الاثنين، 22 مارس 2010

الإخوان واليسار المصري .. رؤية مغايرة


الإخوان واليسار المصري .. رؤية مغايرة

محمود سلطان | 21-03-2010 22:58

قد يستغرب البعض من قولي إن "الإرهاب" و"الفكر التكفيري" لم يخرج من تحت عباءة الإخوان ـ كما جرت عادة المثقفين العرب على ترديده ـ وإنما من تحت عباءة بعض المنتسبين لـ اليسار العربي، بما فيه المصري بالتأكيد.

ليس في كلامي أي مفاجأة، المشكلة في أن قطاعاً كبيراً من الإعلام الرسمي العربي المملوك للدولة، لا يزال تحت سيطرة "الفلول الماركسية"، وهي التي تملك كل أدوات إعادة تشكيل وصوغ اتجاهات الرأي العام، ترفع من تشاء وتذل من تريد! وهي ظاهرة من أغرب الظواهر في العالم؛ إذ لم يعد للماركسيين أي وجود حقيقي على المستوى الرسمي في أي دولة في العالم إلاّ في مصر وعدد من الدول العربية، وكانت المفاجأة بالنسبة لي أيضاً، أن الماركسيين المصريين ـ على سبيل المثال ـ يهيمنون أيضاً على وسائل الإعلام ـ خاصة الصحف ـ في منطقة الخليج العربي، على الرغم من أن دول الخليج هي الأكثر عرضة لانتقادات الماركسين العرب وتهكّمهم وسخريتهم، على أساس أن تلك الدول شاركت، وموّلت الجهاد الأفغاني الذي هزم التجربة الماركسية عسكرياً في أفغانستان، ثم ما تبعه من هزيمة سياسية مدوية بسقوط الاتحاد السوفيتي.

كان ولع الماركسيين العرب بنظرية "حتمية العنف"، و"الثورة"، و "العمل السري" في التغيير السياسي والاجتماعي، أثر كبير وحاسم في منحاهم نحو البحث عما يعتبرونه "التجارب الثورية"، والجماعات "السياسية السرية" في التاريخ الإسلامي، مثل: القرامطة والخوارج وغيرهما، بصفتها "الجانب المضيء" في تاريخ الأمة، والذي جرى تهميشه من الفكر الإسلامي السلفي السني، الذي يعتمد على "ثقافة الطاعة" (بحسب زعمهم)، والعمل على إبرازها وإعادة الاعتبار لها، فشاركوا بلا وعي منهم في إضفاء الشرعية على "الإرهاب السياسي"، والذي يمثله القرامطة في التراث الصراعي، فيما أعادوا إحياء "الفكر التكفيري" بتمجيدهم للخوارج، حيث استقت بعض التيارات في مصر ـ على سبيل المثال ـ مثل "جماعة المسلمين" والمعروفة إعلامياً وأمنياً باسم "التكفير والهجرة" بعض أصولهم في التصنيف الديني للمسلمين ما بين مسلم وكافر، والتصفية الجسدية لخصومها من المسلمين أيضاً، فضلاً عن إحياء فكرة "دار الهجرة" مجدداً على يد زعيمها شكرى أحمد مصطفى، وهي ذات الفكرة التي أحياها من قبل القرامطة في الكوفة عام 277 هـ على يد مؤسسها حمدان القرمطي. ولذا لم تكن مصادفة أن تظهر "الجماعات التكفيرية" متزامنة مع علو كعب اليسار وقوة نفوذه في المجتمع والدولة منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي.

هذا الكلام ربما قد يصدم البعض، ويراه تحليلاً مخالفاً لما هو سائد ومستقر في وعي النخبة، والتي ترى في جماعة الإخوان المسلمين المحضن الذي احتضن مدرسة العنف الديني في مصر، والحال أن اليسار المصري، يتحمل الجزء الأكبر من عملية إعادة إحياء المذاهب العنفية والتكفيرية على أسس دينية، حين ذهب ـ تحت ضغط الأيدولوجيا الماركسية التي تمجد العمل السري وفكرة الخروج بالعنف والسلاح ـ إلى إضفاء الشرعية على جماعات العنف والإرهاب، والتكفير الديني والسياسي في التاريخ الإسلامي، والحديث عنها بخشوع وتبتل شديدين.

0 التعليقات:

الحقوق محفوظة لـ - مدونة المرايا المستوية | الإخوان المسلمون