الأربعاء، 3 نوفمبر 2010

شرطنة الحياة

الشرطة ليست في خدمة الشعب، الشرطة ليست في خدمة القانون، الشرطة في خدمة الفساد والإفساد، الشرطة في خدمة مراكز القوى، الشرطة في خدمة أصحاب المال والنفوذ الشرطة في خدمة تزوير إرادة الأمة هكذا بدا لي الحال هذه الأيام لم تعد الشعارات القديمة للشرطة موضع اهتمام السادة ضباط الشرطة أو أمنائها أو عساكرها لم يعد المتهم برىء حتى تثبت إدانتة وإنما المواطن مدان حتى يثبت هو برائته.
 والحقيقة أن الأنظمة القوية في الممالك القوية إنما تعتبر أن العدل أساس الملك والعدل لا يتأتى إلا بمراقبة السلطات بعضها لبعض فهناك السلطة القضائية التي يلتجأ إليها في طلب العدل بصرف النظر عن كونية المتقاضيين وتبعيتهم إنما العدل وحدة وهناك السلطة التشريعية التي يلتجأ إليها في سن القوانين المنظمة للحياة دون النظر لفائدة فئة معينة على حساب أخرى وهناك السلطة التنفيذية التي يناط بها تطبيق القانون بالعدل فمن المفترض أن الناس سواسية ولو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمدا يدها.
ولكي تضمن الأنظمة عدم تجاوز سلطة من هذه السلطات لمقتضيات سلطاتها هناك الأجهزة الرقابية التي تراقب  وتحكم سلوكيات هذه السلطات ومن الملفت للنظر في هذا الزمان أن تجد تسرطن في سلطة الشرطة حتى أنها ملأت جميع السلطات وشغلتها بعد تفريغها ولم يتأتى ذلك إلا بتخطيط دقيق وخبيث ممن يريدون لهذا البلد الوقوع في الصوملة ( الصومال) والعرقنة (العراق) لينفرط عقد الدولة وتضيع هيبتها بضياع هيبة القضاء والتشريعات والأجهزة الرقابية والسيطرة على الحياة بجبروت السلطة المال وقوة السلاح.
والناظر للحياة في مصر في هذه العقود الغبراء يجد أنة لابد أن تدفع لتلتحق بالشرطة وهنا مكمن الخطر في ضياع العدالة في تطبيق القانون فمن دفع لن يفقد طرقة لإستراد ما دفعة. ثم تدفع لتستقيل من الشرطة ثم تدفع لتلتحق بالنيابة ثم تكون قاضيا بالله علينا جميعا من أين يتأتى العدل في الحكم مع من بدأ حياته بالدفع ونهاها بالدفع.
ومن العجب العجاب أنك تجد في هذه العقود أن المجلس التشريعي يغص بالسادة الشرطيين من كل محافظات الجمهورية ومراكزها حتى أنه في الانتخابات المنتظرة قريبا لم نسلم من ترشيحات سيادة المقدم أو العقيد فلانه الفلانية على مقعد المرأة فأصبحت الشرطة تسيطر على الحياة التشريعية وكذلك على الحياة القضائية إلى جانب الحياة التنفيذية والعجب أنها تسيطر على الأجهزة الرقابية وجزء معتبر من السادة المحافظين والوزراء ورؤساء المدن والمحليات والحقيقة أنهم غير مؤهلين للقيام بهذه الأعباء مما تسبب في فساد جميع السلطات لجفاف منبعهم من التقوى ولوحدة مصدرهم ووحدة هدفهم وسيطرة فكرهم النفعي الخاص على مقتضيات عملهم العام ثم الخواطر والمحاباة وأنهم جميعا ليسوا فوق مستوى الشبهات فمن ليس أمينا على نفسه ودفع ليكون شرطيا لن ينفذ كما ينبغى ومن دفع ليكون قاضيا لن يحكم بالعدل ومن زور إرادة شعبا ليكون ممثلا تشريعيا لن يكون بالأحرى أمينا على هذا الشعب المسكين في سن القوانين ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فنحن الآن نعيش في بلد يحكم شرطيا وتزور فيه إرادة الشعب شرطيا وتسن له القوانين شرطيا ويتقاضى شرطيا وينفذ فيه القانون شرطيا وهكذا شرطنة الحياة أو قل سرطنة الحياة. هي ليست مبالغة ولا خطئا هجائيا فشرطنة الحياة هي في الحق الحقيق سرطان ينمو بصورة مطردة ويتكاثر ويسيطر وينخر في جسد مصر كما السوس والقرضاء ولابد من علاج، يامن تشعرون بالخطر على هذا البلد ليست هذه مصر ولا مكانة مصر ولا تاريخ مصر ولا عظمة شعب مصر، مصر تستحق من شعبها أن ينهض ليصحح المسار، مصر تستحق أن تتبوأ أفضل المواقع, لابد أن يستشعر شعب مصر عبقرية المكان والزمان لهذا البلد المرموق تاريخيا كما استشعرها جمال حمدان، مصر لا تستحق الصفر أبدا.

0 التعليقات:

الحقوق محفوظة لـ - مدونة المرايا المستوية | الإخوان المسلمون