![]() |
بقلم: د. سعد عمارة
التقيت في الأيام الماضية أعدادًا من الناس على موائد الإفطار في قرى ومدن دائرة الزرقا بدمياط، وتحدثنا عن انتخابات مجلس الشعب القادمة في ظل أجواء الفساد والاستبداد التي تعاني منها مصر، مع غياب أي ضمانات لنزاهة العملية الانتخابية، وقد غلبت روح اليأس والإحباط على رؤية الناس: "مفيش فايدة- النتائج محسومة- مفيش انتخابات... إلخ". وحينما أوضحنا لجمهور الحاضرين بالأرقام أن ثروة مصر- التي هي حق لكل المصريين- تُباع الآن بأبخس الأسعار لحفنة من المقربين للنظام، وأن فروق الأسعار بلغت مئات بل آلاف المليارات من الجنيهات، كما جاء في الحكم الشهير للمحكمة الإدارية العليا حول عقد مدينتي الذي قدر فرق السعر بـ300 مليار جنيه، بينما تصل فروق الأسعار للأراضي الموجودة حول طريق مصر- إسكندرية الصحراوي حوالي 3 تريليونات جنيه، وهكذا فببساطة شديدة "لقد أعطى من لا يملك (وهو الحكومة) لمن لا يستحق (وهم حفنة المقربين من النظام الحاكم) قطعًا من الأرض التي يملكها الشعب المصري دون أي سند أخلاقي أو قانوني، وتركت الشعب يكابد الفقر والبطالة وغلاء الأسعار!!!".
والأخطر من ذلك أنه إذا سمحنا كشعب- من خلال الانتخابات القادمة- باستمرار واستقرار تلك المنظومة التي تحكمنا؛ حيث يتحول الشعب المصري من مالك وسيد على أرضه إلى أجير أو عبد تحت إمرة حفنة من المستغلين الذين يسمون أنفسهم رجال أعمال- فحينئذٍ لا يلومن أحد من الشعب المتفرج إلا نفسه.
حينما اتضحت الأمور للناس على تلك الصورة، أدرك كثير منهم، خاصة الشباب؛ ألا مستقبل لهم إذا استمر مسلسل التزوير والفساد، وهنا أزعم أن الأمور السياسية عند الناس ليست متبلورة بذات الوضوح عند النخبة مما يلقي بمسئوليات التوضيح من خلال حوارات مباشرة بين الناس والداعين إلى التغيير- ونعود إلى الشبان الذين صدمتهم أرقام الفساد وحجمه وسألوا ما العمل؟؟؟ فكرنا سويًّا وتلاقت الأفكار (مع مئات المشاركين من قرى ومدن مختلفة)، ووصلنا إلى بعض الخلاصات، أتصور أنه من المهم عرضها على الرأي العام لفتح باب الحوار حولها:
1- أن فكرة الضمانات الانتخابية فكرة جيدة للمصلحين سيئة للمفسدين، ولذا لم ولن يعطيها النظام الحاكم طواعية؛ حيث يدرك الجميع أن نهاية النظام تكمن في انتخابات نزيهة.
2- أن فكرة مقاطعة الانتخابات تفيد في الدول ذات الديمقراطية العريقة، أما في مصر فلن تنجح هذه الفكرة إلا في حالة ضغط دولي نحو التغيير، وهو غير موجود الآن، بل ذهب البعض إلى أن النظام يتمنى المقاطعة لكي يتسنى له أن يبيض وجهه بعيدًا عن الممارسات المخزية التي يلجأ إليها لضرب المعارضة.
3- إن ما تحتاجه قوى التغيير الآن هو التعويل على قدرات الشعب المصري والإيمان بها والعمل على دراسة نقاط القوة والضعف فيها، ثم الاحتكاك المباشر بالناس وسماع آرائهم الخلاقة (الشباب والشابات خاصة)، والاتفاق على آليات الحركة ومعوقاتها، وبث الثقة ونزع الخوف على قاعدة الحركة الشعبية الواسعة (الكثرة تغلب القوة- والشعب أقوى من الحكومة).
4- ثم طرح فكرة جديدة يمكن تسويقها والتعويل عليها، وهي خروج العائلات بشكل جماعي للوقوف أمام مقار لجان الانتخابات، وأن يعتبرونه يومًا للدفاع عن أنفسهم ضد تزوير إرادتهم، ومن ثم انتقال الشباب والرجال لحماية لجان الفرز في نهاية اليوم، ولو تصورنا أننا بدأنا الآن في تسويق الفكرة على مستوى مصر ومناقشة الجميع فيها خاصة الشباب من الجنسين، ودعنا نحلم بخروج نسبة معقولة على مستوى مصر في يوم واحد!!!؛ ستتغير موازين القوة لصالح الملايين الشعبية في أكبر وأوسع مظاهرة شعبية عرفتها مصر في التاريخ الحديث يمكن أن تقلب المعادلة!!!!! قد يقول البعض إنها فكرة حالمة.. ربما!! ولكن أحلام اليوم ربما تكون حقائق الغد؛ لو وجدت من يحملها بصدق وصبر وجرأة وصلابة، والأهم احتكاك مباشر وحوارات صعبة مع الناس.
وفي النهاية.. أقول إن 10 أيام من الاحتكاك بشرائح شعبية جديدة، ألهمتنا أفكارًا ورؤى مختلفة في طريق التغيير، وأتصور أنه على قوى التغيير أن تنزل وتتحاور- بشكل واسع- مع الجماهير المهمشة بكل أطيافها، وتعتبر الانتخابات الوشيكة لمجلس الشعب فرصة ذهبية لوضع لبنات قوية في الأساس الواقعي للتغيير النابع من شعبنا العظيم، ولا ننتظر 5 سنوات أخرى حتى تأتي انتخابات 2015م.
----------------
0 التعليقات:
إرسال تعليق