أثار الأستاذ فهمي هويدى في ختام مقاله ( ماذا يديرون للثورة في الخفاء ) عدد من الأسئلة المنطقية حول طبيعة الأصداء التي أحدثتها ثورة 25 يناير داخل إسرائيل، وحول مصير التجهيزات والركائز التي أعدتها بالتعاون مع الولايات المتحدة داخل مصر لمواجهة احتمالات تغيير "دراماتيكي" ، خصوصا حين وقع من حيث لا يحتسبون، وحين جاء بمن لا يتمنون ، وهو في ذلك يسلط الضوء على الدور الذي تلعبه إسرائيل والولايات المتحدة في بلادنا باعتراف وزير الأمن الداخلي الاسرائيلى من خلال المحاضرة التي ألقاها الأخير أمام الدارسين في معهد أبحاث الأمن القومي بتل أبيب في سبتمبر من عام 2008 والتي طرح فيها رؤية إسرائيل والولايات المتحدة لسيناريوهات واحتمالات تغيير دراماتيكي في مصر وكيفية مراقبتها ورصدها ثم أسلوب التعامل معها والتصدي لها .
ومما لا شك فيه أن الدور الذي تلعبه إسرائيل والولايات المتحدة كان له الدور الأكبر في تدعيم سيطرة الأنظمة الحاكمة في كافة البلدان العربية – وليس في مصر فقط – وإبقائها تحت السيطرة ، هذا الدور لم يكن في كل الأحوال عن طريق تدخلها بصورة مباشرة بل كان في ألأغلب يتم بصورة غير مباشرة عن طريق وكلاء لهم من بني جلدتنا يعيشون بين ظهرانينا وهم بمثابة ( طابور خامس ) يمثلون المجموعة التي ارتبطت مصالحهم الشخصية والمباشرة بمصالح إسرائيل والغرب في الإبقاء على الشعب المصري تحت السيطرة طوال الوقت .
و لم يعد تشكيل ذلك الطابور خفيا على احد بعد أن فضحهم الوزير الاسرائيلى ويكاد يكون بالأسماء بداية بالمجموعة التي كانت تحيط بالرئيس المخلوع وأسرته وشلة المنتفعين من رجال الأعمال ، ومرورا بوزارة الداخلية ومباحث امن الدولة تحديدا وأخيرا وليس أخرا جهاز المخابرات العامة و.....البقية تأتى .
ولم ينكشف أمر هذا اللوبي أو الطابور بمجرد إعلان الوزير المذكور عنهم بل زادت الصورة وضوحا بعد أن قام كل من أركان هذا اللوبي بأداء الدور المرسوم له تحديدا وبمنتهى التفاني والذاتية والإخلاص ، ولا يزالون حتى الآن يمارسون هذا الدور وكأن الشعب لم ينتفض أو يثور.
، فنجده قبل الانتفاضة الشعبية وفى بدايتها لم ينقطع دوره وتمثل في وزارة الداخلية بكل أفرعها في محاولة التصدي و إجهاض حركة الشعب والتأكيد على أن الشارع خطا احمر لا يجب تجاوزه ، ونجده أثناء الانتفاضة الشعبية متمثلا في نواب الحزب الوطني بالتعاون مع بعض رجال الأعمال وقيادات مباحث امن الدولة يعملون يوميا بداية من موقعة (البغال ) والتي نفذها ومولها وأدارها نواب الحزب الوطني في مناطق مثل العمرانية والهرم وشبرا الخيمة والذين نقلوا بلطجيتهم بعد تسليحهم من تلك المناطق إلى ميدان التحرير ليقوموا بتفريق المتظاهرين بالميدان أو قتلهم إذا لزم الأمر .
، ثم بعد ذلك دورهم في إثارة الرأي العام في كل قطاعات ومحافظات الدولة وإثارة العمال والموظفين بل وحتى عناصر الشرطة للمطالبة بمطالب فئوية مشروعه ولكن ليس فى وقتها المناسب حتى يتم تشتيت الانتباه عن تحقيق المطالب التي قامت من اجلها الثورة والتي تحظى بالإجماع الوطني ، بل والعمل على تصدير القلاقل إلى داخل صفوف المعارضة الحقيقية .
تلك المؤامرات التي يدبرها الطابور الخامس يجب أن لا تنطلي على احد بعد كل تلك السنوات الطويلة التي لعب فيها أركان هذا الطابور في افتعال الفتن داخل البلاد و خارجها فقط بهدف تثبيت أركان النظام السابق وليظهر دائما بأنة صمام الأمان ومحور الاستقرار للجميع ، من خلال افتعال أحداث ظهر الدليل من الوثائق التي سربت من مباحث امن الدولة بمحافظة البحيرة والتي تحتاج إلى وقفات لتحليلها تعرية لنظام مبارك .
وذلك الطابور نفسه هو الذي نفذ عمليات اغتال الشهداء بقناصته – أيا كان الزى الذين يرتدونه – من على أسطح العمارات ومن فوق وزارة الداخلية ، وأركان هذا الطابور هم الذين قادوا السيارات الدبلوماسية ومن قبلها سيارات الشرطة المصفحة واستعملوها كأدوات لقتل للمتظاهرين المسالمين مما يقتضى محاكمتهم عن تهم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وبلا أى رحمة أو تخفيف للعقاب مما يعنى إعدامهم وفى ميدان التحرير ذاته ليكونوا عبره لمن خلفهم ، وذلك الطابور نفسه هو الذي يحاول اصطناع الفتنة فى داخل صفوف الإخوان المسلمين في محاولة يائسة للعرقلة ولإشغال الشباب عن قضيتهم الرئيسية واختراق الاصطفاف الوطني الذي يركز على تحقيق المطالب الوطنية المجمع عليها والتي قامت من اجلها الثورة .
الطريق الصحيح للبناء
جميعنا يعلم أن الأرض حتى تصح ويمكن زراعتها بنبتة جديدة يراد لها أن تنمو قوية صحيحة سليمة خالية من ألأمراض ، فيجب أن يتم حرث الأرض وتقليب التربة حتى يخرج ما في باطن الأرض إلى النور فتتطهر الأرض وتتعقم من كل خبيث وعفن وتظهر جذور النباتات القديمة أو الميتة التي كانت تمتص خيرات الأرض وتمنع النبتة الوليدة من النمو فينتزع الفلاح الخبير تلك الجذور والحشائش القديمة من أرضه، وعندها فقط يمكن زراعة الأرض من جديد .
وهو الأمر نفسه الذي تحتاج إلية بلادنا في المرحلة الراهنة فيجب أن يتم نزع كل رموز وعناصر ذلك الطابور القديم من بنية الدولة والمجتمع بكافة مكوناته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحزبية والنيابية والثقافية حتى يتم فضح وتعرية الفساد وفضح كل ملفات الفساد وأيا كان منفذها أو المتستر عليها ومحاكمتهم عليها .
عندها فقط نستطيع القول أن الطابور الخامس الذي خرب مفاصل بلادنا قد انتهى وولى زمانه ، عند ذلك وعند ذلك فقط يمكن أن يبدأ عصر جديد تثمر فيه البلاد خير وبركة وقيادة وريادة ليس فقط لمصر ولأبنائها بل للعالم اجمع ولتستعيد دورها الحضاري والريادي والذي طال انتظاره وهى ذاتها مطالب ثورة الشعب .
البدوي عبد العظيم البدوي
مستشار قانوني
0 التعليقات:
إرسال تعليق