الاثنين، 11 أكتوبر 2010

فلسفة اكتوبر


اتفق المؤرخون على أن الانطلاقات السياسية أو العسكرية لابد أن يكون ورائها فلسفة ( أيدلوجية ) معنوية أو أدبية أو تشريعية أو اجتماعية أو غيرها
أما إذا حرمت الانطلاقات العسكرية والوثبات السياسية من هذه الفلسفات فما أسرع أن تزول وينتهى أمرها ويمحى أثرها
فالتتار ملكوا العالم يوما ، ولكنهم ملكوه فى معارك وحشية بربرية سريعة وتخلص منهم العالم أيضا في معارك سريعة ، ولم يتركوا أثرا لأنه ماكان يسيرهم شىء
الثورة الفرنسية أو الشيوعية جاءت ومن ورائها نظريات وفلسفات وكتب لقادة الفكر الغربى ، فبقيت الثورة لبعض الوقت أو على الأقل كان لها بعض الامتداد
الدولة العثمانية التى قامت بالإسلام ، فصار الإسلام فلسفتها ومرجعها ، فدان لها الشرق والغرب ، فلما صار الأمر ملكا عاديا غابت واندثرت وانتهى بها الأمر إلى زوال
فما من شك فى ان اى نشاط إنسانى لابد له ان ينطلق من فكره مبدئية ، والفكرة التى يقوم عليها جهد ما يجب أن توافق سنة من السنن التى فطر الله عليها خلقه حتى تكون هذه الفكرة قابلة للتنفيذ فلا تصطدم بسنن الله فى كونه ، والعقيدة الإسلامية كانت دوما هى الفكرة الأصلية والفلسفة الصحيحة التي يتولد عنها التحرك نحو الأفضل وبها تتحقق المعجزات
وذلك لأن العقيدة الحقة رباط معنوى مقدس يربط المسلم بمثل أعلى فلا تحله أزمة ولاتؤثر فيه شدة ورجل العقيدة الحق لا يعيش لنفسه ، بل يعيش مع الحق وللحق ، ويموت فى سبيل مايؤمن به ويعتقد ولقد نحت العقيدة يوما وعزلت عن تربية الأمة، فلما قامت معركة الخامس من يونيو كان معنا سلاح كثير وإيمان قليل فلم يغن السلاح شيئا ، لأن هذه الأسلحة على حداثتها وضخامتها لم يقم عليها رجال أصحاب عقيدة وكما قال الشاعر :
وماتنفع الخيل الكرام ولا القنا إذا لم يكن فوق الكرام كرام
والكرام الذين نريدهم ، هم أصحاب العقيدة الحق ، هم الأبطال المغاوير ، والأبطال لايصنعهم إلا الإيمان والعقيدة الحق ، وقد ظهر ذلك جليا فى حرب السادس من أكتوبر ، حيث اجتمعت لها فلسفات دفعت إليها ووقفت ورائها ففجرت طاقات هذه الأمة وحفزت رجالها
وكانت هذه الفلسفات مابين معنوية وأدبية واجتماعية ودينية ، فكان ذلك هو سر خلود هذه الحرب ، يتغنى بها الصغير والكبير
واخشى أن تكون هذه الفلسفة قد بدات تتقلص شيئا فشيئا ، فلا فلسفة معنوية أو أدبية ترفع وتدفع معنويات رجالات هذه الأمة ، بعد اختراقها من قبل وسائل إعلام أعدائها التى باتت تقلل من شانها وتهون من قدراتها ، فلا عقيدة دينية ينتمى لها الوطن فتكون سر نهضته من كبوته وتعثره فتكون له الغلبة والظهور على عدوه
إن عدونا مازال يجند أبناءه على أساس دينى وفلسفة عقائدية ، ويقذف بهم فى قلب المعارك بأحلام دينية وفسفة عقائدية
وأخشى مانخشاه ان ينتهي بنا الحال والأمة الإسلامية التي صارت أمما متفرقة - بلا فلسفة ولا هوية - إلى ما انتهت إليه الأمم السابقة من المغول والتتار ، والإمبراطوريات الغابرة من الفرس والرومان ، نقاتل بلا فلسفة ونحارب بلا وعى
وصدق من قال :
فإذا الإيمان ضاع فلا أمان و لادنيا لمن لم يحى دينا
ومن رضي الحياة بغير دين فقد جعل الفناء له قرينا



د.ماجد رمضان

0 التعليقات:

الحقوق محفوظة لـ - مدونة المرايا المستوية | الإخوان المسلمون