
أكَّد فضيلة الأستاذ الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين أنه مهما مضت الأيام وتعاقبت السنون التي تحمل في طيَّاتها من الأحداث والمحن التي ظنَّها أعداء الله أنها ماحقة حالقة إلا وزادت الإخوان ثباتًا على مبادئهم، وإيمانًا بدعوتهم، واستمرارًا في بذلهم وعطائهم من أجل دينهم وفكرتهم ووطنهم، غير ناظرين إلى دنيا يصيبونها أو مغانم يرزقونها، مترسمين خُطى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال فضيلته في رسالته الأسبوعية التي حملت اسم "الإمام البنا وقضايا الأمة": "وأشد ما يُفرح العاملون الصادقون المتمسكون أن ترتفع هذه الراية لتظلهم، وتؤمِّن مسيرتهم ضد مَن يتربصون بالإسلام والمسلمين, فيحاولون إجهاض كل عملٍ إسلامي بنَّاء, وحتى يطمئن الجميع سيما مَن في قلوبهم وجلٌ من دعوة الإخوان المسلمين".
واقتبس المرشد العام بعضًا من فِكْرِ الإمام البنا ومواقفه من قضايا الأمة, وقال: "انشغل البنا بقضايا العالم الإسلامي والأمة الإسلامية في الداخل والخارج، وبخاصة القضية الفلسطينية التي حظيت من الإمام الشهيد باهتمامٍ بالغٍ؛ حتى لا تُذكر فلسطين إلا ويُذكر معها الإخوان المسلمون".
وعنها أضاف د. بديع: "لقد جعل البنا من القضية الفلسطينية قضية العروبة والإسلام في القرن العشرين؛ فقد شارك الإخوان في الجهاد في فلسطين منذ الثلاثينيات، ففي عام 1935م اتصل البنا بالمجاهد "عز الدين القسَّام"، وفي عام 1936م وجَّه نداءً حارًّا عامًّا للإخوان المسلمين للتبرع وجمع المال لدعم المجاهدين أثناء الانتفاضة الكبرى في فلسطين, كما تمَّ عقد مؤتمر عربي حاشد من أجل فلسطين بالمركز العام للإخوان المسلمين بمصر عام 1938م، شارك فيه زعماء العالم العربي، وفي عام 1947م واستجابةً لنداء الإخوان تشكَّلت هيئة من مختلف القوى السياسية في مصر هي "هيئة وادي النيل لإنقاذ القدس".
وعن الوطنية قال فضيلة المرشد العام: "يرى الإمام البنا أن الوطنية بمعنى حب البلد والحنين إليه، والعمل لتحريره وتقويته، وتقوية الرابطة بين أفراده بما يعود بالخير عليهم، فكرة صائبة يُقرها الإسلام، ومن ثمَّ فنحن نؤمن بها ونعمل لها، كما يذكر الإمام البنا أن الإخوان المسلمين أشدُّ الناس إخلاصًا لأوطانهم وتفانيًا في خدمتها، وأن أساس الوطنية عندهم هي العقيدة التي هي فوق كل اعتبار".
وحول رؤية الإخوان أضاف فضيلة المرشد: "يوضح الإمام البنا أن العروبةَ لها في دعوة الإخوان مكانٌ بارزٌ، فالعرب هم أمة الإسلام الأولى، والإسلام نشأ عربيًّا، ووصل إلى الأمم عن طريق العرب، وجاء كتابه الكريم بلسانٍ عربي مبين، وتوحَّدت الأمم باسمه على هذا اللسان، فالعرب هم عصبة الإسلام، وحذَّّر الإمام من سلخ مصر عن العروبة، مبينًا أن التمسك بالعروبة والقومية العربية يجعل مصر أمةً تمتد جذورها من الخليج الفارسي إلى المحيط الأطلسي".
ونقل د. بديع عن الإمام البنا في (رسالة المرأة المسلمة): "والإسلام جعل المرأة شريكة الرجل في الحقوق والواجبات، إذْ هي كفء الرجل في إنسانيته ومساوية له في القدر، وأنه اعترافٌ لها بحقوقها الشخصية كاملةً وبحقوقها المدنية كاملةً، وبحقوقها السياسية كاملةً أيضًا، وعاملها على أنها إنسان كامل الإنسانية له حق وعليه واجب".
وعن الأقباط قال الإمام الشهيد في رسالة (نحو النور): "إن الإسلام يحمي الأقليات عن طريق أنه قدَّس الوحدة الإنسانية العامة بأن فرض على المؤمنين به الإيمان بكل الرسالات السابقة، ثم قدَّس الوحدة الدينية الخاصة في غير تعدٍّ ولا كبر، ويقول: إن هذا هو (مزاج الإسلام المعتدل) لا يكون سببًا في تمزيق وحدة متصلة، بل يكسب هذه الوحدة صفةَ القداسة الدينية، بعد أن كانت تستمد قوتها من نصٍّ مدني فقط".
واستطرد: "دعا الإمام البنا إلى الاستقلال الاقتصادي عن السيطرة الأجنبية، والنهوض بالاقتصاد الوطني، ونادى بكثيرٍ من المطالب التي تُحقق ذلك مثل تشجيع الصناعات اليدوية، والتحول إلى الصناعة بجانب الزراعة، وإرشاد الشعوب الإسلامية إلى التقليل من الكماليات، والعناية بالمشروعات الوطنية".
وعن النظم الدستورية قال الإمام البنا: "المبادئ والمقاصد التي جاء بها الإسلام في سياسة الأمة والدولة يمكن أن تحققها "النظم المدنية" "والتجارب الإنسانية" التي هي إبداع إنساني، والمعيار في القبول والرفض هو مدى تحقيق هذه النظم لمقاصد الإسلام في إشراك الأمة في سلطة صنع القرارات، وفي تحقيق العدل بين الناس".
واختتم د. بديع رسالته قائلاً: "هذا هو الإمام الشهيد حسن البنا الذي عاش قضايا أمته بروحه ووجدانه وفكره وعقله، ولا يزال الإخوان المسلمون سائرين على دربه، متمسكين بتلك المبادئ والثوابت القائمة على الكتاب والسنة، وكذلك كانت مواقفه الواضحة من قضايا أمته التي عاش لها، واستُشهد من أجلها، ولقد عرَّف الإمام البنا نفسه في كلماتٍ جامعة عندما سُئِلَ مَن أنت فكان جوابه: أنا سائح يطلب الحقيقة، وإنسان يبحث عن مدلول الإنسانية بين الناس، ومواطن يُنشد لوطنه الكرامة والحرية والاستقرار والحياة الطيبة في ظلِّ الإسلام الحنيف، ومتجرد أدرك سر وجوده".


0 التعليقات:
إرسال تعليق