بقلم : البدوى عبدالعظيم البدوى
هالتني تلك التصريحات المنسوبة للسيد طلعت القواس، عضو الحزب الوطني، وأحد أعضاء لجنة تسيير الأعمال المشكلة لإدارة "الوطني"، من أن الحزب قد تلقى، خلال الفترة الماضية ، عدداً من الاتصالات، وأجرى لقاءات مع شخصيات عامة، تمثل قوى أحزاب المعارضة - رفض ذكرها - وشخصيات من داخل الحزب، مثل الدكتور عبد الأحد جمال الدين والدكتور مصطفى الفقى، المستقيل من الحزب والتي نشرت في جريدة اليوم السابع في عددها المنشور بتاريخ الاثنين الموافق 28 /3/ 2011 ، وسبب تلك الصدمة التي أصابتني هو أن ورقة الإقصاء لا زالت مستمرة ، وإذا كان الحزب الوطني قد حيل بينه وبين ممارسة هذا الدور فأن النخبة قد تلقفت من بين يديه تلك الورقة وصارعت في الاحتفاظ بها بل واللعب بها ضد الإخوان المسلمين مرة أخرى ليعانوا منها بعد أن ظلوا طوال عقود يعانون منها جراء سياسات النظام السابق التي دمرت البلاد وأفسدتها ؟؟!!!
نفس تصريحات الرئيس السابق
ولم تأت هذه التصريحات بمعزل عن ما يدور على الساحة السياسية والإعلامية المصرية منذ أن تم إعلان نتيجة الاستفتاء وحتى الآن ، حتى أن عددا غير قليل من النخبة السياسية المصرية والإعلامية والتي عانت أحيانا من الإقصاء إبان النظام السابق والتي من المفترض أنها تبنت تلك الثورة وعايشتها والتي تبنت رأيا مغايرا للرأي الذي تبنته الغالبية العظمى من الشعب المصري والتي كانوا يسمونها ( الأغلبية الصامتة ) شنت ولا زالت تشن حملة شعواء ضد كل من قالوا نعم وهم ببساطة 77.8 من المصريين الذين أدلوا بأصواتهم في صناديق الاستفتاء الأخير وأصبحوا يقولونها تصريحا لا تلميحا إن الشعب المصرى لا يعرف مصلحته ونحن نعرفها أكثر منه !!! فهل قال حسنى مبارك غير ذلك ؟!!
والأدهى من ذلك أن يتخلوا عن تخوفاتهم من وفلول جهاز امن الدولة المنحل والحزب الوطني البائد ويتخلوا عن التخوفات من سرقة مقدرات هذه الأمة وثروتها من قبل رجال الأعمال الغير شرفاء ويجاهروا بخوفهم من الإخوان المسلمين الذين هم شركاؤهم في الوطن والنضال السياسي السلمي ، و اكبر فصائل المعارضة المصرية طوال العقود الماضية ليصبحوا هم العدو الحقيقي للشعب المصري وثورته والعدو الحقيقي للتجربة الديمقراطية الناشئة في مصر أليس هذا فشلا وتضييعا للثورة وما قامت عليه من مبادئ وما أريق في سبيلها من دماء .
وان كانت لتلك النخبة من تخوفات من ممارسات وتصريحات لبعض الارأء الإسلامية الأخرى الوليدة والتي لم تتمرس في العمل السياسي مثل الإخوان فكان من الأولى أن لا يهاجموا الإخوان أنفسهم أو يناصبونهم العداء بل أن يعتبروهم صمام الأمان والمعنيين بترشيد تلك الآراء التي خرجت للساحة السياسية دون أن تتمرس أو تحصل على الخبرة الكافية والتي ستنضج بمضي الوقت ومن المفترض أن يساعدهم الإخوان في ترشيد تلك التصريحات والرؤى المتباينة للخروج بخطاب سياسي اسلامى واضح وموحد لا يقصى الأخر ويعترف به وبحقه في الممارسة السياسية ، وهو ما لم يحدث
في حقيقة الأمر لم يكن احد في حاجة إلى مثل تلك التصريحات ليشعر بتلك الصدمة التي انتابتني عند قرأه تلك التصريحات لان مجرد متابعة الفضائيات ومشاهدة رموز وصالونات وبرامج إعلامية كبيرة تشعرك أنت وكل من قالوا رأيهم ( والذى يخالف رأى مقدم البرنامج أو مدير الصالون وغالبا ضيوفه ) انك لا تفهم وانك ببساطة ونك قاصر تحتاج الى ولى وبالطبع هم اولى بها لانهم بالطبع بيفهموا احسن من باقى الشعب المصرى او على الاقل احسن من 77.8 ممن ادلوا بأصواتهم فى الاستفتاء .
أن هذا الصنف من النخبة السياسية أو هؤلاء الإعلاميين لا يفهمون ابسط قواعد الديمقراطية التي يدعون أنهم المنظرين لها وأنهم اكبر دعاتها وهى احترامم إرادة الناخبين وما يزيد الطين بله أن هؤلاء العصابة لا ينتمون إلى فصيل فكرى واحد بل أنهم من مدارس فكرية متباينة فهل هذا هو فهمهم الديمقراطية .
وكان أولى بهم أن يتعلموا الدرس من تلك الدول التي ابتكرت اللعبة الديمقراطية واستوردوها منها ليروا كيف تحترم النخبة السياسية في تلك الدول خيارات الشعوب بل وتنحني أمامها .
إن ما نراه هذه الأيام يمكن أن نطلق عليه تجاوزا دكتاتورية الأقلية ؟!! تخيلوا أن تكون الأقلية في بلد ما هي من يمارس الديكتاتورية ، ويبدوا أن تلك البدعة أو المصطلح الجديد هو بدعه مصرية أصيله فمصر هي البلد الوحيد الذي تمارس فيه الأقلية ديكتاتوريتها على الأغلبية .
0 التعليقات:
إرسال تعليق