الجمعة، 1 أبريل 2011

الدين و السياسة و الإخوان


   
خرجت الثورة المصرية تهتف بمطلب و هدف أساسي و هو الحرية للشعب
كانت و لا تزال و ستظل تريد الحرية لجميع أطياف الشعب وبدون استبعاد أو إقصاء لأي فكر أو فصيل سواء علي أساس طائفي أو فكري أو سياسي أو عنصري أو ديني أو مهني أو جنسي أو جغرافي.
لقد تعب الناس من كثرة تجريم البعض للبعض ..
في عصر الرئيس جمال عبد الناصر كان اعتناق أي فكر جريمة عدا الاشتراكية و نذكر أغنية عبد الحليم حافظ الشهيرة التي تصف كل مخالف للاشتراكية بأنه خائن (يا خاين الاشتراكية يا عميل الصهيونية)
وفي عصر الرئيس السادات كان الفكر اليساري الشيوعي جريمة تستوجب السجن و الاعتقال
و في عصر الرئيس مبارك كان الفكر الإخواني و الإسلامي عموما تطرف و إرهاب و تهديد للسلام الاجتماعي
ثم انطلقت الثورة ...و كان شعارها الحرية للجميع ..الحرية في التعبير و الرأي و الاختيار
فهل نعود للوراء ؟؟
لماذا يرفض البعض دخول الدين في السياسة ؟
في حقيقة الإسلام لا فصل بين الدين و السياسة لأن السياسة جزء من الإسلام فالإسلام دين شامل يضم كل شئون الحياة فمن يقرأ القرآن و السنة النبوية يجد العقيدة و العبادة و الأخلاق و الاقتصاد و السياسة و الفنون و الثقافة و التربية و القانون و كل جوانب الحياة فكما قال القرآن: وأقيموا الصلاة (عبادة) قال أيضا: إذا تداينتم بدين (اقتصاد) و قال: و أن احكم بينهم بما أنزل الله (سياسة و قانون)
ثم هل يقبل أحد أن نمنع الفكر اليساري لأن دولته الاتحاد السوفياتي قد سقطت و قد ثبت فشله علي أرضه و لا معني للإبقاء عليه بيننا و يجب إلغاؤه ؟
و هل يقبل أحد أن نمنع الفكر الليبرالي بحجة أنه قد يأتي بالشذوذ و عبدة الشيطان و الأفكار الشاذة الغريبة عن مجتمعنا باسم التحرر ؟
كما أننا نستدل دائما بالغرب المتقدم في كل المجالات فهم في الفكر السياسي عندهم الحزب المسيحي الألماني و الإيطالي و الأحزاب اليهودية في إسرائيل وننظر بإعجاب أيضا إلي تطور الأحزاب الإسلامية في تركيا من أربكان و صولا إلي جول و أردوغان

و هنا نصل إلي الإخوان المسلمين المتهمين باسغلال الدين للوصول لأغراضهم في الحكم و السيطرة علي مقاليد الأمور و أسوق الملاحظات التالية:
أولا الإخوان لم يقولوا مطلقا أنهم هم الوحيدون الممثلون للإسلام و المتحدثون باسمه فقط و لم يحتكروه بل بالعكس يريدون من كل الناس – إن أمكن – تبني الفكرة  الإسلامية
ثانيا يقرون دائما و أبدا أنهم جماعة من المسلمين و ليسوا جماعة المسلمين
ثالثا يقرون أنهم مجتهدون في تطبيق الإسلام علي أرض الواقع و أن عملهم هو جهد بشري محض و ليس هم الإسلام نفسه و أن أعمالهم كلها يتحرون فيها الصواب قدر الإمكان و لكن في النهاية تحتمل الصواب و الخطأ كأي جهد بشري فهم ليسوا ملائكة و ليسوا معصومين
رابعا لم يقولوا لأحد أبدا انتخبنا تدخل الجنة و لا يعطوا لأحد صكوك غفران
خامسا يعرضون دائما أفكارهم و أعمالهم علي الناس و يتركون لهم حق القبول أو الرفض بدون إكراه أو إجبار
سادسا لا يخدعون أحدا و لو وجد الناس حل مشاكلهم و وجدوا الثقة في الفكر الوفدي مثلا أو الاشتراكي أو الرأسمالي لاختاروه وأيدوه و لو قال لهم الإخوان مليون مرة الإسلام هو الحل لأن الناس تريد أفعال و أعمال واقعية علي الأرض و لا تنخدع بالشعارات الجوفاء حتي و لو كانت باسم الدين
سابعا لا يستخدمون العنف و لا التكفير ضد مخالفيهم في المواقف و الآراء بل الكل بشر يؤخذ من كلامه و يترك
ثامنا يرفعون دائما مبدأ مشاركة لا مغالبة في أي انتخابات أو أعمال عامة و لا يحبون دائما الانفراد و التصدر و يمدون دائما أيديهم للجميع و التاريخ يشهد علي ذلك في انتخابات النقابات و الانتخابات النيابية السابقة
تاسعا لم يتم تجربة الإخوان حتي الآن في أي مواقع مسئولية و كانوا دائما جماعة محظورة فكيف يحكم عليهم البعض الآن – قبل تجربتهم – بأنهم يخدعون الناس بالشعارات الدينية الفارغة من المضمون و أنهم غير صادقين ؟؟
عاشرا فالإخوان يدعون لحزب مدني ذو مرجعية إسلامية حزب مفتوح لكل المصريين و في نفس الوقت لا يمانعون في وجود حزب مدني ذو مرجعية مسيحية مفتوح لكل المصريين فينتج ثراء في الأفكار و الرؤي و تكسب مصرنا و شعبنا مجموع هذه الجهود
و أخيرا فالحرية و العدل أن نترك للجميع بدون استثناء اعتناق ما يراه و يقتنع به و نترك للشعب حرية المفاضلة و الاختيار و التجربة و الشعب و الأغلبية هي الفيصل في القرار بدون وصاية أو حذف أو إقصاء أو إرهاب و بدون ديكتاتورية الاستبعاد .       

- بقلم د. جمال يوسف

0 التعليقات:

الحقوق محفوظة لـ - مدونة المرايا المستوية | الإخوان المسلمون