![]() |
أستاذ غير متفرغ بهيئة المواد النووية الأسبق لـ(إخوان أون لاين):
- ضغوط صهيونية غربية وراء تأجيل المشروع النووي المصري
- تراجع وتضارب التصريحات بشأن الضبعة يعكس التضارب بين مصالح رجال الأعمال ومصلحة الدولة العليا
- تقرير "بارسونز" الأسترالي جاء على غير هوى رجال الأعمال الطامعين في تغيير موقع الضبعة
- وزير الكهرباء لا يمتلك القرار النهائي والمشروع يحتاج إلى قرار سيادي
- إيقاف مشروعنا النووي عقب واقعة "تشرنوبل" خطأ دفعنا ثمنه غاليًا
- العالم لن يشهد حروبًا نوويةً مرة ثانية وامتلاك السلاح للردع
- لا توجد علاقة بين التغير المناخي بالمنطقة وإنشاء محطة نووية
حوار- شيماء جلال:
فجأة، وبدون مقدمات، لمع موقع الضبعة المرشح أن يكون مقر محطة نووية لاستئناف مشروع مصر النووي في أعين كبار رجال الأعمال المقربين للنظام الحاكم، وبدأ الصراع على استخدام الموقع كمنتجعٍ سياحي بدلاً من المحطة النووية في محاولة استفزازية لعقول العلماء والمفكرين الذين أكدوا أهمية الإسراع بإنشاء أول محطة نووية بأرض الضبعة.
ورغم وجود دراسات مرت عليها أكثر من عشرين عامًا وبتكاليف تعدت الـ500 مليون جنيه تؤكد أن موقع الضبعة هو الأنسب لإنشاء أول محطة نووية مصرية؛ نجد حالة من التلكؤ والغموض تحيط بالمسئولين بشأن الإعلان عن إنشاء المحطة؛ بالرغم من إعلان وزير الكهرباء الدكتور حسن يونس في مؤتمر الحزب الوطني أنه مع نهاية عام 2009م سيتم إعلان موقف محدد بشأن أرض الضبعة، ونحن على أعتاب نهاية الشهر الثاني من العام الجديد لم نسمع سوى تصريحات متناقضة مع بعضها البعض؛ خبر يؤكد وآخر ينفي، وهو ما يضعنا أمام العديد من الأسرار التي تكمن خلف المشروع النووي بأرض الضبعة.
(إخوان أون لاين) التقى الدكتور أحمد حشاد نائب رئيس هيئة المواد النووية الأسبق، وأحد كوادر برنامج مصر النووي في محاولة للوقوف على تلك الأسرار التي تؤجل مشروع طال انتظاره؛ فإلى تفاصيل الحوار:
* بدايةً.. ما السبب في المماطلة في مشروع الضبعة النووي بالرغم من صدور قرار جمهوري يحمل رقم 305 لعام 81 بغرض إنشاء أول محطة نووية بالضبعة لتوليد الكهرباء ونزع ملكية الأراضي الوقعة في نطاق المشروع؟
** ما يحدث من تردد وتراجع في الإعلان عن اختيار الضبعة كأول محطة نووية ترجمة للصراع بين الحكومة ومجموعة من رجال الأعمال الطامعين في هذا الموقع الفريد لطبيعته، ومواصفاته المميزة بحكم تواجده وسط مجموعة من المنتجعات بمنطقة الساحل.
مميزات الضبعة
![]() |
موقع الضبعة المرشح أن يكون مقر أول محطة نووية مصرية |
* ولماذا لمع موقع الضبعة في أعين رجال الأعمال الآن، وما الاشتراطات التي تم بحثها بالمنطقة لتكون أنسب منطقة لإنشاء المفاعل؟
** الضبعة منطقة مميزة فهي مدينة تقع شمال غرب مصر تبدأ إداريًّا من قرية غزالة شرقًا حتى قرية فواكه غربًا؛ تبلغ مساحتها 60 كيلو مترًا على الساحل، ويفصلها عن الطريق الدولي 2 كيلو متر؛ تمتاز بميزة ربانية وهي وجود مصدات طبيعية أمام المفاعل النووي إذا ما تم إنشاؤه؛ فإذا جاءت أمواج بشدة فمن المقرر أن تتكسر قبل الوصول للمفاعل.
ليس هذا فحسب فقد تميزت منطقة الضبعة بطبيعة صخورها ورمالها وتربتها؛ وهي التي ميزتها عن بقية المناطق المحيطة أو التي كانت مرشحة من قبل لإقامة محطات نووية عليها.
ومساحة الضبعة شاسعة وضخمة بالفعل، وعن المساحة التي من المقرر أن يشغلها المفاعل فهي ما يقرب من امتداد كيلو في كيلو على أن تحيط بمنطقة المفاعل مجموعة حدائق ومعامل لإجراء الأبحاث، أما الاشتراطات التي أظهرتها الأبحاث والدراسات فتتركز حول نوعية الصخور، وصلابتها وقوة تحملها، والتدرج الحراري، وغيرها من المواصفات التي لا بد من إجرائها في أي موقع مرشح لإقامة مفاعل به.
* معنى ذلك أن الاختيار وقع على مناطق أخرى بخلاف الضبعة لإجراء دراسات متعلقة بشأن إنشاء أول محطة نووية مصرية.. ما هي تلك المناطق؟
** بالفعل منذ الستينيات كان هناك اختيار لأكثر من منطقة فكانت المنطقة الأولى هي سيدي كرير ثم تم نقل مكان البحث والاختيار غربًا لمنطقة برج العرب، ثم نقل إلى الضبعة ومع ما نراه ونشاهده من مطامع الآن في أرض الضبعة، ومحاولة نقل الموقع إلى النجيلة غربًا قد يقترح البعض نقل الموقع إلى خارج مصر نهائيًّا.
لا يملك المفتاح
* لكن د. حسن يونس وزير الكهرباء بصفته المسئول الأول عن التصرف في أمر الضبعة صرَّح خلال مؤتمر الحزب الوطني الماضي بأنه بنهاية عام 2009م ستشهد انفراجة بشأن الاستقرار على أول محطة نووية؟
** أعتقد أن القرار قد استقر فعلاً على الضبعة ولكن إعلان القرار هو الذي يتأرجح بين السيد وزير الكهرباء والحزب الوطني والسيد رئيس الجمهورية؛ ما هو إلا أداة أو شكل والنظام هو الذي يوجه يمينًا وشمالاً.
* إذن، كيف تفسرون تصرحاته بشأن الغضب من محاولات سيطرة رجال الأعمال على أرض الضبعة؟
** بالفعل، لأن السيد وزير الكهرباء رجل وطني وفاضل، وقد يكون غاضبًا لعدم رضائه عن القوى الضاغطة التي تحاول السيطرة على القرار.
طمع وصراع
![]() |
د. حشاد أكد وجود أطماع في منطقة الضبعة |
* ومن هم رجال الأعمال الذين يقفون وراء المشروع، ويسعون لعدم تنفيذه؟ وما أهدافهم في المنطقة؟
** رجال الأعمال الطامعون كُثر؛ وتتردد أسماء كثيرة لم تُخفِ رغبتها في تحويل الموقع إلى منتجع سياحي أو قرية سياحية ليتوسع في حجم مشاريعه السياحية بتلك المنطقة.
* وماذا عن مصير أراضي الضبعة إذا ما امتلكها رجال الأعمال أو تمكنوا من غض بصر النظام عن المشروع النووي بالضبعة؟
** مصير أراضي الضبعة حتمًا التسقيع ثم البيع فالاستثمار، وهذا يفسر "صراع نفوذ رجال الأعمال من جهة، ومن جهة أخرى وزارة الكهرباء والطاقة واحتياجاتنا إليها".
البدو في أمان
* يتردد أن رجال الأعمال أقنعوا البدو ببيع أراضيهم من خلال إقناعهم بأن المفاعل النووي خطر على حياتهم وإن المنطقة مهددة بالغرق بسبب الاحتباس الحراري.. فما مصير هؤلاء؟
** مصير المواطنين، والبدو آمن ولا توجد أي مخاطر تحيط بهم في ظل إنشاء المفاعل النووي؛ والدراسات أكدت توافر عنصري الأمانة والسلامة لمنطقة الضبعة، علاوةً على أن المفاعل لن يكون بمفرده؛ فهناك مجموعة من العلماء والباحثين سيقيمون في مناطق ومعامل بالقرب من المفاعل؛ فمن الأولى أن يُشكِّل عليهم هم الخطر، ولكن ليس هناك أي مخاطر ولا مشاكل في المنطقة مثلما يدعي رجال الأعمال.
طغيان رأس المال
* ما النتائج المترتبة على التأخير في إنشاء أول محطة نووية بالضبعة؟
** الدراسات التي تمت بمنطقة الضبعة كانت من خلال اختيار مجموعة استشارية سويسرية استمرت لمدة خمس سنوات صدر عقبها قرار جمهوري بتخصيص الضبعة لإنشاء أربع محطات نووية؛ القيمة الإنتاحية لكل منها واحد ألف ميجا؛ مما يعني أنه في حالة عدم الاستقرار والإعلان عن المشروع النووي بالضبعة أنه سنهدر طاقة وأموال سنوات عديدة بما يمثل إهدارًا للمال العام، فضلاً عن أنه سنحتاج لأموال ونفقات جديدة للبحث وإجراء دراسات في منطقة أخرى بجانب أنه ستمر العديد من السنوات حتى تخلص تلك الأبحاث بنتيجة، ولن تقل عن عشر سنوات كحد أقصى للبحث.
وهناك أضرار أخرى مستقبلية لا ينظر إليها الآن، وهي حرمان الأجيال القادمة من الشباب المصري من الحلم النووي وتوافر مصادر كافية من الطاقة التي بدأت في النضوب.
تأكيدات "بارسونز"
![]() |
* ما بين تصريحات المسئولين بوزارة الكهرباء عن عدم وصول تقرير "بارسونز" الأسترالي لإعلان الضبعة أفضل مكان لإنشاء أول محطة نووية؛ نسمع على النقيض وصول تقرير الجهة المسئولة بالبحث، فما تفسيركم لهذا الغموض الذي يغلف ظهور التقرير للنور؟
** ما تأكدنا منه وعرفناه هو وصول تقرير "بارسونز" الأسترالي لوزارة الكهرباء المصرية، وقد وصل لعددٍ من زملائنا العديد من التسريبات المعلوماتية المتواجدة في التقرير تبيَّن من خلالها أن الباحثين الأستراليين أثبتوا أن موقع الضبعة يعدّ أفضل مكان لإنشاء أول محطة نووية مصرية، مؤكدين بذلك جميع الدراسات السابقة التي أجريناها منذ عقود طويلة.
* إذن، ما تفسيركم لسياسة الكتمان التي تتبعها الوزارة فيما يتعلق بعدم الإعلان على التقرير بالرغم من وصوله منذ يوم 23 ديسمبر من العام الماضي؟
** أرى أن السبب هو تشتت المسئوليات في مصر، ووجود ضبابية في اتخاذ أي قرار، فضلاً عن أنه لكي نستقر على محطة الضبعة لا بد من استصدار قرار جمهوري يعلن ذلك، بالرغم من أنها خصصت مسبقًا بقرار جمهوري كأول محطة نووية مصرية.
* هل المنطقة مناسبة الآن، بالرغم من مرور العديد من السنوات على الدراسات التي تمت على المنطقة؟
** بالفعل، المنطقة جيدة وجاهزة، وتستطيع أن تصنع وتنتج وتولد طاقة في أي وقت بمجرد البدء في تنفيذ المشروع، قضية التبرير بأن البيئة أو المناخ تغيَّر، كلام غير معقول، ولا يمكن قبوله، فهو يخرج من أناس طامعين وغير متخصصين.
كلام غير علمي
* هناك حجة يتشدق بها البعض بأن هناك تغيرات مناخية حدثت للمنطقة ومن شأنها أن تؤدي لحالة من عدم الاستقرار لاختيار موقع الضبعة لأنه قد يؤدي لحدوث تسربات في الغاز؟
** لا يمكنني أن أصف ما يُقال سوى بأنه تغرير، فأصبح هناك مجموعة من الأشخاص باتوا يتخذون من التغيرات المناخية شماعةً لما نقوم به من أخطاء "السيول نقول عليها التغيرات المناخية، غرق الدلتا تغيرات مناخية"، وهذا بالفعل ما أعلنه وقاله رئيس جمهورية التشيك منذ أيام حينما كان في زيارة بالقاهرة، موضحًا أن ما يثار بشأن التغيرات المناخية، ما هو إلا محاولة لإعاقة الدول التي تسعى للتقدم وتبذل له جهودًا حثيثة؛ فليس هناك علاقة بين إنشاء المحطة النووية، وبين التغير المناخي؛ فجميع المواصفات والاشتراطات متوافرة بشكل آمن بمنطقة الضبعة.
المحطة تحتاج لأرض صلبة، لا تتعرض للزلازل، وعلى ماء للتبريد، علاوةً على أن المفاعل النووي لا يخرج منه مداخن أو تسريبات غازية؛ فما يقال بشأن انبعاث إشعاعات من داخله بمثابة تخريف.
* بم تردون على من يقول إن هناك مخاطر من إقامة محطات نووية في مصر، بالرغم من قيام فرنسا بإنتاج ٧٧% من طاقتها عن طريق المفاعلات النووية بطريقة آمنة منذ عشرات السنين؟
** نقول إن هذا يعد تأخرًا وجهلاً كبيرين، فلننظر للدول من حولنا كيف تقدمت، وما تمتلك من طاقة نووية، بجانب أنه ضمن الدراسات التي أجريت على موقع الضبعة تم التأكد من توافر عنصري الأمان والسلامة لإنشاء المفاعل؛ في بلاد في أوروبا وبالأخص فرنسا تنشأ تلك المفاعلات على الأنهار، ولا توجد مشكلة، حينما تخرج المياه الدافئة تأتي إليها الأسماك ولا يحدث لها شيء؛ بعكس الحال هنا، فإذا ما أعلنا عن إقامة مفاعلات نووية بالقرب من الأنهار سوف تقوم الدنيا، ولن تقعد، وذلك لغياب الفكر العلمي الحديث بين الكثير، لأن المياه لا تدخل داخل المفاعل، كل ما تقوم به الماء هو عملية الامتصاص لحرارة المفاعل فقط؛ لذا فهو لا يتسرب منه أي غاز أو طاقة للبحر.
حجة واهية
![]() |
مفاعل تشرنوبل |
* كيف تقرءون موقف الحكومة المصرية فيما يتعلق بإيقاف المشروع النووي في عام 1986م عقب كارثة المفاعل النووي تشرنوبل وأصبح من حينها طي النسيان؟
** موقف غريب، وليس له أي أسس علمية؛ لأن إذا ما نظرنا لتجربة المفاعل النووي "تشرنوبل" فسنجد أنه كان تقنية قديمة بكل المقاييس أو كما يطلق عليه الجيل الأول بجانب أنه تم بناؤه بشكل متعجل، فكان بدون درع واقية، بينما نحن الآن في الجيل الرابع لتقنيات المفاعلات النووية، وحينها لم تكن عوامل الأمان متوافرة مثلما هو واقع الآن؛ من دراسات كاملة للمفاعل، ولصلابة الأرض وميكانيكيتها.
* وماذا عن الكثافة السكانية بمنطقة الضبعة؟ وهل سيعود عليها بفائدة من المشروع؟
** ليس هناك شك في هذا الأمر، الكثافة السكانية ستستفيد من تلك المحطة بشكلٍ كبير؛ هناك المستثمرون ورجال الأعمال مستفيدون بأكبر قدر من الكهرباء فحينما ندخل مارينا مساءً نراها من بعيد وكأنها "لاس فاجيس" من الأضواء المحيطة بها؛ في حالة إقامة المحطة سيستفيد الجميع من الطاقة والكهرباء بدلاً من أن يأخذها المستثمرون.
* أعلنت الحكومة منذ أيام أنه قد تم الاتجاه لموقع بالقرب من منطقة الضبعة، وهو منطقة النجيلة؛ فكيف ترون ذلك وهل بالفعل موقع منافس لمنطقة الضبعة؟
** أمره غريب هذا الإعلان؛ كيف لنا أن نعلن عن موقع مناسب في النجيلة ولم تجر عليه أي دراسات بحثية علاوةً على أنه إذا أردنا تقييم أي موقع جديد سنحتاج لمدة لا تقل عن 4 سنوات يليها مرحلة البحث عن شركة لتقيم رؤيتنا ودراستنا، أو أن نستدعي خبرات من الخارج لدراسة وتقييم الموقع، فضلاً عن أنهم لن يعملوا بمفردهم بل سيكون معهم خبراء وباحثون مصريون، للأسف يعملون كالمقاول من الباطن الذي يأخذ الفتات، ولكن الحكومة تريد التقرير الأجنبي لأنه قادم من الخارج مكتوبًا من الشمال لليمين.
التأخير أو التراجع عن هذا المشروع لن يكون في صالح أحد وبالأخص النظام؛ وسيذكر في التاريخ أنه كان هناك برنامج، وتم القضاء عليه في عهد مسئولين بأعينهم، لا بد أن نفكر من منطلق وطني بحت.
نفاد الطاقة
* في ظل كثرة الأحاديث والمناقشات حول أمر الضبعة كان هناك السؤال، هل نحن بحاجه لتلك الطاقة الآن؟ وهل يمكن الاستغناء عنها؟
** مَن يقول ويفكر في إهمال أمر الضبعة لا يفكر سوى في نفسه، بمعنى أنه لا يفكر في الأجيال القادمة ليترك لها نصيبًا من ثروات مصر؛ وكأنهم لا يقدرون أهمية الطاقة التي أوشكت على النفاد؛ ولذا يطلق عليها "طاقة غير متجددة"، والدليل على ذلك نضوب البترول واتجاهنا لشرائه من الشركاء الأجانب؛ ونحن الآن أمام أمرين ما يتم اكتشافه وما يتم إنتاجه وهنا لا بد أن نأخذ في الاعتبار أن المكتشف من الضروري أن يكون من الذي تم إنتاجه ليكفي احتياجاتنا، وبعد نضوب البترول يرى مجموعةً من المتفائلين أننا لدينا احتياطي من الغاز لخمسين عامًا قادمة، ولكني لا أتوقع ذلك في ظلِّ اتفاقيات الغاز بخسة الثمن التي تم عقدها مع الكيان.
مآرب سياسية
![]() |
* وما رأيكم في عقودنا مع الشركات الأجنبية ولصالح مَن تكون؟
** نحن لا يتوافر لدينا أي نظرة مستقبلية في عقودنا مع الشركاء الأجانب؛ لا يصلح بأي شكلٍ من الأشكال أن أبيع الغاز أو البترول للشريك الأجنبي بأقل من ثمنه لمجرد أن أبدى حسن النوايا لمآرب سياسية وأهداف أخرى؛ بالتالي نحن أمام ضرورة ملحة لإيجاد بديل لإمدادنا بالطاقة.
* ماذا لو تم التراجع عن أمر الضبعة كأول محطة نووية مصرية؟
** قرار التراجع أو حتى التأجيل عن موقع الضبعة، وفيما يتعلق بإنشاء أول محطة النووية لو تم سيكون طامة كبرى، ولن يصب هذا القرار في مصلحة أي فرد داخل مصر، ولا النظام ذاته؛ لأن الحياة تمر بنا والحياة إلى زوال؛ فإذا لم يرَ المشروع النور الآن فسيكتبها التاريخ ولن ينساها حينما يسجل أن قرار إنشاء أول محطة نووية تم القضاء عليه على يد مجموعة كذا وكذا من المسئولين المصريين؛ مع العلم أن المنطقة جاهزة للعمل منذ عام 1986م.
* نردد أن هناك جواسيس صهاينة وأوربيين دخلوا لأرض الضبعة، هل هذا يعني أن هناك مؤامرة صهيونية- أوروبية وراء تأجيل قرار الضبعة؟
** أمر غير مستبعد، فنحن لا نعلم أسرار المطبخ السياسي، ولا الأسرار الكاملة لاتفاقية كامب ديفيد؛ ولكن من المؤكد أن الكيان الصهيوني لن يكون سعيدًا بوصولنا لتلك المرحلة من الإنجاز في الطاقة، ومن المتوقع أن يمارس ضغطًا سياسيًّا وعلميًّا إذا ما بدأنا في تنفيذ هذا المشروع.
* وما السبب وراء ندرة وجود مناطق لإنشاء محطات نووية؟
** اختيار المناطق المناسبة لإقامة المفاعلات النووية أمر ليس بالسهل، فالساحل الشمالي غرب الإسكندرية يعد من أفضل الأماكن لإقامة محطات نووية من حيث متانة الأرض وصلابتها وقوة تحملها؛ أما في شرق الإسكندرية فتتسم الأرض بكونها أرض رخوة بمعنى أنها ليس لها أساس قوي وصلب، فإذا ما وضع عليها حمل كبير لا تتحمله علاوةً على أن ما أسفلها منها يمثل رمالاً فمن الممكن أن تسحبها الأمواج وحتى شرق بورسعيد "الملاحات" لا تصلح.
أما ساحل البحر الأحمر وجنوب الخليج فيطلق عليه منطقة "تكتونية أو زلزالية"، فالجزيرة العربية تبتعد والبحر يتسع وكلما تتحرك الجزيرة تتسبب في حدوث حركة واهتزاز لجميع الجبال من فوقها، والمعدل الطبيعي لحركة الجزيرة في اتساعها هو "سم ونصف" كل عام، ولكنه من الممكن أن تظل كامنةً عامين بلا حركة وتصدر فجأة حركة متسعة تصل إلى 4 سم تتسبب بها في وقوع زلزال قوي. وبالتالي أصبح ساحل البحر الأحمر مجازفة مزدوجة.
* وما الازدواج؟
** كل ساحل البحر الأحمر فيه مجازفة مزدوجة لأنه بجانب ما أوضحناه مسبقًا بشأن طبيعته؛ فإن أن كل شبر فيه من السويس إلى حلايب تم بيعه لمستثمر وأي مستثمر يمتلك تلك الأراضي إذا أردنا أن نخرجه من الأرض لن يوافق، ومن الممكن أن يتوجه برفع قضايا دولية ضدنا أمثال سياج الذي غرمنا، وطالب بأموال كثيرة كتعويض.
* المستثمرون طالبوا بالرجوع أكثر من 20 كيلو مترًا لإنشاء مشروع المحطة النووية مستندين لفوائد الاستثمار السياحي، فهل يمكننا المقارنة بين العوائد الاقتصادية للمحطة النووية من جهة والمشاريع الاستثمارية من جهة أخرى؟
** بدايةً، لا يمكن الرجوع 20 كيلو مترًا جنوب منطقة الضبعة لأن هذا التحرك ليس في صالح المشروع، وسيكلفنا مصاريف كبيرة لنقل الماء من أجل تبريد المفاعل؛ وفيما يتعلق بفوائد، وعوائد إنشاء المحطة النووية مقارنةً بالاستثمار السياحي فهي مقارنة غير عادلة؛ لأنها مقارنة بين الثمن والقيمة، أن تمتلك مصر محطة نووية يفتخر بها كل مصري أفضل بكثير من مجموعة منتجعات وقرى سياحية تذهب أموالها لحفنة من رجال الأعمال ولا يستفيد منها المواطن، لذا لا بد ألا نخضع كل قرار لمنطق المال والثمن لأنه في قضية مثل هذه تمثل أمرًا غير مقبول.
شائعات
![]() |
المواقع النووية الإيرانية تثير فزع الكيان الصهيوني |
* هل الضبعة مهددة بالغرق بقدوم عام 2020م كما تردد مؤخرًا؟
** أمر ليس له أي علاقة بالعلم، وليس له أي أساس من الصحة، ويعتبر جزءًا من الشائعات التي يطلقها المستثمرون ورجال الأعمال للتشويش على أمر الضبعة.
* حديثنا عن المشروع النووي يدفعنا للإشارة لسؤال: وهو هل يملك الكيان الصهيوني سلاحًا نوويًّا بهذه الضخامة والقوة "200 قنبلة ذرية" يضعنا في موقف "المسير وليس المخير للعمل النووي"؟
** هو يدفعنا للفكر والابتكار ولكن ليس الخوف فلن يستخدم الكيان الصهيوني سلاحًا نوويًّا بأي شكل من الأشكال، ولن تكون هناك حرب نووية للعالم بأكمله في أي وقت قادم؛ حتى إيران لن يقوم الكيان بضربها بقنيلة ذرية، فالكيان الآن يحاول السيطرة فقط؛ ولا يعني امتلاك القوة أن يتم استخدامها، وهذا ما قاله الله في كتابه العزيز ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾(الأنفال: من الآية 60)، فهو سلاح للإرهاب النفسي تستخدمه الدول الكبرى.
* وهل ينطبق هذا التفسير على إيران أيضًا؟
** لا، فالإيرانيون يختلفون عن الصهاينة في استخدامهم للسلاح النووي ومنذ أيام أعلن نائب الرئيس الأمريكي أن باكستان باتت أشد خطرًا بل الأولى على العالم بأسره لامتلاكها القنبلة الذرية؛ لما يشير ويؤكد أن امتلاك للمسلمين لأي قوة يرعبهم؛ مما يشير أنه ليس من المستبعد أن تتورط باكستان في معارك وحروب خلال الفترة القادمة.
الانتخابات
* متى تتوقعون الإعلان عن موقع أول محطة نووية؟
** في رأيي الخاص أتوقع أنه من الممكن بعد تلك التصريحات المتضاربة أن يتم الإعلان عن الضبعة كأول محطة نووية قبيل انتخابات الحزب من أجل كسب رضاء مجموعة عريضة من الناقمين عليه.
* إذا ما أعلن عن اختيار الضبعة كأول محطة نووية؛ كيف سيكون الوضع؟ وما الخطوات التي سيتم اتخاذها عقب هذا الإعلان؟
** بمجرد إعلان الضبعة كأول محطة نووية سيتم تحديد جميع النقاط المهمة في تقرير لجنة البحث الأسترالية توضع فيها كافة المواصفات، ومن الممكن أن نعدل في مواصفات المفاعل، فكل يوم هناك الجديد فيما يتعلق بتطوير المفاعلات، ويمكن إضافة جديد يتماشى مع التقنيات الحديثة ونزود من قدرة المساعد، ولن تأخذ أكثر من سنة ثم تطرح كمناقصة على شركة.
وأظهرت الدراسات أن الضبعة تسعى ليقام فيها خمسة مفاعلات متجاورة، ومن الممكن أن تسع لتصل إلى ثمانية مفاعلات على أن يتم بناؤها بشكل تدريجي كل عامين.
* هل لدينا كوادر مستعدة وجاهزة للعمل فور الإعلان؟
** بالفعل لدينا وفرة؛ لدينا شباب كثيرون وخبرة من العلماء المتخصصين في هذا المجال يتدربون منذ عشرات السنين بلا تنفيذ.
0 التعليقات:
إرسال تعليق