الاثنين، 3 يناير 2011

كن أنت يوسف الصديق



  إن دعاوى الإصلاح أيا كان المخاطب بها سواء كان فردا أو هيئة أو حكومة تستلزم تعدد وتنوع في أساليب الحوار وطرق الإصلاح ذاتها ، فالمصلح أو داعية الإصلاح تؤرقه فكرته ولا يجد لنفسه راحة بعد أن إقتاتت تلك الفكرة من روحة إلا إن استطاع أن يعبر عن فكرته ويخرجها واضحة صافية ويوصلها مكتملة الأركان إلى من يخاطبه بها ويظل من وراءها عاملا مجاهدا في محاولات دؤوبة مستمرة حتى يتبناها من يدعوه إليها .
ومن أمثلة المصلحين الذين خلد القرآن ذكرهم سيدنا يوسف علية وعلى نبينا الصلاة والسلام والذي حين أتاه رفيق سجنه طالبا تفسيرا لرؤيا الملك
(يوسف أية الصديق افتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلت خضر وأخر يابست لعلى أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون ) الآية 46
فلم يكتفي هذا النبي المصلح بتفسير رؤيا الملك بل قرنها - بما لا يمكن فصله – وفى ذات الآية بتقديم النصح واضعا الخطة للطريقة التي تستطيع بها البلاد أن تخرج من هذه الأزمة التي يمكنها أن تأكل الأخضر واليابس فقال :
(تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون  (47) ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون (48) ثم يأتي من بعد ذلك عام يغاث فيه يغاث الناس وفيه يعصرون (49) )
ومن المعاني التي يجب أن يتمسك بها المصلح بقاء صفحته نقية ناصعة بمبرأ عن كل دنس مترفعا عن الطلب من الناس لنفسه مصرا على أن لا يخرج من سجنه إلا بريأ طاهرا مما لحق به من جرم ، فلما علم الملك بوجود هذا الرجل العليم الأمين في سجنه أمر أن يؤتونه به ليستخلصه لنفسه فأبا يوسف أن يخرج من سجنه إلا برئ من كل جرم وهو ما يسره الله له .
لم يكن الهدف مما ذكر فقط أن نستخرج بعضا من العبر والعظات من قصة قرآنية ملؤها العبر والدروس ولكن الهدف كان أولا إبراز بعضا من الصفات التي ينبغى على المصلحين أن يتبنوها لتكون في نفوسهم أخلاقا ثابتة يمشون بها بين الناس ، تلك الأخلاق التي يمكن اكتسابها بمرور الوقت وبالتدريب والمثابرة وبالتربية الدؤوبه المستمرة فالحلم بالتحلم والعلم بالتعلم و........وهكذا وهذا دور المربين  .
بل كن أنت مربيه ....
وإذا كانت تلك أخلاق مكتسبة فإن على المربين دور وأي دور في تنمية وإبراز الجوانب المضيئة في شخصية من يربونهم وتنقيتهم من أية شوائب سلوكية قد تقف حجر عثرة أمام استكمالهم لكل معاني الداعية المصلح .
، وإذا كان الناس قديما قالوا إن الإنسان لا يحب أن يكون أحدا أفضل منه إلا ولده ، فالداعية المربى لا تنطبق علية تلك القاعدة إذ أنه ومن علامات إخلاصه لله في عمله التربوي أن يحب بل أن يعمل بكل ما لدية من إمكانات كي يكون من يربيهم من دعاه نمازج مكتملة مشرفة ساعيا أن يكونوا أفضل منه هو نفسه .
وتاريخ الدعوة الحديث ملئ بكثير من المواقف التربوية التي ظهر فيها دور المربى مؤثرا في إخوانه المربون منها ما كتب ودون ومنها ما لم يتم تدوينه بعد ، ورغم كثرة تلك المواقف وحاجتنا الملحة لها خاصة ونحن في سبيلنا لإصلاح المجتمع والحكومة ومن قبله الفرد والأسرة  إلا أن المنقول منها قليل جدا .
قصة ...ورجاء
ومن قبيل نشر الخير أذكر أن احد الدعاة المربين ( أبو أسامه ) كان حريصا كل الحرص على أن يزرع فيمن يربيهم معنى الاستمرار والمثابرة في العمل والإصلاح حتى انه قد عمد إلى احد من يربيهم من إخوانه في إحدى جلسات الشاي يسأله عما إذا  قصر يوما هو نفسه في العمل المكلف به ؟ ففهم أخيه الرسالة ورد عليه أنصحك فرد أبو أسامه فإن لم استجب ؟ قال الأخ اطلب منك أن توصلني بمن كلفك بتلك المهمة ، فرد أبو أسامه فإن لم ينصلح الأمر ؟ ففهم أخيه رسالته قائلا أظل ورآك حتى أعلى جهة ....وحتى ينصلح الحال ويستقيم الأمر ، وهنا تبسم أبو أسامه تبسم الأب حين يطمئن إلى أن ولده قد فهم الدرس ، واستكملا شرب الشاي في محبة وود وقد تعلم أخيه الدرس .
ومن تلك المواقف الكثير والكثيرين مثل موقف الأخ المربى أبو أسامه وكل تلك المواقف أحسب أن حاجة أبناء الدعوة أصبحت ماسه إلى أن تخرج  إلى النور ليظهر الجانب المشرق والمضيء لتلك الدعوة الأصيلة والشجرة اليانعة وحتى لا يظن ظان أن نجمها في طريقه إلى الأفول ، واقترح على إخواني الذين لديهم قصص تربويه من مثل هذا النوع المشرق من المواقف التربوية أن يعمدوا إلى تجميعها وإبرازها  أولا بأول حتى  تطمئن القلوب إلى صحة الطريق ويتعلم المربون الجدد من اقرأنهم ممن كان لهم السبق على الطريق وكان لهم ابلغ الأثر في العمل لتلك الدعوة .
وان رغبتم أن ترسلوا لي مثل تلك القصص التربوية أكن لكم من الشاكرين حتى يعم النفع ويزيد الأجر Badawi5000@hotmail.com    
بقلم : البدوي عبد العظيم البدوي
مستشار قانوني – محكم تجارى دولي -  باحث

0 التعليقات:

الحقوق محفوظة لـ - مدونة المرايا المستوية | الإخوان المسلمون