد العمل التربوي والدعوي، وكانا وقتها هما القدر المتاح ولم يكن مسموحًا للإخوان ولا لغيرهم النشاط السياسي، وبالتالي من يعتقد أن هذه الابتلاءات من 1995م وحتى الآن بسبب نشاط الحركة في المجال السياسي؛ فهو بحاجة إلى أن يُعيد إعمال النظر في تصوره.

فنحن نسير بين الناس هاتفين فيهم يا قومنا: إننا نناديكم والقرآن في يميننا والسُنة في شمالنا، وعمل السلف الصالحين من أبناء هذه الأمة قدوتنا، وندعوكم إلى الإسلام وتعاليم الإسلام وأحكام الإسلام وهدي الإسلام، فإن كان هذا من السياسة عندكم فهذه سياستنا، وإن كان من يدعوكم إلى هذه المبادئ سياسيًّا؛ فنحن أعرق الناس والحمد لله في السياسة، وإن شئتم أن تُسموا ذلك سياسةً فقولوا ما شئتم فلن تضرَّنا الأسماء متى وضحت المسميات وانكشفت الغايات.

وأحب أن أُذكِّر من يتصور هذا أن حكوماتنا المتعاقبة قد قامت بإغلاق العشرات من مدارسنا وجمعياتنا الخيرية ومستوصفاتنا وحضاناتنا التي أنشأناها خدمةً لأبناء مجتمعنا المصري، فهل هذه ممارسات سياسية تستحق العقاب؟!، ورغم كل هذا فإننا سنتبنَّى- بعون الله- حملةً مليونيةً لمحو الأمية، نحمل فيها الخير والنور لأمتنا المصرية.

* إذن.. ماذا عن اقتراح أن يكون الانغلاق على الذات لإعادة ترتيب البيت من الداخل؟
** الحركة والعمل هما ما يرتبان البيت من الداخل، ولا يمكن أبدًا أن يظل الاستبداد واقفًا ليشاهدك وأنت ترتب البيت من الداخل لتخرج له بعدها أقوى، هذا محض خيال!، ومِن رحم الأزمات تولد الإبداعات، والإخوان تصنعهم الشدائد وتصقل هممهم، وتتفاعل لتوسِّع من دوائر علاقاتهم، كما أنها تُجلي صفَّهم وتمحِّصه، لتجرد النفس من الهوى وطلب المغنم؛ لأننا لا نطمع أن نَحكم بالإسلام بل نسعى لأن يحكمنا الإسلام مؤمنين بقوله تعالى: ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ (يوسف: من الآية 21)، وقوله تعالى ﴿إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ (الطلاق: من الآية 3).

 الصورة غير متاحة
 
* لكنَّ وجود الإخوان في الحياة السياسية أثر فيها وشلَّ النقابات ودفع النظام إلى تقنين تزوير الانتخابات وغيرها من مظاهر شملت حتى النوادي الرياضية والجمعيات.
** هل نحاسَب على إيجابيتنا وتفاعلنا ضد الفساد والاستبداد؟! وهل من المعقول أن نبحث عن مبررات للظلم والتقصير في حق المجتمع كله، والتي عانى منها الإخوان وغيرهم من شرفاء هذه الأمة؟ وهذه آراء لا تعبِّر إلا عن سلبية وتبعية يرفضها الإخوان جملةً وتفصيلاً، فلا يتصور عاقل أن اكتساب الإخوان ثقة الناخبين في النقابات أو النوادي والاتحادات أو أية انتخابات أخرى، وعدم قدرة النظام على مواجهة نشاطهم بشرف؛ تعطي له مسوغًا لتجميد نشاطها أو تزوير نتائجها.. هذا ليس له إلا مسمَّى واحد "استبداد وظلم"، ولقد أُمرنا أن نواجه الظلم، وأن نصدع بالحق في وجهه، وخير الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر.

وأدعو من يتبنَّى هذه الرؤى والأفكار من غيرنا ومن خارج النظام ألا يركن إليها؛ لأنها تدخله في دائرة تبرير الاستبداد، وأظنها مرتبةً أدنى من السكوت على الحق، والله عز وجل كلفَنا السعي ولم يكلفنا النتائج، وقال لنا في القرآن عندما يحاول البعض تثبيط همتنا: ﴿وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ (الأعراف: من الآية 164) فماذا كانت النتائج ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنْ السُّوءِ﴾، ولم يقل حتى غيَّروا السوء، واختتم جل في علاه بقوله: ﴿وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ (الأعراف: 165).

* معنى هذا أن موقفكم من المشاركة في الانتخابات القادمة هو نفس الموقف السابق للجماعة بالمشاركة!.
** نعم.. المشاركة عندنا إستراتيجية أصيلة، ولا تعني إلا شيئًا واحدًا، وهو إصرارُنا على التمسك بدعوتنا وروحها الإصلاحية، ويبقى قرار المشاركة من عدمه وكذا حجم المشاركة في أي انتخابات مرهونًا بظروفها وملابساتها، فلكل مشاركة ظرفها الحاكم.

* هل يمكن القول بأن القرار محكومٌ بالظرف أم بطبيعة الصفقة مع النظام والتي لم تتضح ملامحها بعد؟
** هذا هو ما يسمونه بعبثية التصوُّر، فلو كانت هذه الأساليب هي التي تسيِّر ركب الإخوان لما أُزهقت روح الإمام البنا على قارعة الطريق، وتحت سمع وبصر كل الدنيا تحت إرهاب أجهزة الدولة، وإذا كان للإخوان حظٌّ من هذه الأساليب الملتوية لما نالهم ما نالهم من بطش الزبانية في السجن الحربي وغيره من سجون مصر ومعتقلاتها في طول البلاد وعرضها، والذي استمر منذ اغتيال الإمام البنا وحتى يومنا هذا، ولولا أن الإخوان يؤمنون بأن الغايات النبيلة لا تستخدم إلا وسائل مثلها لعقدوا صفقات، وأداروا ملفاتهم بالبرجماتية السياسية كما يفعل غيرهم.

محاولات شق الصف
* النظام ترك الإخوان يديرون ملف انتخاباتهم الداخلية بحريَّة غير معهودة لماذا؟
** النظام لم يقصد بما فعل تمكين الإخوان من إجراء انتخاباتهم بحرية، وإنما كان يراهن على شقِّ الصف وبمحاولات مستميتة ليفتَّ في عضد الجماعة، وعندما وجد نفسه قد فشل في مستهدفه عاد إلى ممارساته المعهودة وأساليبه المفلسة بتلفيق الاتهامات، واعتقال الشرفاء، وترويع الآمنين بالمخالفة للدستور والقانون، وعدم احترام أحكام القضاء السابقة، والتي برَّأت هؤلاء جميعًا من التهم نفسها التي يُسجن الإخوان بسببها!.

* فسَّر البعض حواركم لـ"الجزيرة" وحديثكم عن موضوع التوريث على أنه مهادنة للنظام.
** إنها التفسيرات الخاطئة التي تحكمها الأهواء، وتؤثر فيها الرغبات لتشويه صورتنا.. موقفنا من هذا الموضوع واضح تمامًا، وهو أن كل مصري يريد أن يخوض الانتخابات فعليه أن يتوجه إلى صندوق الانتخابات النزيه والمراقب والبعيد عن الشبهات؛ ليكون فيصلاً بين رغبته وإرادة الأمة، أما بأية وسيلة أخرى فهذا ما لن يقبله الإخوان، وفي ظل الدستور الحالي وممارسات النظام الظالم وعدوانه على الحريات العامة لا يمكن أن نتوقع انتخابات حرة ونزيهة؛ ولذلك فإننا نسعى مع غيرنا من المخلصين لهذا الوطن لتحقيق الإصلاح الدستوري والقانوني والسياسي المنشود.

* ألا يوجد عند الإخوان أية نية لفتح باب الحوار مع النظام؟
** النظام هو الذي لا يريد الحوار مع أيِّ أحد، وهذا من طبائع الاستبداد القديمة، لا يسمع إلا صوته ولا يرى إلا ذاته، وما أعنيه أن على النظام أن يتحمَّل مسئولياته تجاه المرحلة الراهنة، ويتوجه بخطابه إلى الشعب بفصائله المختلفة، ويفتح باب الحوار الوطني الحقيقي؛ لأن المشروع الصهيوأمريكي فوضويٌّ ويستهدف كلَّ المقدرات، ولا يوجد لمواجهته سبيل إلا التترُّس بالشعوب، وأنا مشفقٌ على النظام من البقاء وحيدًا في هذه المواجهة التي تعرِّضه لضغوط لن يتحملها منفردًا، وتبعاتها لن تطاله منفردًا.

وعلى المسئولين في هذا النظام أن يكونوا صادقين مع الشعب، ويعيدوا له حريته وإرادته ويحترموا اختياره، وينزلوا على رغبته؛ حتى تصبح الأمة بحق هي مصدر السلطات إن كانوا صادقين.

وأذكِّر كل مسئول في هذا البلد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب الدعاء المستجاب يقول "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فشقَّ عليهم فاشقق عليه"، فليختر كلٌّ لنفسه إما أن يدعو له رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أن يدعو عليه.

أعضاء الإرشاد السابقون
 الصورة غير متاحة
 
* الحديث عن واقع الجماعة بعد الانتخابات الأخيرة في مكتب الإرشاد يفرض علينا أن نتساءل عن علاقة الأعضاء السابقين فيه بالمكتب حاليًّا!.
** الجماعة تحرص دائمًا على الاستفادة بطاقات وإمكانات وخبرات كل أبنائها، على اختلاف أعمارهم ومواقعهم، بل هي حريصةٌ على الاستفادة من خبرات كل مخلص خارج الجماعة؛ فالحكمة ضالَّة المؤمن أينما وجدها فهو أولى بها، وانظر إلى المناسبات التي يشارك فيها الإخوان من أفراح وأتراح؛ لتجد شبابًا وشيوخًا وكهولاً يجمعهم الحب في الله، ولا توجد بينهم فوارق إدارية، ولا مناصب تنفيذية، فمنْ كان في القيادة كان، ومنْ كان في الساقة كان، هذا هو سرُّ الأخوَّة التي تميِّز جماعتنا.

ولئن كان فضيلة الأستاذ محمد مهدي عاكف قد استطاع أن يسنَّ سنةً تتجاوز واقع الحظر؛ فإن له في القلوب مكانةً ومنزلةً، وكذلك إخواننا الأفاضل الدكتور محمد حبيب، وفضيلة الشيخ محمد عبد الله الخطيب، والأستاذ لاشين أبو شنب، والأستاذ صبري عرفة، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وغيرهم من أعضاء المكتب الحالي، وكل أخ على ثغر في هذه الدعوة المباركة.

وربما كانت الجماعة بحاجة إلى أن تمر بهذه التجربة لتضيف إلى رصيد خبراتها خبرةً جديدةً، هي القدرة على التجديد في هياكلها، وتحمُّل تبعاته وابتكار الوسائل والآليات الجديدة، وللعلم فإن التحرر من قيود الواجبات الإدارية يطلق طاقات البحث والدراسة، وتقديم المشورة والاقتراحات لتحسين أداء الجماعة، وأنا- بفضل الله- أستشير عددًا كريمًا من الأساتذة والإخوة والأفاضل من خارج المكتب ومن خارج الهيكل الإداري؛ بل ومن خارج الجماعة، ومن إخواننا المسيحيين ليكونوا أعوانًا لنا على أداء رسالتنا لخير مصر ولخير العالم أجمع.

* معنى هذا أن الجماعة وصلت إلى مرحلة تمام الأداء وتكامل الخبرات!.
** لا أقول هذا ولا يجب أن يقوله أحد إلى قيام الساعة، ولو قامت القيامة وفي يد أحدنا فسيلة فسيغرسها، فنبتة هذه الدعوة تنمو كلما مرَّت عليها السنون، وتقوَى بالممارسات المختلفة، وتقوِّم مسارها، والله يبارك في عملنا ببركة النزول على رأي الأغلبية.. إنها الروح التي يجب أن تحكم المسلمين؛ ولذا انصاع سيف الله المسلول خالد بن الوليد- رضي الله عنه- لقرار القيادة بترك إمارة الجيش، وهو الذي جهَّز خطة المعركة وسلَّمها لأبي عبيدة عامر بن الجراح- رضي الله عنه- وببركة التجرد كان الانتصار.

لا يهمُّ في دعوتنا من يشغل مقعدًا في القيادة، ولكنَّ المهم هو تسيير الركب، والركب يسير بكل أفراد الإخوان حتى أصغر شبل في الجماعة، ولا ندري بركة منْ هي التي تتنزَّل علينا الرحمات بسببها، وكذلك الدعوات الصالحات من كل المؤمنين والمؤمنات، يلهمنا الله عز وجل بها التوفيق عندما يتكرَّم بقبولها.

الإخوان والقيادات النسوية
* هناك أصوات نسائية تطالب أن يكون للأخوات نصيبٌ في القيادة، فما رأيكم؟
** هناك أصواتٌ تبحث عن أي باب تنال به من الجماعة؛ فأخواتنا فاعلاتٌ في كافة مستويات الجماعة، ولا يعني كونهن معفياتٍ من بعض المهام الإدارية لرفع الحرج عنهن أنهن معفياتٌ من العمل، والمشكلة في التعامل مع المرأة مشكلة النظام لا الإخوان، وأعني أن النظام حريص على أن يضع الإخوان في هذا الإطار، بل ويقف دون نجاح رموزنا النسائية في الانتخابات التي كان يقف خلفها جموع الإخوان، شيوخًا وشبابًا ونساءً، فمنْ تحديدًا الذي لا يعطي للمرأة حقها؟!، ومنْ الذي يروِّع الزوجات والأمهات والبنات في جوف الليل دون مراعاة لحرمتهنَّ، ولا احترام للإنسانية، فضلاً عن مخالفة الدستور والقانون والأعراف الإنسانية العامة.

* ما أهم الأولويات التي أضفتها فضيلتكم على أجندة عمل الجماعة منذ تولِّيكم المسئولية؟
** أن أُتمَّ ما بدأ، وأواصل السير في ركب الجماعة، وللجماعة خطتها المرحلية التي تمَّ اعتمادها منذ قرابة عامين، والتي تنتهي دورتها في 2012م، وهذا يعني أن تغيير الأشخاص لا يعني عندنا تغييرًا في الرؤى والإستراتيجيات، وإن كنت أتمنَّى- ومعي إخواني جميعًا- أن تزداد الروح الإيمانية بالتربية القرآنية وبالسنة النبوية الشريفة، وأن نجمع شمل كل الإخوة، بل وكل المخلصين من أبناء مصر للنهوض ببلدنا الغالية؛ لأنها تستحق أفضل مما هي فيه بكثير، وكذلك الاهتمام بقضايا أمتنا العربية والإسلامية، وعلى رأسها- وفي القلب منها- فلسطين الحبيبة.

* كيف ترون مستقبل المنطقة في ظل تردِّي الأوضاع في العراق وزيادة القلاقل والفتن، سواءٌ في اليمن أو الصومال والسودان، إضافةً إلى القضية الفلسطينية؟
** المشروع الصهيوأمريكي تتسارع خطواته، وهو في العراق في مأزق حقيقي، فلم يتحقق من نظرية (الفوضى الخلاَّقة) إلا شقّها الأول (الفوضى)، وبالتالي مطلوبٌ أن يرتفع الوعي الشعبي الإسلامي والعربي بخطورة هذا المشروع على أمن الفرد قبل الوطن كله؛ لأن أي تغيير قادم على المجنزرات والمصفَّحات وحاملات الجنود والطائرات لا يمكن أن يستهدف الإصلاح والتحرير وإنما الاحتلال والسيطرة.

ولم يعُد مقبولاً من الأنظمة العربية والإسلامية أن تكتفي بدور المتلقي والمتفرج، بل وأحيانًا السائر في ركب المشروع دونما نظر لتبعاته، وعلى الشعوب أن تواجهه متبنيةً المقاومة والممانعة ضد هذا المشروع برفض عامٍّ وشعبيٍّ لكل أشكال الهيمنة الصهيوأمريكية؛ لسبب بسيط؛ هو أن هذه الشعوب هي التي تدفع الفاتورة.

أما القضية الفلسطينية فهي تتعرَّض حاليًّا لمؤامرة مستمرة عن طريق جرِّ بعض ممثليها لمفاوضات غير مشروطة، والتفاوض من أجل التفاوض لن يؤدي إلا إلى تنازل وخسارة؛ ولذا على المفاوض الفلسطيني أن يدرك أن الجدار الذي يركن إليه في تفاوضه هو المقاومة، فلينسَ الجميع- بجميع ألوان طيفهم- خلافاتهم، وليجلسوا على مائدة واحدة، زادها الحق الفلسطيني الأصيل، وغير مطلوب من الأنظمة العربية إلا أن توحِّد جهودها للدفاع عن مقدساتها، ولمّ الشمل الفلسطيني، ودعم المقاومة، وألا تنخدع بوعود العدو الصهيوني الذي لا يحترم أيَّ عهد أو مواثيق، ويستمر في التهويد و"الاستيطان"، وكانت آخر جرائمه ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح إلى الآثار اليهودية، وتنفيذ العملية الخسيسة باغتيال المجاهد محمود المبحوح، كما أنني أطالب الجميع بعدم الركون إلى الإدارة الأمريكية المتربِّصة دائمًا، والمنحازة إلى الصهاينة على طول الخط.

 الصورة غير متاحة
 
* الإخوان متهمون بالانحياز لحماس فيما يخص الشأن الفلسطيني؟
** الإخوان منحازون للقضية الفلسطينية والمقاومة، وفي القلب منها حماس وباقي الفصائل المجاهدة، وقد دفعوا ويدفعون ثمن هذا الموقف من حياتهم وحريتهم؛ فنحن نؤمن أن السبيل لحل القضية الفلسطينية هو المقاومة، وأن الحق الفلسطيني لا يتجزأ على مستوى القدس والحدود والعودة، ومن يسعى لغير ذلك أو للتفريط في شيء منه فنحن لا نتفق معه، وننصحه ونوجهه ونرده إلى أصل الحق، و"حماس" قدمت وتقدم الكثير لصالح القضية الفلسطينية، وتتحمل في ذلك الكثير حسبة لله تعالى، ولكن حماس في نفس الوقت تدير أمرها بما يتناسب والواقع الذي تعيشه، ومسئولية القضية الفلسطينية التي تتحملها مع باقي فصائل المقاومة.

* كيف تقيِّمون ما يحدث من تفاعل في الشارع السياسي المصري والدعوات لمراقبة الانتخابات دوليًّا والزج بأسماء بعينها للترشح للرئاسة؟
** جماعة الإخوان المسلمين تمارس كل أعمالها، وتبني آراءها طبقًا للمبادئ والأصول الإسلامية المعروفة في كل المجالات، ولذلك أحب أن أؤكد عدة أمور:
1- يمد الإخوان يدهم لكل العاملين للإصلاح في هذا البلد؛ لنتفق على حد أدنى عام للإصلاح مثل: (إلغاء القوانين الاستثنائية وحالة الطوارئ- فتح باب حرية تشكيل الأحزاب وإصدار الصحف- الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات)، ولنضع سويًّا أجندة عمل لتفعيل ما نتفق عليه.

2- من حق كل العاملين لصالح هذا البلد أن يطالبوا بالإصلاح بالطريقة التي يرونها دون حجر على رأي أو إقصاء لفصيل.

3- الحديث عن المرشحين لانتخابات الرئاسة القادمة سابق لأوانه، والمهم ليس أبدًا في اسم من يترشح وإنما في المواد الدستورية والقوانين والآليات التي ستحكم وتدير هذه الانتخابات وغيرها من انتخابات، وهذا هو ما ينبغي أن ننشغل به حاليًّا، خاصة أن المؤشرات التي أديرت بها بعض الانتخابات الأخيرة كمجلس الشورى وتكميليات الشعب لم تكن تنبئ إلا بإرادة مستبدة من النظام في الإقصاء لكل معارض ومصلح.

* لكنَّ بعض القوى السياسية تعلن رفضها التواصل مع الإخوان بدعوى أنها جماعة محظورة أو غير ذلك من دعاوى.
** هذه رؤية خاطئة؛ حيث إن من يتصدى للعمل العام والإصلاح يجب ألا يقصى أحدًا؛ فالإصلاح لا يمكن أن يقوم على فصيل بمفرده، وعلى أية حال فإن أبواب الجماعة مفتوحة للجميع لنتعاون من أجل تحقيق مصالح الوطن العليا، وفي مقدمتها الحريات العامة للجميع، وما أجمل هذه الكلمات: (نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه).

* كيف يرى المرشد العام الثامن للإخوان الإعلام والإعلاميين؟
** أتوجه إلى كل العاملين في هذا الحقل بالتحية، وأراهم أمل هذه الأمة في نشر الحقيقة والتصدي للفساد والاستبداد، وأقول لهم تذكروا أمانة القلم الذي أقسم به الله وحال تذكركم اعلموا أنه ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ (ق: 18)، واستوثقوا قبل أن تكتبوا حتى لا تصيبوا قومًا بجهالة.

* بمناسبة هذا الحوار عبر (إخوان أون لاين) ماذا تحب أن تقول لإخوانك وأخواتك على الدرب؟
** إخواني وأخواتي أينما كنتم.. إنها دعوتكم حياتكم.. دنياكم وأخراكم.. والواجبات فيها أكثر من الأوقات.. وإيقاع العصر أسرع.. ووسائل التواصل أمضى؛ فليكن لكم من الزاد ما يعينكم على الجد في السير والسعي للخير، موقنين بـ﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ﴾ (البقرة: من الآية 197)، وكونوا كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله عبادًا اختصَّهم بقضاء حوائج الناس، كل الناس، حبَّبهم في الخير، وحبَّب الخير إليهم، هم الآمنون يوم يفزع الناس"، ولكن لا فعل بغير طاقة، وليس أفضل من المحطة الربانية للحصول على هذه الطاقة.. ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ﴾ (البقرة: من الآية 197) ولا تحملنكم وعورة الطريق على اليأس؛ فإن أصحاب الدعوات لا يعرفون اليأس، والقانطون ليس لهم مكان على درب الإصلاح.. ﴿وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ﴾ (يوسف: من الآية 87)

وتذكَّروا دومًا أن سرًّا من أسرار قوتكم هو كونكم إخوانًا؛ فالزموا أخوَّتكم واجعلوها سلوكًا لا شكلاً وواقعًا، لا حلمًا؛ ليقوى صفُّكم، ويحولَ دون أن تتسلَّلَ إليه عللُ الوهن والشك, واملكوا من أدوات الواقع ما يعينكم على الاقتحام والإمساك بزمام المبادرة، محقِّقين في كل مجال حياتيٍّ ريادةً يستوي فيها العامل والموظف مع الطالب مع العالم الأكاديمي والحرفي والمهني وربة المنزل..

ولتكن لفكرتنا بكم وسائل إعلام متحركة، تشرح وتوضح وتردُّ، وتشحن الهمم، وتُحيي موات القلوب، وتفتح مغاليق العقول؛ فأنتم- كما وصفكم مؤسس هذه الجماعة المباركة- "روح جديد يسري في جسد هذه الأمة ليحييه بالقرآن"، جعلكم الله هداةً مهديِّين، لا ضالِّين ولا مضلِّين، وأبشروا ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ﴾ (القصص: 5).

وأخيرًا لا آخرًا مع خالص تحياتي ودعواتي بالتوفيق لكل العاملين في مواقعنا، وكل المتعاملين معها.

الحقوق محفوظة لـ - مدونة المرايا المستوية | الإخوان المسلمون