كنت دائماً أندهش من سطحية تفكير معظم الشباب من الجيل الجديد في بلادنا، وضحالة ثقافتهم، وقلة إطلاعهم ... غير أن أكثر ما يشعرني بالحزن ويصيبني بالقلق كان ولا يزال رسوخ اعتقاد خطير لدى شبابنا الصاعد بأنه "مفيش فايدة".. وتكاد تلمح في نبرات أحدهم، وكلماته التي بين السطور، كأنه يقول: "لقد هُزمنا .. وانتهى الأمر .. ونحن نستحق ذلك، فلم نكن يوماً بخير".
كثيراً ما تناقشت مع الشباب حول هذه الفكرة، وحرصت أن أبرز لهم صورة المسلمين الناصعة عبر التاريخ، والتي عمل الغرب جاهداً على طمسها، فأغفل نتاج حضارات المسلمين الرائدة، ونسب الفضل كله لنفسه، وكأن الحضارة قد انتقلت "بقدرة قادر" من أفلاطون وأصحابه إلى أنيشتين وحزبه من علماء أوروبا وأميركا ... !!
وخطورة هذه المغالطة الكبرى ليست في الماضي الذي ولَّى .. وليست في الحاضر الذي نراه بأعيننا .. بل تكمن الخطورة أشد ما تكمن في المستقبل ونظرتنا له .. إن الغرب يريد أن يقول لأجيالنا الصاعدة: "لم تكونوا شيئاً .. وبالتالي فلن تكونوا شيئاً"
وعليَّ أن أعترف - مع الأسف – أن مساعي الغرب المغرضة المتربصة بالحضارة الإسلامية قد نجحت إلى حد كبير، وأن محاولاتي المتواضعة لمجابهة هذا الكيد والخبث ليست – حتى الآن – قادرة على مواجهة تلك المغالطة التاريخية الكبرى ... بيد أني لم أيأس يوما، ولن أرفع الراية البيضاء حتى لو رفعها الجميع.
أثناء عرضي لرسالتي عن "حساسية الصدر عند الأطفال" سواء لنيل شهادة الماجستير أو بعدها لنيل الدكتوراه، أفردت فصلاً كاملاً في بحثي وفقرة كاملة في العرض عن "وصف علماء المسلمين لحساسية الصدر" ... وكم كانت دهشتي كبيرة حين رأيت علامات التعجب على وجوه أساتذتي من جامعات القاهرة وعين شمس والأزهر والزقازيق حين رأوا كيف وصف العالم المسلم الكبير "ابن سينا" حساسية الصدر وصفاً مطابقاً لما نعرفه الآن .... !!
تُرى .. إذا كانت هذه هي فكرة الأساتذة الكبار المتخصصين في عالمنا العربي والإسلامي عن علماء المسلمين الأوائل، فكيف ستكون فكرة الآخرين الأقل ثقافة وتخصصاً عنهم؟! .. بل كيف ستكون فكرة الغرب – علمائه وعوامه – عن الحضارة الإسلامية ونتاجها؟!
جلست في مدرج فخم في كلية الطب بجامعة الكويت أستمع لمحاضر إيطالي كبير يشرح بالتفصيل تاريخ " حساسية الجلد " وطرق التعامل معها في القديم والحديث .. وبدأ يتحدث مستعرضا منذ فجر التاريخ وحتى الحضارة اليونانية والرومانية القديمة .. وما أن وصل إلى القرن السابع الميلادي حتى قفز فجأة إلى القرن السابع عشر، مغفلاً عشرة قرون هي عمر الحضارة الإسلامية العريقة !! ...
رغم أن الأمر لم يثر انتباه أحد من المستمعين الذين انصرف تفكيرهم إلى الناحية الطبية من الحديث، إلا أنني أصبت بالإحباط وخيبة الأمل، ليس لوجود هذا النهج من المغالطات التاريخية الكبيرة، ولكن لوقوع ذلك من عالم كبير تعلَّم – كما يُفترض – أن يتحرى النهج العلمي في أبحاثه وأحاديثه ... وقررت أن لا أفوت الفرصة .. فتحدثت إليه.
بدا لي من حديثه أنه يعترف بفضل المسلمين في تطوير الحضارة عبر عشرة قرون، وأنه معجب أشد الإعجاب بالطبيب المسلم المبدع "ابن سينا" .. غير انه لا يملك من المعلومات الشيء الكثير عن تفاصيل جهد المسلمين ونتاج حضارتهم في الطب أو غيره .. وتواعدنا أن نلتقي عبر الانترنت لأزوده بما يحتاجه من هذه المعلومات ... وقد فعلت.
أثناء تصفحي للانترنت وقعت على خبر "لطيف" في موقع (إسلام أون لين) (www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1264250005382&pagename=Zone-Arabic-News/NWALayout#ixzz0eT2SZ21N) مفاده أن معرضاً في لندن قد افتتح أبوابه هذا الشهر ويستمر لعدة شهور، المعرض تحت عنوان طريف هو "1001 اختراع .. اكتشاف التراث الإسلامي في عالمنا" ... وقال كاتب الخبر في تقديمه له:
" يتزايد الإعجاب والاندهاش بعدما اكتشف الغربيون أن معظم ما يستخدمونه في حياتهم اليومية من أبسط الأشياء إلى أعقدها هي من اختراع المسلمين ... من فرشة الأسنان حتى آلة الطيران.. من اكتشاف القهوة إلى صناعة الدواء.. ومن جراحة الرمد إلى جراحات التجميل.. من المدرسة إلى تأسيس أول جامعة، هناك نحو ألف اختراع لا يمكن للبشرية أن تعيش بدونه حاليا، كانت نتاج لأبحاث المسلمين في الفترة ما بين القرن السابع إلى القرن السابع عشر ...
وقد اهتمت معظم وسائل الإعلام الغربية بالمعرض الذي حظي بإعجاب الكثيرين، حيث تقول شبكة "سي.إن.إن" الأمريكية التي جابت المعرض للتعرف على محتوياته إن هذه الاختراعات الإسلامية ( شكلت العالم المتقدم)".
ومنذ أيام ... وقع تحت يدي مقال مترجم، ترجمه أحد نشطاء الانترنت ويدعى (محمد حبيب ,http://www.m7abib.com) .. المقال كاتبه هو (باول فاليللي) .. وهو كاتب غربي غير مسلم .. لكنه منصف ويتحرى الدقة العلمية فيما يكتبه.
بدأ الرجل حديثه فقال: "أعطانا العالم الإسلامي العديد من الابتكارات التي لا غني لنا عن استعمالها في حياتنا اليومية الآن" ... ثم فصًّل بعد ذلك الحديث عن أكثر عشرين ابتكارا تأثيراً على العالم من إنتاج المسلمين، وقام بتجميع بعض نتاج الحضارة الإسلامية، وسبقها في مجالات متعددة، بدايةً من القهوة ... و مروراً بنظام الثلاث وجبات اليومي .. وحتى الشيكات!! ...
أثار المقال شهيتي للكتابة .. وها أنا ذا أنقل لكم بعض فقراته وأعلق عليها.
القهوة والشطرنج .. حكاية "مسار الحضارة"
تحت عنوان "القهوة .. عربية ! " ... يحكي لنا الكاتب قصة القهوة فيقول:
" تقول القصة أنه كان هناك رجل مسلم يدعى (خالد) يعتني ببعض الماعز في منطقة (كافا) بجنوب إثيوبيا, فلاحظ أن الحيوانات التي يرعاها أصبحت أكثر نشاطاً حينما تأكل التوت, فقام بغلي التوت ليصنع أول فنجان من القهوة! ...
وخرجت القهوة لأول مرة خارج إثيوبيا حينما شربها (صوفي) في اليمن كي يظل يقظاً طوال الليل ليصلي في مناسبة خاصة عند المسلمين .... وفي أواخر القرن الخامس عشر وصلت القهوة إلى مكة وتركيا .. والتي منها وصلت إلى فينسيا في عام 1645م ... ثم إلى انجلترا بعد خمس سنوات في 1650 بواسطة تركي يدعى “باسكوا روسي” الذي فتح أول “محل قهوة” في شارع "لومبارد" بمدينة لندن … القهوة العربية صارت بعد ذلك تركية .. ثم إيطالية وإنجليزية!! "
ولقد قرأت في (إسلام أون لين) أنه تم تصنيع البن لأول مرة في اليمن في القرن التاسع الميلادي ... وكان يساعد المتصوفة على البقاء حتى وقت متأخر من الليل يصلون ويتعبدون، ومن ثم تم إحضاره إلى القاهرة ثم سرعان ما انتشر في كل أنحاء الإمبراطورية الإسلامية ... وبحلول القرن الثالث عشر وصلت القهوة إلى تركيا ... لكن حتى القرن السادس عشر لم تكن حباتها تغلى بعد في أوروبا التي لم تعرفها إلا بعد استقدام تاجر إيطالي للقهوة لبيعها في مدينة البندقية.
ثم يعرِّج كاتب المقال على الشطرنج فيقول:
" بداية الشطرنج البدائية كانت في الهند, ولكن هذه اللعبة طورت إلى الطريقة التي نعرفها الآن في بلاد فارس [ إيران المسلمة ] ... ومن هناك انتشرت اللعبة غرباً عبر البلاد الإسلامية إلى المغرب العربي ومنه انتقلت إلى أوروبا حيث قدمها المغاربة إلى أسبانيا في القرن العاشر الميلادي ... كما انتشرت من إيران شرقاً عبر آسيا إلى اليابان .. وتستعمل في الغرب كلمة (rook ) لطابية الشطرنج كما نعرفها .. ويعود اصل هذه الكلمة إلى كلمة ( رُخ ) العربية."
هل رأيتم هذه المسارات ... إنها مسارات الحضارة .. من العرب والمسلمين عبر آسيا إلى الصين واليابان وبلاد المشرق .. وعبر تركيا أو المغرب والأندلس إلى أوروبا ... ثم إلى العالم الجديد في أميركا.
إنه المسار الذي يسقطه الغرب ... عن جهل أو سوء نية ...
الفيزياء الإسلامية ... و "أصول الحضارة"
على الفيزياء وعلومها ينبني الكثير من التقدم العلمي في حضارتنا الحديثة، في الطب والهندسة، في الفلك والكمبيوتر، بل وفي الفنون العسكرية أيضاً ...
وهنا يبرز لنا الكاتب دور واحد من رواد الفيزياء من علماء المسلمين .. الحسن بن الهيثم ...
" اليونانيون القدماء ظنوا أن أعيننا تُخرِج أشعة مثل الليزر وأنها هي التي تجعلنا قادرين على الرؤية, ولكن أول شخص لاحظ أن الضوء يدخل إلى العين ولا يخرج منها كان عالم رياضي وفيزيائي وفلكي مسلم, وهو الحسن بن الهيثم.... حيث اكتشف أن الإبصار يحدث بسبب سقوط الأشعة من الضوء على الجسم المرئي مما يمكن للعين أن تراه .. ولكن العين لا تخرج أشعة من نفسها .. وإلا كيف لا ترى العين في الظلام ؟
واكتشف ابن الهيثم أيضاً ظاهرة انعكاس الضوء، وظاهرة انعطاف الضوء أي انحراف الصورة عن مكانها في حال مرور الأشعة الضوئية في وسط معين إلى وسط غير متجانس معه ... كما اكتشف أن الانعطاف يكون معدوماً إذا مرت الأشعة الضوئية وفقاً لزاوية قائمة من وسط إلى وسط آخر غير متجانس معه.
ووضع ابن الهيثم بحوثاً في ما يتعلق بتكبير العدسات، وبذلك مهّد لاستعمال العدسات المتنوعة في معالجة عيوب العين ... ويعتبر الحسن بن الهيثم أول من انتقل بالفيزياء من المرحلة الفلسفية للمرحلة العملية [ from a philosophical activity to an experimental one ] ."
هل تعلمون أين أجرى ابن الهيثم معظم هذه الأبحاث ؟ ... في السجن !!
نتيجة لجرأته المفرطة وحبه للمعرفة، كان ابن الهيثم أول من أقدم على تشريح عين بشرية للتعرف الدقيق على مكوناتها، وحين انكشف أمره ألقاه الحاكم في السجن ... وهناك درس نظريات الضوء بشكل عملي ... لقد كانت زنزانته مظلمة إلا من فتحات قليلة وصغيرة يدخل منها الضوء نهاراً فيمكنه من الرؤية، فإذا أظلم الليل وانعدم الضوء لم ير شيئاً ... فخرج من السجن ومعه نظريته التي نعلم اليوم أنها حقيقة علمية ... "الرؤية نتيجة لانعكاس الضوء عن الأجسام المعتمة".
هل كان بإمكان الغرب أن يصعد للفضاء أو يعالج عيوب الإبصار، أو يكتشف الكائنات الدقيقة أو يصنع الكمبيوتر، أو يبني ترسانته العسكرية، دون أن نمهد له الطريق ؟!
إنها الحقيقة التي لا يريدون لنا أن نراها .... لقد صنعنا "أصول الحضارة" التي شيد عليها الغرب كل هذا التقدم في العصر الحديث.
ابن فرناس .. رائد الطيران
يحلق بنا كاتب المقال في أفق آخر .. هام وحيوي ..
" قبل آلاف السنوات من تجربة الأخوان رايت في بريطانيا للطيران.. كان هناك شاعر وفلكي وموسيقي ومهندس مسلم يدعى (عباس بن فرناس) .. قام بمحاولات عديدة لإنشاء آلة طيران .. في عام 825 قفر من أعلى مئذنة الجامع الكبير في قرطبة مستخدما عباءة صلبة غير محكمة مدعمة بقوائم خشبية، كان يأمل أن يحلق كالطيور .. لم يفلح في هذا ولكن العباءة قللت من سرعة هبوطه مكونة ما يمكن أن نسميه أول (باراشوت) ... وخرج من هذه التجربة فقط بجروح بسيطة.
ثم في عام 875 وحين كان عمره 70 عاماً .. قام بتطوير ماكينة من الحرير وريش النسور ثم حاول مرة أخرى بالقفز من أعلى جبل ... وصل هذه المرة إلى ارتفاع عال، وظل طائرا لمدة عشر دقائق ... لكنه تحطم في الهبوط! .. كان ذلك بسبب عدم وضع “ذيل” للجهاز الذي ابتكره كي يتمكن من الهبوط بطريقة صحيحة.
لقد عرف العرب له هذا الفضل ... فهذا مطار بغداد الدولي وفوهة أحد البراكين في المغرب تم تسميتهما على اسمه".
حين تستقل طائرة من الآن فصاعداً، لا تتذكر (الأخوان رايت) .. بل تذكر من علَّمهما فن الطيران فلم يعرفا له فضله، ونسبوا الفضل كله لأنفسهم .. (عباس بن فرناس).
وعلمناهم النظافة !!
رغم أنه غير مسلم .. يقرر صاحب المقال حقيقة راسخة فيقول:
"الاغتسال والنظافة متطلبات دينية لدي المسلمين, ربما كان هذا السبب في أنهم طوروا شكل الصابون إلى الشكل الذي مازلنا نستخدمه الآن!
قدماء المصريين كان عندهم أحد أنواع الصابون .. تماما مثل الرومان الذين استخدموها غالبا كـمرهم! ... لكنهم كانوا العرب هم من جمعوا بين زيوت النباتات وهيدروكسيد الصوديوم والمواد الأروماتية مثل الـ “thyme oil” ..
كانت أحدى أكثر خصائص الصليبيين غرابة بالنسبة للمسلمين أنهم لا يغتسلون! .. الشامبو قدم في انجلترا لأول مرة حينما قام أحد المسلمين بفتح احد محلات الاستحمام بالبخار في “بريتون سيفرونت” في عام 1759 ".
وفي ذات الوقت يلفت موقع (إسلام أون لين) انتباهنا إلى أن المسلمين هم أصحاب فكرة أول فرشاة أسنان ... فقبل اختراع معجون الأسنان بدهور كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يعلم المسلمين كيفية تنظيف أسنانهم بالسواك، وقد ثبت حديثا احتواء السواك على مواد تفيد في حماية الأسنان وتطييب النفس.
إن الرجل الأوروبي الذي يأنف أن يشم رائحة فقير في آسيا أو أفريقيا، ويبدي تأففاً وامتعاضاً، ينسى – أو يتناسى – أن رائحة جيوش أوروبا كانت تُشَمُّ على بعد أميال، وأن خلفاء المسلمين وأمراءهم لم يكونوا يأذنون للسفراء الأوروبيون بالدخول عليهم إلا بعد "نقعهم" في الماء المغلي والصابون لعدة ساعات .. وهي تجربة كانت تلقي الرعب في قلوب الأوروبيين .. فأحدهم لم يستحم منذ ولدته أمه .. !!
الكيمياء الحديثة ... إسلامية
يعطينا الكاتب نموذجاً آخر لريادة المسلمين .. هذه المرة في الكيمياء ...
" التقطير ووسائل فصل السوائل من خلال الاختلافات في درجة غليانها اخترعت في حوالي العام 800 م ... كان ذلك بواسطة العالم المسلم الكبير (جابر بن حيان)، الذي قام بتحويل “الخيمياء” أو “الكيمياء القديمة” إلى “الكيمياء الحديثة” كما نعرفها الآن، مخترعا العديد من العمليات الأساسية والأدوات التي لا نزال نستخدمها حتى الآن.
السيولة والتبلور، التقطير والتنقية، الأكسدة والتبخير والترشيح .. جنباً إلى جنب مع اكتشاف الكبريت وحمض النيتريك .. كل ذلك من إنتاج المسلمين ...
اخترع (جابر بن حيان) أمبيق التقطير – تستخدم الإنجليزية لفظ alembic وهو مشتق من لفظ “إمبيق” العربي – وهو آلة تستخدم في عملية التقطير ... مقدماً للعالم العطور وبعض المنتجات الكحولية ... وقد استخدم ابن حيان التجربة المنظمة ويعتبر مكتشف الكيمياء الحديثة".
لو يعلم ابن حيان أو الرازي أو غيرهم من رواد علم الكيمياء أن المسلمين اليوم يعتمدون على غيرهم في تقطير المياه، ولولا ذلك لعطشوا حتى الموت ... وأن دول المسلمين البترولية في هذه الأيام لا تكاد تملك من تقنية تنقيته وتكريره إلا الشيء اليسير ... وآه لو علموا أن الغرب أنكر فضلهم ونسب التقدم في "الكيمياء الحديثة" كله لنفسه .. إنه الجحود والحقد .. لا شك.
هل سمعت عن مضخة الجزري؟
يشرحها لنا صاحب المقال ... فيقول:
" المضخة جهاز عبارة عن آلة من المعدن تدار بقوة الريح أو بواسطة حيوان يدور بحركة دائرية، وكان الهدف منها أن ترفع المياه من الآبار العميقة إلى سطح الأرض، وكذلك كانت تستعمل في رفع المياه من منسوب النهر إذا كان منخفضاً إلى الأماكن العليا.
صنعت بواسطة مهندس مسلم بارع يسمى (الجزري) .. هذه المضخة هي الفكرة الرئيسية التي بنيت عليها جميع المضخات المتطورة في عصرنا الحاضر والمحركات الآلية كلها ابتداء من المحرك البخاري الذي في القطار أو البواخر إلى محرك الاحتراق الداخلي الذي يعمل بالبنزين كما في السيارة والطائرة.
ويعتبر (الجزري) الأب الروحي لعلم الـ robotics والخاص بتصنيع الـrobots كما نعرفها اليوم.. من ضمن اختراعاته الخمسين الأخرى كان الـ” combination lock ” .. وهي التي نراها اليوم في طريقة قفل بعض الحقائب والخزانات باستخدام بعض الأرقام بجوار بعضها مكونة شفرة"
لم تكن أوروبا إذاً هي من اخترعت المحركات والمضخات، ولم تكن الحضارة الغربية هي صانعة الروبوتات الأولى في العالم، بل لم تكن أيضاً عملاقة الخزانات السرية الرقمية الأولى .. لقد كانا نحن المسلمين رواد كل ذلك ...
أصحاب السبق .. في التقنيات العسكرية
يرسم لنا الكاتب صورة حربية بديعة .... فيقول:
" وضع طبقة من مادة أخرى بين طبقتين من القماش تعتبر أحدى طرق الخياطة ... ومن غير المعروف إذا كانت قد ابتكرت في العالم الإسلامي أم أنها قد نشأت أولاً في الهند أو الصين ... ولكن من المؤكد أنها وصلت للغرب من خلال الصليبيين.
لقد رأى الصليبيون بعض المحاربين المسلمين يرتدون قمصانا مصنوعة بهذه الطريقة بدلاً من الدروع .. وكانت تلك القمصان مفيدة جداً كوسيلة للحماية من أسلحة الصليبيين المعدنية .. إنه أول (قميص واقي من الرصاص) في العالم.
لقد استخدم الغرب هذه الطريقة فيما بعد للوقاية من برودة الجو في دول كبريطانيا وهولندا.
وإذا كان الصينيون هم من اكتشفوا البارود واستخدموه في إشعال النيران، فإن العرب هم أول من نقّى البارود باستخدام نترات البوتاسيوم ليكون صالحاً للاستعمال الحربي, مما أصاب الصليبيين بالرعب ... في القرن الخامس عشر نجح المسلمون في اختراع أول صاروخ وأول طوربيد بحري" .
مشهور في التاريخ اختراع جيوش صلاح الدين لمادة مقاومة للنيران لحماية أبراجهم من سهام الصليبيين النارية في تحرير بيت المقدس ... وليست وسائل الحماية في الحروب فقط هي من اختراع المسلمين، بل العديد من التقنيات العسكرية كالمدافع والدبابات وغيرها، كنا نحن روادها ومخترعوها الأوائل ...
رواد المعمار ... بلا منازع
لا يجادل أحد في ريادة المسلمين للمعمار .. إلا أن يكون جاهلاً أو حاقداً ... يقول صاحبنا:
" تعد الأقواس مستدقة الطرف من أهم الخصائص المعمارية التي تميز كاتدرائيات أوروبا القوطية, فكرة هذه الأقواس ابتكرها المعماريون المسلمون ... وهي أقوى بكثير من الأقواس مستديرة الطرف والتي كان يستخدمها الرومان والنورمانيون, لأنها تساعدك على أن يكون البناء أكبر وأعلى وأكثر تعقيداً.
اقتبس الغرب من المسلمين أيضاً طريقة بناء القناطر والقباب .... قلاع أوروبا منسوخة الفكرة أيضاً من العالم الإسلامي، بداية من الشقوق الطولية في الأسوار وشرفات القلعة، مرورا بطريقة الحصن الأمامي وحواجز الأسقف، وانتهاءً بالأبراج المربعة التي كانت تسهل جدا حماية القلعة .... ويكفي أن تعرف أن المهندس المعماري الذي قام ببناء قلعة هنري الخامس كان مهندساً مسلماً".
عندما تقف أمام أحد الأبراج العملاقة أو ناطحات السحاب الشاهقة ... لا تشهق من "التقدم الغربي في المعمار" .. بل قل لمن حولك أن المسلمين هم من علموا أوروبا كيف يرفعون بنيانهم لأكثر من ثلاثة أمتار دون أن ينهار عليهم .. إنها الحقيقة.
المسلمون .. أطباء الدنيا
هل ستعجب حين تسمع ما قاله الكاتب عن المسلمين والطب ؟
" العديد من الآلات الجراحية الحديثة المستخدمة الآن لازالت بنفس التصميم الذي ابتكرها به الجراح المسلم “الزهراوي” في القرن العاشر الميلادي .. أكثر من مائتي آلة ابتكرها لازالت معروفة للجراحين اليوم قدمها الزهراوي ووصف استخداماتها في موسوعته الطبية (التصريف لمن عجز عن التأليف).
كان “الزهراوي” يجري عملية استئصال الغدة الدرقية (Thyroid) ... وذكر “الزهراوي” علاج السرطان في كتابه (التصريف) قائلاً: (متى كان السرطان في موضع يمكن استئصاله كله كالسرطان الذي يكون في الثدي أو في الفخذ ونحوهما من الأعضاء المتمكنة لإخراجه بجملته، إذا كان مبتدءاً صغيراً فافعل ... أما متى تقدم فلا ينبغي أن تقربه فاني ما استطعت أن أبرىء منه أحدا ... ولا رأيت قبلي غيري وصل إلى ذلك) ... وهي عملية لم يجرؤ أي جراح في أوربا على إجرائها إلا في القرن التاسع عشر أي بعده بتسعة قرون.
وفي القرن الثالث عشر الميلادي كان هناك طبيب مسلم آخر اسمه (ابن النفيس) يشرح الدورة الدموية الصغرى قبل أن يشرحها ويليام هارفي بـثلاثمائة عام ...!!
لقد اخترع علماء المسلمين أيضاً المسكنات من مزيج مادتي الأفيون والكحول .. وطوروا أسلوباً للحقن بواسطة الإبر لا يزال مستخدماً حتى الآن.
وفكرة التطعيم لم تبتكر بواسطة "جبنر وباستير" .. ولكن ابتكرها العالم الإسلامي ووصلت إلى أوروبا من خلال زوجة سفير بريطانيا في تركيا وتحديدا في اسطنبول عام 1724 ... الأطفال في تركيا طعِّموا ضد الجدري قبل خمسين عاما من اكتشاف الغرب لذلك! ".
ليس هذا فحسب ... يمكنك التعرف أكثر على ريادة المسلمين للطب إذا قرأت ما كتب في (إسلام أون لين) ... فأول من أنشأ المستشفيات بالصورة التي نراها الآن هم المسلمون، حيث قدموا أفضل الخدمات الطبية الممكنة بحسب زمنهم لكل الناس وبالمجان؛ لأنهم كانوا يعتقدون أن من واجبهم توفير العلاج للمرضى مهما كانوا.
وتم بناء أول مستشفى منظم في القاهرة عام 872هـ، وهو مستشفى "أحمد بن طولون" الذي كان يقدم العلاج والدواء مجانا لجميع المرضى، وكان يوفر حمامات منفصلة للرجال والنساء، وكان به مكتبة ثرية إضافة لقسم خاص للمرضى النفسيين.
وكانت إدارة المستشفى تتسلم من المرضى ملابسهم لتقوم بحفظها بعد أن يُعطوا ملابس خاصة بالمستشفى استعدادا لإقامتهم بالمستشفى، وكان لكل مريض سجل طبي خاص.
وازدهرت مثل هذه المستشفيات بسبب تنافس حكام المسلمين على بناء المراكز الطبية الأرقى في أرجاء العالم الإسلامي حتى وصلت هذه المستشفيات صقلية وشمال إفريقيا، وكانت تمول من الأوقاف الخيرية ومن خزينة الدولة.
وهل تعلم أن المسلمين هم أول من أنشأ مدرسة للصيدلة في العصور الوسطى .. وأنهم أول من أنشأ صيدلية ... فضلا عن وضع كثير من مبادئ علم الصيدلة.
بل إن أول عملية لإزالة إعتام عدسة العين "المياه البيضاء" جرت في العراق في وقت مبكر في القرن العاشر الميلادي ... ولم يخل كتاب طبي للمسلمين منذ ألف سنة من التعرض لبعض جوانب أمراض العيون ... وكان أطباء العيون المسلمون من القرن العاشر حتى القرن الثالث عشر الميلادي يجرون العمليات الجراحية ويقومون بالتشريح والبحث وكتابة النتائج التي توصلوا إليها في كتبهم ودراساتهم.
وقد كتب المسلمون العديد من المجلات الطبية المختلفة منذ 1000 سنة ولا تزال موجودة إلى الآن ... كما ألفوا العديد من الكتب التي تمت ترجمتها إلى اللغة اللاتينية، منها كتاب "القانون" لابن سينا الذي ظل مرجعا رئيسيا للطب في أوروبا والعالم لعدة قرون .. وحتى القرن التاسع عشر الميلادي كان يدرس في جامعات أوروبا.
لقد كانت أوروبا كلها تستعين بخبراء المسلمين من الأطباء والصيادلة من الأندلس وغيرها لعلاج ملوكهم وذوي الوجاهة فيهم ... ولم نكن نبخل عليهم بذلك ... لكنهم يجحدون.
طواحين الهواء .. إسلامية!
يصدعون رؤوسنا هذه الأيام بالحديث عن "الطاقة النظيفة" وكأنها من آخر اختراعاتهم ... دعونا نسمع لكاتب المقال ماذا يقول:
" اخترع المسلمون طواحين الهواء في عام 634 م .. وكانت تستخدم لطحن الذرة وري المياه في الصحراء العربية الواسعة عندما تصبح جداول المياه جافة ... كانت الرياح هي القوة الوحيدة التي تهب من اتجاه ثابت لمدة شهور ... الطواحين كانت تحتوي على 6 أو 12 من الأشرعة مغطاة بأوراق النخل ... كان هذا قبل أن تظهر طواحين الهواء في أوروبا بخمسمائة عام!
هل مازلنا في حاجة لأدلة جديدة على أننا كنا الأوائل ؟!!
الرياضيات .... الخوارزمي يرحب بكم!
يفصِّل الكاتب في ريادة المسلمين لعلم الرياضيات ... فيقول:
" نظام الترقيم المستخدم في العالم الآن ربما كان هندي الأصل .. ولكن طابع الأرقام عربي وأقدم ظهور له في بعض أعمال عالمي الرياضة المسلمين الخوارزمي والكندي حوالي العام 825 .... سميت “Algebra ” على اسم كتاب الخوارزمي “الجبر والمقابلة” والذي لا يزال الكثير من محتوياته تستخدم حالياً .... الأفكار والنظريات التي توصل لها علماء الرياضيات المسلمين نقلت إلى أوروبا بعد ذلك بـ300 عام على يد العالم الإيطالي فيبوناشي ..... إن الـ ” Algorithms” وعلم المثلثات من العلوم التي نشأت في العالم الإسلامي.
على هذه العلوم بنت الحضارة الحديثة كل مجالات التقدم التكنولوجي في الحاسوب والفضاء والأجهزة الكهربائية والمعمار وغيرها ... لقد أعطاهم المسلمون "الأساس" .. فجحدوا فضلهم.
الرفاهية والفخامة والاتيكيت .. منتجات إسلامية !
لا يظنن ظان أن الحضارة الإسلامية كان لها السبق فقط في مجالات الحرب والطب والعلم ... لا .. بل حتى في الرفاهية والفخامة و"الاتيكيت" كنا نحن الأوائل .. استمعوا ما يقول:
" علي بن نفيس والمعروف باسم “زيراب” .. قدم من العراق إلى قرطبة في القرن التاسع الميلادي، وعرّف الغرب لأول مرة بمبدأ الثلاث وجبات اليومية .. وقدّم أيضاً البلور أو الزجاج الشفاف لأول مرة والذي تم اختراعه بعد عدة تجارب بواسطة عباس بن فرناس.
بين التفنن في حياكة السجاجيد .. والأراضي المليئة بمخلفات الحيوانات … هكذا كان المسلمون وهكذا كانوا في أوروبا! ...
بواسطة تقدمهم العالي في فنون الحياكة، ووجود أصباغ جديدة بفضل تقدم المسلمون في الكيمياء، بالإضافة لوجود الحس العالي في استخدام النقوش والتي كانت أساسا للفن الإسلامي غير التصويري ... برع المسلمون في صناعة السجاجيد وغيرها.
على العكس في الجهة الأخرى كانت الأرضيات في أوروبا بوضوح بلا أغطية حتى وصلتها السجاجيد العربية والفارسية والتي قدمت في انجلترا .... كما سجل "إيسراموس” أن الأرضيات كانت مفروشة بالحشائش .. ونادراً ما تجدد .. وأحياناً كثيرة كانت تترك مخلفات البشر والحيوانات وفتات الأطعمة في الشوارع ."
بل أضيف إليكم أن المسلمين هم من اخترعوا أدوات الطعام من الملاعق والشوكات والسكاكين وغيرها، ووصفوا طرق استعمالها والبروتكول الخاص بالطعام والشراب والضيافة ... لقد اهتمت حضارتنا بأدق الأمور ... فهل يقرون بذلك؟
المسلمون والفلك
حين نأتي لمجال الفلك ... فحدث ولا حرج عن سبق الحضارة الإسلامية ... استمع لكاتبنا:
" في القرن التاسع عشر قال الكثير من علماء المسلمين أن الأرض كروية ... وكان الدليل كما قال الفلكي “ابن حزم” أن الشمس دائما ما تكون عمودية على نقطة محددة على الأرض ... كان ذلك قبل أن يكتشف "جاليليو" ذات النقطة بـ500 عام .. ( نلاحظ أن ابن حزم لم يعدم لقوله هذا عكس ما حدث مع جاليليو من الكنيسة!) .
وكانت حسابات الفلكيين المسلمين دقيقة جدا ... ففي القرن التاسع حسبوا محيط الأرض ليجدوه 40,253.4 كيلومتر وهو أقل من المحيط الفعلي بـ200 كيلومتر فقط! ... رسم العالم الإدريسي رسما دقيقاً للكرة الأرضية لأحد الملوك في عام 1139 ميلادية".
بل ولتقرأ معي ما كتب عن هذا المجال الهام في "إسلام أون لين" ... ليزداد تعجبك:
" لقد كان الفلك محور اهتمام علماء المسلمين منذ أكثر من ألف سنة، وتعد الإنجازات التي حققها المسلمون في هذا المجال أساسا للتطور الذي طرأ بعد ذلك على هذا العلم في أوروبا ... وعلى الرغم من أن البولندي كوبرنيكوس هو مؤسس علم الفلك الحديث، لكن المؤرخين أثبتوا أخيرا أن معظم نظرياته اعتمدت على نظريات نصير الدين الطوسي وابن الشاطر ... فنظرية الكواكب والنماذج لابن الشاطر مطابقة تماما لتلك التي أعدها كوبرنيكوس بعده بأكثر من قرن، الأمر الذي أثار جدلا حول كيفية حصول كوبرنيكوس على تلك المعلومات.
وقد أطلق مؤرخو علم الفلك على الفترة الزمنية من القرن الثامن إلى القرن الرابع عشر الميلادي اسم "الحقبة الإسلامية"، حيث إن أغلبية الدراسات المتعلقة بالنجوم في هذه الفترة كانت تتم في العالم الإسلامي.
وهل تعلم أن "إسطرلاب" كلمة عربية الأصل، وهي الآلة المستخدمة لرصد النجوم، وقد استخدمها علماء الفلك المسلمون على نطاق واسع، وظلت معروفة في العالم الإسلامي حتى القرن التاسع عشر الميلادي ... وذكر عبد الرحمن الصوفي، وهو واحد من أشهر علماء الفلك في العالم الإسلامي في القرن العاشر الميلادي، في كتاباته أكثر من ألف استخدام للإسطرلاب.
بل إن أول مرصد للنجوم إسلامي المنشأ ... فقد أعطى الخليفة المأمون، الذي حكم بغداد خلال الفترة بين 813 حتى 833م، أهمية خاصة لعلم الفلك ليتبوأ مكانة رفيعة بين العلوم، وبنى أول مرصد في الإسلام ... بل يمكن القول إنه بنى أول مرصد في العالم أو في التاريخ".
حين وضع الأميركيون أول قدم للإنسان على سطح القمر ملأوا الدنيا بأحاديثهم عن مجد الحضارة الأمير كية وتقدمها ... ولو صدقوا لردوا الفضل إلى أهله من علماء المسلمين الرواد في مجال الفلك، الذين مهدوا لهم هذا الطريق ... ولكنهم لا يَصدُقون.
ومجالات أخرى عديدة
ليست هذه هي كل مجالات التقدم الإسلامي في العلوم والآداب، بل هذا غيض من فيض ... ولنستمع لمجالات أخرى ربما لم تخطر على بال أحد .. سطرها كاتبنا وموقعنا أيضاً:
" فالقلم الجاف اخترع في مصر أول مرة لأجل السلطان في عام 953 .. حينما طلب قلما لا يلوث يداه أو ملابسه ... وكان القلم يحتوي على الحبر في خزانة مثل الأقلام الحديثة .
والشيكات أيضاً إسلامية المنشأ ... فكلمة “Cheque” الغربية أتت في الأصل من الكلمة العربية “صك” , وهي عبارة عن وصل مكتوب يستخدم لشراء السلع, وذلك لتفادي مشاكل نقل الأموال وتعرضها للمناطق الخطرة .. في القرن التاسع عشر كان يستطيع رجل الأعمال المسلم أن يدفع في الصين بواسطة شيك لبنك في بغداد!!
واختراع الحدائق من فضائل المسلمين ... ففي العصور الوسطى كان لدي الأوروبيون حدائق عشبية, ولكنهم كانوا العرب هم من طوروا فكرة الحديقة كمكان للجمال والتأمل".
" أما الموسيقى فللمسلمين السبق فيها ... فقد اخترع المسلمون العود والعديد من آلات الموسيقية، كما أن النوتة الموسيقية تستخدم حتى الآن أبجديات عربية.
وفي مجال التعليم سبق المسلمون غيرهم في تأسيس نظام تعليمي حديث ... حيث ظهرت أولى الجامعات منذ أكثر من ألف عام مضت عبر المساجد، حيث كان العلم الديني والعلم الدينوي يدرسان جنبا إلى جنب ... وتعد فاطمة بنت محمد الفهري هي مؤسسة أول جامعة في تاريخ العالم وهي جامعة القرويين بمدينة فاس بالمغرب.
أول منحة دراسية كانت من صنع المسلمين ... فالمؤسسات الخيرية الإسلامية "الأوقاف" كانت أول من أرسى نظام المنح الدراسية لدعم الطلبة ومساعدتهم على تحمل أعباء الدراسة.
وقد سبق العلامة السوري الأعمى "زين الدين العميدي" لويس برايل بـ600عام وأنشأ أسلوبا خاصا لقراءة المكفوفين.
وبعد ...
أكاد أسمع من يتمتم بشفتيه بقول الشاعر:
ليس الفتى من قال "كان أبي" إن الفتى من قال "ها أنا ذا"
والحق ... أني ما أردت بهذه الكلمات أن أجتر معكم آلام أمتنا، ولا أن أفاخر بآبائي وأجدادي – وحق لي أن أفعل إن أردت - .. وما قصدت أبداً أن أهرب إلى الماضي من واقع أليم أعيش معاناته كل يوم، ولا أن أحتكر العلم والحضارة للمسلمين وحدهم دون غيرهم كما يفعل الغرب ... أقسم أني ما أردت شيئاً من كل هذا ...
فقط أردت أن أقول ... أننا صنعنا الحضارة، وملكنا زمام العلم، حين توكلنا على ربنا، ووثقنا بأنفسنا، وأخذنا بأسباب التقدم ... وأننا قادرون إن فعلنا نفس الشيء أن نصل إلى نفس النتائج .. وأفضل.
أردت فقط أن أهمس في أذن الشباب ... " لقد كنا الأوائل ... والمستقبل لنا بإذن الله " ...
د. أشرف نجم
الكويت – فبراير 2010
0 التعليقات:
إرسال تعليق