
ثم ألف بين قلوبكم بنعمة الإسلام وأخوة الإيمان، فناداكم القرآن الكريم: “ إنما المؤمنون إخوة “ ( الحجرات: 10 )، ومن عليكم بهذه النعمة فقال:“ واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداءاً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً “ ( آل عمران: 103 ).
وقوله: “ لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً “.
ووعدكم الله على ذلك جزيل الثواب، وعظيم الأجر، فقال تعالى: “ أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم “ ( التوبة: 71 )، فماذا فعلتم فى هذه الأخوة يا عباد الله ؟ نسيتم حقوقها، وأهملتم أمرها، وقطعتم رابطتها، وفككتم أوصالها، وأصبح المسلمون اليوم مختلفة قلوبهم، مشتتة أهواؤهم، متباعدة عواطفهم بعد أن كانوا على قلب رجل واحد.
فماذا يكون جوابكم إذا وقفتم بين يدى ربكم فسألكم:
أمرتكم بالأخوة فهل تآخيتم ؟
وأمرتكم بالمحبة فيما بينكم فهل تحاببتم ؟
وأمرتكم بالتواصل والتراحم والتعارف فهل تواصلتم وتراحمتم ؟
وكيف يكون موقفكم إذا سألكم الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك فلم تجدوا لسؤاله جواباً ؟
علام تنسون الأخوة والحب يا عباد الله ؟
أتتحاسدون والحسد لا يغنى ولا يفيد ؟
أتتباغضون والبغض لا ينتج إلا العناء الشديد ؟
أم تتنافسون على حطام هذه الدنيا وهو ظل زائل وعرض حائل، وما عندكم نفد وما عند الله باق ؟.
فاتقوا الله عباد الله، وصلوا ما أمر به أن يوصل، وكونوا من المؤمنين الذين وصفهم الله بالحب والأخوة، ولا تكونوا كالمنافقين الذين وصفهم الله تعالى بقوله: “ تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون “ ( الحشر: 14 ).
تحابوا فيما بينكم، وتواصلوا وتوادوا، واتركوا البغضاء والشحناء والأحقاد والخصومات، وأريحوا ضمائركم وقلوبكم من عناء التخاصم والتشاحن، وأسعدوا قلوبكم بسعادة المحبة والتوادد، فإن أسعد الناس يوم القيامة رجل أسلم لله وجهه، وأخلص للناس قوله وعمله.
وتصوروا شخصين
أحدهم يألف الناس ويألفونه ويحبهم ويحبونه،
والآخر: كثير الأعداء دائم البغضاء،
أيهما أصلح حالاً وأسعد بالاً وأهنأ ضميراً وأسلم عاقبة ؟.
ذلك فى الدنيا، فما بالكم بالآخرة، وقد ورد فى الحديث: “ إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم “ ؟.
“ أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير “ ( آل عمران: 162 ).
فاتقوا الله عباد الله، وأصلحوا ذات بينكم واشتغلوا بربكم وطهروا سرائركم، واذكروا يوماً ترجعون فيه إلى الله، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، “ ما من مسلمين يلتقيان فيسلم أحدهما على الآخر ويتصافحان إلا كان أحبهما إلى الله أحسنهما بشراً بصاحبه “.